تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وعلى رغم ماقاله الأئمة في هذين الراويين، إلا أن السبكي غض الطرف عن ذلك فقال في شفاء السقام (ص 14): "وإذا كان المقصود من هذا الحديث تقوية الأول به وشهادته له، لم يضر ما قيل في هذين الرجلين، إذ ليس راجعا إلى تهمة كذب ولا فسق، ومثل هذا يحتمل في المتابعات والشواهد". فنَقَد العلامة الإمام ابن عبدالهادي كلام السبكي السابق فقال (ص 56): "ولو ذكر بدل هذا الحشو ما يتعلق بعلة الحديث، وتحرير القول في إسناده لكان أحسن وأولى، وإنما ذكرت مثل هذا عن المعترض وإن كان فيه تطويل للتنبيه على أنه يطول بمثله الكلام على الأحاديث في كثير من المواضع".

قال مقيده عفا الله عنه: هذا الحديث حاله كحال بعض راوته، وأدنى طلبة العلم معرفة بعلم الحديث يستطيع الحكم عليه بأنه حديث واه منكر موضوع على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ليس عليه من عَبق النبوة شيء، إذ لا يعقل أن عدم زيارة قبره - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تمنع من شفاعته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وهذا لايقوله عاقل، لأنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أول الشافعين لأمته في المحشر. انظر صحيح مسلم (الإيمان ح 196).

الرد على المعترض صاحب كتاب "رفع المنارة" من بدهيات المشتغلين بعلم الحديث عند تحقيق حديث ما، جمع شواهده ومتابعاته وطرقه في موضع واحد، ليفسر بعضه بعضا، وللحكم عليه صحة وضعفا قبولا وردا، لكن المعترض فاتته هذه البديهة لغرض ينصره وبدعة يعتقدها، إذ من المفترض ذكر هذا الحديث مع الحديث الثاني الذي علته "موسى بن هلال"، لأنه من متابعاته، فذكر هذا الحديث وتكلم عليه فيه (ص 285)، وتكلم على حديث "موسى بن هلال" من (ص 229 حتى ص 263)، ثم تكلم بعده على أحاديث ابن عباس وأنس وبكر بن عبدالله وحاطب وعمر رضي الله عنهم من (ص 264 وحتى ص 278)، ثم عاد في (ص 278 حتى ص 281) فتكلم على حديث "حفص بن سليمان" وهو أول حديث من أحاديث ابن عمر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - تكلمنا عليه في كتابنا هذا. ثم ذكر حديث ابن مسعود 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - بعده حتى (ص 283)، ثم ذكر بعده حديثا لابن عمر في جفوة من لم يزره بعد الحج من (ص 283 ص 285)، ثم ذكر بعده الحديث الذي نحن بصدده هنا.

ولما كانت علل أحاديث ابن عمر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -، تمنع من تقويتها والقول بحسنها عند التحقيق، فرقها المعترض في ثنايا كتابه ليشتت ذهن القارئ ظنا منه _ وبعض الظن إثم _ أن ذلك ينفعه في تحسين حال الحديث. ومع ذلك لم يستطع المعترض التهويل والشغب لتحسينه كما فعل في سابقه.

الحديث الرابع

(من زارني إلى المدينة كنت له شفيعا أو شهيدا).

حديث مختلق على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، أخرجه الدارقطني في علله، قال: (حدثنا جعفر بن محمد الواسطي، حدثنا موسى بن هارون، حدثنا محمد بن الحسن الختلي، حدثنا عبدالرحمن بن المبارك، حدثنا عون بن موسى، عن أيوب عن نافع عن ابن عمر .. ). عزاه له ابن عبدالهادي والسبكي. انظر الصارم المنكي (ص 128). شفاء السقام (ص 28). وقال الأخير: "وإنما لم أفرد هذا الحديث بترجمة لأن نسخة العلل للدارقطني التي نقلت منها سقيمة". فقال ابن عبدالهادي معقبا عليه:

"والجواب أن يقال: هذا اللفظ المذكور غلط في هذا الحديث، حديث نافع عن ابن عمر، ولفظ الزيارة فيه غير محفوظ، ولو كان محفوظا لم يكن فيه حجة على محل النزاع، والمحفوظ في هذا عن أيوب السختياني، ما رواه هشام الدستوائي وسفيان بن موسى عنه عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (من أستطاع أن يموت بالمدينة فليمت، فإنه من مات بها كنت له شفيعا أو شهيدا). هذا هو حديث أيوب عن نافع، ليس فيه ذكر الزيارة أصلا… إلى أن قال: ... وقد وقف هذا المعترض على ما ذكره الدارقطني في كتاب العلل من الإختلاف في إسناد الحديث ومتنه، ولم ينقل منه إلا طريقا واحدا أخطأ فيه الراوي، ولفظا واحدا وهم فيه الناقل، وأعرض عن ذكر الطرق الواضحة والألفاظ الصحيحة، وهل هذا إلا عين الخذلان أن ينظر الرجل في ألفاظ الحديث وطرقه في موضع واحد فينقل منها الضعيف السقيم ويدع القوي الصحيح من غير بيان لذلك، ثم يعتل بأن النسخة التي نقل منها سقيمة".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير