ـ[عبدالغفار بن محمد]ــــــــ[17 - 02 - 05, 02:30 م]ـ
الحلقة الأخيرة
زيارة بلال بن رباح 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - وآذانه بالمدينة
عن أبي الدرداء قال: (لما دخل عمر بن الخطاب الجابية، سأل بلال أن يقدم الشام ففعل ذلك، قال: وأخي أبو رويحة الذي آخى بينه وبيني رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فنزل داريا في خولان فأقبل هو وأخوه إلى قوم من خولان، فقال لهم: قد جئناكم خاطبين وقد كنا كافرين فهدانا الله، ومملوكين فأعتقنا الله وفقيرين فأغنانا الله، فإن تزوجونا فالحمد لله، وأن تردونا فلا حول ولا قوة إلا بالله فزوجوهما، ثم إن بلالا رأى في منامه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وهو يقول له: ما هذه الجفوة يا بلال أما ان لك أن تزورني يا بلال؟ فانتبه حزينا وجلا خائفا، فركب راحلته وقصد المدينة، فأتى قبر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فجعل يبكي عنده ويمرغ وجهه عليه، وأقبل الحسن والحسين فجعل يضمهما ويقبلهما، فقالا له: يا بلال نشتهي نسمع أذانك الذي كنت تؤذنه لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في السحر ففعل، فعلا سطح المسجد فوقف موقفه الذي كان يقف فيه، فلما أن قال: الله أكبر الله أكبر أرتجت المدينة، فلما أن قال: أشهد أن لا إله إلا الله زاد تعاجيجها، فلما أن قال: أشهد أن محمدا رسول الله، خرج العواتق من خدورهن، فقالوا: أَبُعث رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -! فما رئي يومئذ أكثر باكيا ولا باكية بعد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من ذلك اليوم).
قصة مكذوبة موضوعة،
أخرجها ابن عساكر في تاريخ دمشق (7/ 137)، قال: "أنبأنا أبو محمد بن الأكفاني، نا عبد العزيز بن أحمد، أنا تمام بن محمد نا محمد بن سليمان، نا محمد بن الفيض، نا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن سليمان بن بلال بن أبي الدرداء، حدثني أبي محمد بن سليمان، عن أبيه سليمان بن بلال، عن أم الدرداء عن أبي الدرداء…". وعزاها السبكي له في شفاء السقام (ص 55)
من طريق محمد بن الفيض به…، وقال: "روينا ذلك بإسناد جيد إليه، وهو نص في الباب".
علل القصة1. "أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن سليمان".
قال الحافظ في اللسان (1/ 107): "إبراهيم بن محمد بن سليمان بن بلال بن أبي الدرداء، فيه جهالة حدث عنه محمد بن الفيض الغساني. ترجم له ابن عساكر، ثم ساق من روايته عن أبيه، عن جده عن أم الدرداء عن أبي الدرداء، في قصة رحيل بلال إلى الشام، وفي قصة مجيئه إلى المدينة وأذانه بها، وارتجاج المدينة بالبكاء لأجل ذلك، وهي قصة بينة الوضع ". وذكره ابن عراق في تنزيه الشريعة (1/ 24) ضمن الوضاعين للحديث النبوي.
2. "سليمان بن بلال".
لم أقف على ترجمته. وقال ابن عبدالهادي في الصارم المنكي (ص 320): "رجل غير معروف، بل هو مجهول الحال قليل الرواية، لم يشتهر بحمل العلم ونقله، ولم يوثقه أحد من الأئمة فيما علمناه، ولم يذكر له البخاري ترجمة في كتابه، وكذا ابن أبي حاتم، ولا يعرف له سماع من أم الدرداء".
الرد على المعترض صاحب كتاب رفع المنارة
قال مقيده عفا الله: عجبت لأمر السبكي كيف جوَّد إسناد هذه القصة المكذوبة، والأعجب تعامي المتعالم ابن ممدوح صاحب كتاب رفع المنارة عن تعقب هفواته، وحرصه على تعقب ابن عبدالهادي في تحقيقاته.
قصة بينة الوضع على رأي ابن حجر، طعن فيها الأئمة المحققون قبله. قال الذهبي في السير (1/ 357): "إسناده لين، وهو منكر". وقال ابن عبدالهادي الصارم المنكي (ص 314: "وهو أثر غريب منكر، وإسناده مجهول فيه إنقطاع". كما حكم بوضعها ابن عراق في تنزيه الشريعة (1/ 24).
قال ابن حزم في المحلى (3/ 152): "لم يؤذن بلال لأحد بعد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إلا مرة واحدة بالشام للظهر والعصر فقط، ولم يشفع الأذان".
ترى فأين الجودة التي زعمها السبكي، وهل مثلها نص في الباب؟ فإن دل فإنما يدل على جهل السبكي بأبسط قواعد علم الحديث، ثم أين المعترض المتعالم عن نقد السبكي على أبسط قواعد علوم الحديث التي خالفها!!
¥