تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[حكم قول: (الله ورسوله أعلم).]

ـ[عبدالله المزروع]ــــــــ[28 - 03 - 04, 11:59 م]ـ

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. أما بعد:

فهذا جمع لكلام أهل العلم في حكم قول: (الله ورسوله أعلم)،

1 – قال الشيخ بكر أبو زيد – حفظه الله – في معجم المناهي اللفظية (128):

الأصل أن يقال: الله – سبحانه وتعالى – أعلم، لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – لا يعلم إلا ما يعلمه الله به، وجملة الكلام في هذا الإطلاق في مقامين:

الأول: قول ذلك في حياة – النبي صلى الله عليه وسلم – في حديث معاذِ – رضي الله عنه – المشهور، وفيه: فقال – صلى الله عليه وسلم –: " يا معاذ: أتدري ما حق الله على العباد، وما حق العباد على الله؟ " فقلت: الله ورسوله أعلم ... الحديث، رواه الشيخان وغيرهما.

فهذا من أدب الصحابة – رضي الله عنهم -، وحسن أدبهم في التعلم.

وفي قصة حاطب بن أبي بلتعة، قول عمر – رضي الله عنه –: الله ورسوله أعلم. رواه البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، وأحمد، وذكره ابن هشام في السيرة بلا إسناد.

وفي قصة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك: قول أبي قتادة: الله ورسوله أعلم.

الثاني: قولها بعد وفاة النبي – صلى الله عليه وسلم – وقد جرى إطلاقها عند بعض أهل العلم. منهم ابن القيم – رحمه الله تعالى – قال في نونيته:

والله أعلم بالمراد بقوله * ورسوله المبعوث بالفرقان

لكن لم يحصل الوقوف على إطلاق الصحابة – رضي الله عنهم – لها بعد وفاته – صلى الله عليه وسلم – بل الظاهر خلافه. ومنه ما في تفسير آية البقرة: " أيود أحدكم أن تكون له جنةٌ من نخيل وأعناب " الآية. فعن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال: قال عمر بن الخطاب يوماً لأصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم -: فيمن ترون هذه الآية نزلت؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. فغضي عمر فقال: قولوا: نعلم أو لا نعلم ... رواه البخاري.

ومن الجائز حمل كلام ابن القيم – رحمه الله تعالى – على إطلاق ذلك في مواطن التشريع، وأما ما سوى ذلك من المغيبات، ومن أمور الدنيا، فلا، إلا ما أطلع الله رسوله عليه. قال تعالى: " تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك، ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا " الآية.

ـ[عبدالله المزروع]ــــــــ[29 - 03 - 04, 12:00 ص]ـ

2 – قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله – في كتاب التوحيد: التاسعة عشرة: قول المسؤول عما لا يعلم: الله ورسوله أعلم.

ـ[عبدالله المزروع]ــــــــ[29 - 03 - 04, 12:02 ص]ـ

3 – قال الشيخ محمد بن عثيمين – رحمه الله – في القول المفيد (1/ 57 ط الجديدة) - معلقاً على قول الشيخ محمد بن عبد الوهاب المتقدم ذكره –: وذلك لإقرار النبي – صلى الله عليه وسلم – معاذاً لما قالها، ولك ينكر النبي – صلى الله عليه وسلم – على معاذٍ، حيث عطف رسول الله – صلى الله عليه وسلم – على الله بالواو، وأنكر على من قال: (ما شاء الله وشئت)، وقال: " أجعلتني لله نداً؟! بل ما شاء الله وحده ".

فيقال: إنَّ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عنده من العلوم الشرعية ما ليس عند القائل، ولهذا لم ينكر الرسول – صلى الله عليه وسلم – على معاذ. بخلاف العلوم الكونية القدرية؛ فالرسول – صلى الله عليه وسلم – ليس عنده علم منها.

فلو قيل: هل يحرم صوم العيدين؟

جاز أن نقول: الله ورسوله أعلم، ولهذا كان الصحابة إذا أشكلت عليهم المسائل ذهبوا إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فيبينها لهم.

ولو قيل: هل يتوقع نزول مطر في هذا الشهر؟

لم يجز أن نقول: الله ورسوله أعلم؛ لأنه من العلوم الكونية.

ـ[عبدالله المزروع]ــــــــ[29 - 03 - 04, 12:04 ص]ـ

4 – سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – في مجلة الدعوة (عدد 1844) بتاريخ 18 / ربيع الأول / 1423: كيف نجمع بين قول الصحابة: الله ورسوله أعلم. بالعطف بالواو، وإقرارهم على ذلك؛ وإنكاره – صلى الله عليه وسلم – على من قال: ما شاء الله وشئت؟!

الجواب: قوله: (الله ورسوله أعلم) جائزٌ، وذلك لأن علم الرسول من علم الله؛ فالله – تعالى – هو الذي يعلمه ما لا يدركه البشر، ولهذا تأتي بالواو.

وكذلك في المسائل الشرعية، يقال: الله ورسوله أعلم، لأن – صلى الله عليه وسلم – أعلم الخلق بشريعة الله، وعلمه بها من علم الله الذي علمه، كما قال تعالى: " وأنزل عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم " [النساء 113]، وليس هذا كقوله: ما شاء الله وشئت، لأن هذا في باب القدرة والمشيئة، ولا يمكن أن يجعل الرسول – صلى الله عليه وسلم – مشاركاً لله فيها.

ففي الأمور الشرعية يقال: الله ورسوله أعلم، وفي الأمور الكونية: لا يقال ذلك.

ومن هنا نعرف خطأ وجهل من يكتب الآن على بعض الأعمال: " وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله " لأن الرسول – صلى الله عليه وسلم – لا يرى العمل بعد موته.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير