تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إن اتهام أئمة العلم بالقدح في الرواة دون مبرر من قبل السبكي وابن ممدوح، تعالم منهما لهوى في نفسيهما. على أن الأئمة لم يجهلوا كون حفص من القرّاء، وإليك أقوال من وصفهم السبكي بالإسراف والمعترض بالمبالغة، في حق حفص بن سليمان:

قال الدارمي عن ابن معين في: "وسألته عن حفص بن سليمان الأسدي الكوفي كيف حديثه؟ فقال: ليس بثقة".وقال البخاري: "تركوه". وقال مسلم: "متروك الحديث". وقال الجوزجاني: "قد فرغ منه منذ دهر". وقال عنه عبدالله بن أحمد بن حنبل: "سمعت أبي يقول: حفص بن سليمان يعني أبا عمر القارىء متروك الحديث". كما ذكر عن أبيه عن شعبة أنه قال: "أخذ مني حفص بن سليمان كتابا فلم يرده وكان يأخذ كتب الناس فينسخها". كما اتهمه بذلك ابن أبي حاتم فقال: "أخذ منى حفص بن سليمان كتابا فلم يرده، قال: وكان يأخذ كتب الناس فينسخها". وقال ابن حبان: "كان يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل وكان يأخذ كتب الناس فينسخها ويرويها سماع". وقال النسائي: "متروك الحديث". وذكر الخطيب عن علي بن المديني أنه قال: "متروك ضعيف الحديث وتركته على عمد". كما ذكر عن أبي علي صالح بن محمد أنه قال: "لا يكتب حديثه هو المقرىء كان يتيما في حجر عاصم بن أبي النجود أحاديثه كلها مناكير". كما ذكر عن عبد الرحمن بن يوسف بن خراش أنه قال: "حفص بن سليمان كذاب متروك يضع الحديث". كما ذكر عن يحيى الساجي أنه قال: "أحاديثه بواطل". وذكر الذهبي عن الدارقطني أنه قال: "ثبتا في القراءة واهيا في الحديث".

انظر على الترتيب: - تاريخ ابن معين (1/ 97). التاريخ الكبير (2/ 363). الكنى والأسماء (1/ 540 ت 2164). أحوال الرجال (ص 110). العلل ومعرفة الرجال (1/ 401). المصدر السابق (2/ 42). الجرح والتعديل (1/ 140). المجروحين (1/ 255). الضعفاء (ص 31 ت 134). تاريخ بغداد (8/ 186). سير أعلام النبلاء (5/ 260) -.

فهؤلاء أربعة عشر إماما نقل أقوالهم أئمة مثلهم في حق (حفص بن سليمان)، لم يجهلوا كونه من أئمة القراء. ثم ذكر المعترض أن حفص بن سليمان له متابعات، تقوى الحديث السابق وتعضده، وهو ما سنتكلم عليه:

متابعات

لحفص بن سليمان متابعان، لكن لايفرح بهما لشدة ضعف إسناديهما:

الأولى: عن علي بن الحسن بن هارون الأنصاري.

أخرجها الطبراني المعجم الكبير (12/ 406) قال: (حدثنا أحمد بن رشدين ثنا علي بن الحسن بن هارون الأنصاري ثنا الليث بن بنت الليث بن أبي سليم قال حدثتني جدتي عائشة بنت يونس امرأة الليث عن ليث…به).

سند ظلمات بعضها فوق بعض، وله عدة علل:

1. "أحمد بن رشدين"، وهو أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين المصري، أبو جعفر.

قال ابن عدي: كذبوه وأنكرت عليه أشياء. وقال: سمعت محمد بن سعد السعدي يقول: سمعت أحمد بن شعيب النسائي يقول: كان عندي أخو ميمون وعدة، فدخل ابن رشدين يعني أبا جعفر، فصفقوا به وقالوا له: يا كذاب! فقال لي ابن رشدين: ألا ترى ما يقول هؤلاء؟ فقال له أخو ميمون: أليس أحمد بن صالح أمامك! قال: بلى. فقال: سمعت علي بن سهل يقول: سمعت أحمد بن صالح يقول: إنك كذاب. وقال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل: سمعت منه بمصر، ولم أحدث عنه لما تكلموا فيه. وقال ابن يونس: وكان من حفاظ الحديث وأهل الصنعة. وقال مسلمة في الصلة: حدثنا عنه غير واحد، وكان ثقة عالما بالحديث. وذكروه ضمن الوضاعين للحديث.

انظر لسان ميزان الإعتدال (1/ 257). الكشف الحثيث (ص 58)، تنزيه الشريعة (1/ 32).

2. "علي بن الحسن بن هارون، والليث ابن بنت الليث، وعائشة بنت يونس".

ثلاثتهم لم أقف على تراجمهم. قال الهيثمي مجمع الزوائد (4/ 2): "رواه الطبراني في الصغير والأوسط، وفيه عائشة بنت يونس ولم أجد من ترجمها". وقال الحافظ تلخيص الحبير (2/ 267).: "أما رواية الطبراني: ففيها من لايعرف".

الثانية: عن جعفر بن سليمان الضبعي.

ذكرها ابن عبدالهادي في (الصارم ص 98) فقال: (قال أبو بكر محمد بن عمر بن خلف بن زنبور الكاغدي، أخبرنا محمد بن السري بن عثمان التمار، حدثنا نصر بن شعيب مولى العبيديين، حدثنا أبي، حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي، عن ليث…به).

علل المتابعة

1. "أبو بكر محمد بن عمر بن خلف بن زنبور الكاغدي".

قال الخطيب في تاريخه (3/ 35): "كان ضعيفا جدا. سألت الأزهري عن ابن زنبور فقال ضعيف في روايته عن ابن منيع". وذكر عن العتيقي أنه قال: "فيه تساهل".

2. "محمد بن السري بن عثمان التمار".

قال الذهبي في الميزان (3/ 559).: "يروي المناكير والبلايا ليس بشيء". وقال ابن حجر في لسان ميزان (1/ 172)، ترجمة أحمد بن روح البزاز: "كان مخلطا".

3. "نصر بن شعيب".

قال الذهبي في ميزان الإعتدال (4/ 251): "ضُعِّف".

4. "جعفر بن سليمان الضبعي".

قال ابن عبدالهادي في الصارم (ص 98): "هكذا وقع في هذه الرواية جعفر بن سليمان الضبعي، وذلك خطأ قبيح ووهم فاحش، والصواب حفص بن سليمان، وهو حفص بن أبي داود القاري، والحديث حديثه وبه يعرف ومن أجله يُضعف، ولم يتابعه عليه ثقة يحتج به. وهذا التصحيف الذي وقع في هذا الإسناد هو من بعض هؤلاء الشيوخ الذين لايعتمد على نقلهم، ولا يحتج بروايتهم".

وعلى فرض عدم التصحيف، وأن الرواي هو جعفر الضبعي، وإن كان ثقة فقد تكلم فيه بعضهم وأنكروا عليه بعض ما روى، قال الذهبي في المغني في الضعفاء (1/ 132): "صدوق صالح ثقة مشهور، ضعفه يحيى القطان وغيره فيه تشيع، وله ما ينكر وكان لا يكتب".

الرد على المعترض صاحب كتاب رفع المنارة

لم يفرح المعترض بهاتين المتابعتين، إذ لم يستطع دفع ما قيل في بعض رواتهما، واكتفي بقوله في المتابعة الثانية (ص 280).: "وهذا الإسناد ضعيف بسبب أبي بكر محمد بن السري بن عثمان التمار"، وذكر قول الذهبي فيه، وقول ابن عساكر أن جعفر وهم والصحيح "حفص".

قلت: تقيده ضعف الإسناد بـ "أبي بكر محمد بن السري"، تعالم، فالسند فيه ثلاثة رواة متكلم فيهم غير أبي بكر التمار كما حققناه آنفا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير