تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وسيأتي الكلام على مسلم بن سالم الجهني، عند كلامنا على متابعة موسى بن هلال.

الثانية: "عبدالله بن عمر بن حفص العمري".

أختلفت فيه أقوال الأئمة: كابن معين، ذكر عنه ابن عدي (4/ 1459 – 1461) أنه: "ضعفه مرة، ومرة قال: ليس به بأس يكتب حديثه"، كما ذكر عنه لما سئل عن حاله في نافع فقال: "صالح ثقة". واقتصر الخطيب في تاريخه (10/ 19) على قوله: "صالح"، فقط. واختلفت فيه أقوال أحمد بن حنبل، فنقل عنه ابن عدي في الكامل (4/ 1459 – 1461) قوله: (صالح قد روي عنه، لابأس به، وقال المروزي عنه: لم يرضه، وقال: لين الحديث، ونقل عن أبي زرعة: قيل لابن حنبل: فكيف حديث عبدالله بن عمر؟ فقال: كان يزيد في الأسانيد ويخالف، وكان رجلا صالحا). ووافق ابن حبان في المجروحين (2/ 7)، أحمد فيما نقله أبو زرعة.

وقال الحافظ في التهذيب (5/ 326 - 328): "وقال يعقوب بن شيبة: ثقة صدوق في حديثه اضطراب. وقال العجلي: لابأس به. وقال أحمد بن يونس: لو رأيت هيئته لعرفت أنه ثقة. وقال الخليلي: ثقة غير أن الحفاظ لم يرضوه. وقال صالح جزرة: لين مختلط. وقال ابن سعد: كان كثير الحديث يستضعف. وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به. وقال الترمذي في علله الكبير عن البخاري: ذاهب لا أروي عنه شيئا. وقال أبو أحمد الحاكم: ليس بالقوي. وقال النسائي: ضعيف الحديث".

قال مقيده عفا الله عنه: فالرجل عداده في الضعفاء المتروك حديثهم، ولم يستقر عليه رأي الأئمة المتشددين والمتساهلين، ولأجله طعن الأئمة في حديثه وأنكروه وتبراوا منه.

الرد على المعترض صاحب كتاب رفع المنارة

شرِق المعترض برد أئمة الجرح والتعديل لأحاديث الزيارة، فطفق يعمل كحاطب ليل يجمع الحطب والخشب والهش والقش والروث والغث في تقوية الحديث، وتبجح عليهم بما لايليق، وظن نفسه – وبعض الظن إثم – أنه من أعلم أهل الأرض بالحديث وعلومه، فقال (ص 229):

"وقد صححه عبدالحق الإشبيلي، وصححه أو حسنه السبكي في (شفاء السقام)، والسيوطي في (مناهل الصفا في تخريج أحاديث الشفا) ".

قال مقيده عفا الله عنه: التحقيق العلمي يقتضي البحث والتحري والتقصي والتوثيق، وعدم سوق الكلام على عواهنه مع التلفيق، إذ هذا شأن أهل البدع والأهواء. وأما قوله: "صححه عبدالحق"، دعوى عارية عن التحقيق وتعالم، والذي ذكره ابن حجر عنه خلاف ذلك فكشف عوار المعترض، ففي لسان الميزان (6/ 135): "عن موسى بن هلال عن عبد الله بن عمر مكبرا، فأورده عبد الحق في الأحكام من طريقه وسكت عليه، فتعقبه ابن القطان وقال: الظاهر أنه لم يسكت عنه تصحيحا وانما تسامح فيه لأنه من الحث أو الترغيب، ثم ذكر كلامهم في موسى بن هلال، وقال: الحق أنه لم تثبت عدالته". فأين التصحيح المزعوم؟

وأما قوله: "صححه السبكي"، فهذا لاعبرة به ولا يعتد به عند التحقيق، إذ السبكي ليس من أهل تصحيح الأحاديث، يُعرف ذلك من سَوقِه أحاديث الزيارة على عواهنها في كتابه الشفاء، حيث ظن ـ وبعض الظن إثم ـ أن كثرة الطرق مدعاة لتصحيح الحديث وهذا ليس على إطلاقه، وديدن أهل العلم المحققين نقد الأحاديث وطرقها مع البيان.

وأما زعمه تصحيح السيوطي له في "مناهل الصفا" خيانة علمية، فالسيوطي لم يحسِّن الحديث أو يصححه، وعبارته فيه (ص 208 ح 1115): "…ابن خزيمة في صحيحه متوقفا في ثبوته، والبزار والطبراني، وله طرق وشواهد حسَّنه الذهبي لأجلها". فأين تصحيح السيوطي؟ ثم إن الذهبي لم يحسن هذا الحديث كما زعم السيوطي، بل حكم بنكارته كما ذكرنا ذلك عنه آنفا عند كلامه على "موسى بن هلال" وعبارته: "وأنكر ما عنده حديثه عن عبدالله بن عمر" انظر ميزان الإعتدال (4/ 226). ويؤيد ذلك نقل السخاوي عن الذهبي قوله: "طرقه كلها لينة". انظر المقاصد الحسنة (ص 410).

وبعد ما تقدم من العلل القادحة التي صرح بها أئمة هذا الشأن في الحديث، تعالم المعترض فقال (ص 229): "وقد أُعل هذا الحديث بعلل لا يصح منها شيء".

فأقول للمعترض: يغنيك عن قول قبيح تركه قد يوهن الرأي الصحيح شكه. وقد مرت علل قوادح.

ثم قال المعترض (ص 234): "والحاصل مما سبق أن إطلاق جهالة الحال على موسى بن هلال، من ابن عبدالهادي في الصارم (ص 32) فيها نظر ظاهر، وانظر إلى المقال ولا تنظر لمن قال، فإذا وافق المقال القواعد فهو الحق، وإن خالفه فهو مما لايلتفت إليه والله المستعان".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير