تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الشرط الثاني: أن يكون حسن المبنى والمعنى لغة وشرعاً، ويخرج بهذا كل اسم محرم أو مكروه، إما في لفظه أو معناه أو فيهما كليهما، وإن كان جارياً في نظام العربية، كالتسمي بما معناه التزكية، أو المذمة، أو السب، بل يسمى بما كان صدقاً وحقاً.

قال الطبري رحمه الله: " لا ينبغي التسمية باسم قبيح المعنى، ولا باسم يقتضي التزكية له، ولا باسم معناه السب، ولو كانت الأسماء إنما هي أعلام للأشخاص، ولا يقصد بها حقيقة الصفة. لكن وجه الكراهة أن يسمع سامع بالاسم، فيظن أنه صفة للمسمى، فلذلك كان صلى الله عليه وسلم يحول الاسم إلى ما إذا دعى به صاحبه كان صدقاً ".

قال: " وقد غير رسول الله ? عدة أسماء " انتهى.

وللأسماء أيضا جملة آداب يحسن أخذها بالاعتبار ما أمكن:

1 - الحرص على اختيار الاسم الأحب فالمحبوب حسبما سبق من بيان لمراتبه في الأصل السادس.

2 - مراعاة قلة حروف الاسم ما أمكن.

3 - مراعاة خفة النطق به على الألسن.

4 - مراعاة التسمية بما يسرع تمكنه من سمع السامع.

5 - مراعاة الملائمة، فلا يكون الاسم خارجاً عن أسماء، أهل طبقته وملته وأهل مرتبته.

وهذا أدب مهم رفيع، وإحساس مرهف لطيف، نبه عليه العلامة الماوردي رحمه الله في كتابه "نصيحة الملوك". (ص167) فقال:

" فإذا ولد المولود، فإن من أول كراماته له وبره به أن يحليه باسم حسن وكنية لطيفة شريفة، فإن للاسم الحسن موقعاً في النفوس مع أول سماعه.

وكذلك أمر الله عباده، وأوجب عليهم أن يدعوه بالأسماء الحسنى: (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه) [الأعراف: 180]، وأمر أن يصفوه بالصفات العلى، فقال: (قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى) [الإسراء: 110].

واختار النبي صلى الله عليه وسلم أسماء أولاده اختياراً، وآثرها إيثاراً، ونهى عليه السلام أن يجمع أحد من المسلمين بين اسمه وكنيته، وقال: " أحب الأسماء عند الله عبدالله وعبدالرحمن ".

وإنما جهة الاختيار لذلك في ثلاثة أشياء:

منها: " أن يكون الاسم مأخوذاً من أسماء أهل الدين، من الأنبياء والمرسلين وعباد الله الصالحين، ينوي بذلك التقرب إلى الله جل اسمه بمحبتهم وإحياء أساميهم والاقتداء بالله جل اسمه في اختيار تلك الأسماء لأوليائه، وما جاء به الدين، كما قد روينا عنه في أن أحب الأسماء إلى الله عبدالله وأمثاله.

ومنها: أن يكون الاسم قليل الحروف، خفيفاً على الألسن، سهلاً في اللفظ، سريع التمكن من السمع، قال أبو نواس في هذا الاسم:

فقلنا له ما الاسم قال سموأل.*.*.*.*.*. على أنني أكني بعمرو ولا عمرا

وما شرفتني كنية عربية.*.*.*.*.*.*. ولا أكسبتني لا ثناء ولا فخراً

ولكنها خفت وقلت حروفها.*.*.*.*.*. ولست كأخرى إنما جعلت وقرا

فأخبر - كما ترى - أنه اختارها على بغضه لأهلها، لقلة حروفها وخفتها على اللسان وفي السمع.

ومنها: أن يكون حسناً في المعنى، ملائماً لحال المسمى، جارياً في أسماء أهل طبقته وملته وأهل مرتبته " انتهى كلام الماوردي.

وهذا بمعنى ما تقدم في فواتح هذا الكتاب: أن الاسم كالثوب، إن قصر شان، وإن طال شان.

فمراعاة أسماء أهل طبقته وقبيلته ربط أسري والتحام عائلي.

ومراعاة أسماء أهل ملته ربط ديني عقدي.

ومراعاة أسماء أهل مرتبته ربط أدبي بإنزال المرء نفسه منزلها، حتى لا يتندر به.

فهذه اللفتة النفسية من الماوردي رحمه الله تعالى أذكر بها عرب هذه الجزيرة للابتعاد عن هذه الأسماء التي لا تليق بخصوص قيمهم، وأن من الأسماء ما يستملح على الصغير ثم إذا كبر صار مشيناً، كالثوب القصير على الطويل.

وفي تفسير قول الله تعالى عن عبده يحيى: (لم نجعل له من قبل سميا) [مريم: 7]، قال القرطبي رحمه الله تعالى: " وفي هذه الآية دليل وشاهد أن الأسامي السنع - أي: الجميلة - جديرة بالأثرة، وإياها كانت العرب تنتحي في التسمية، لكونها أنبه وأنزه، حتى قال القائل:

سنع الأسامي مسبلي أزر.*.*.*.*.*.*.*. حمرٍ تمس الأرض بالهدب

وقال رؤبة للنسابة البكرى وقد سأله عن نسبه: أنا ابن العجاج. فقال: قصرت وعرفت " انتهى

• الأصل الثامن: في الأسماء المحرمة

دلت الشريعة على تحريم تسمية المولود في واحد من الوجوه الآتية:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير