[حكم زكاة الدين (بحث يحتاج إلى مشاركاتكم).]
ـ[عبدالله المزروع]ــــــــ[14 - 01 - 04, 03:45 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. أما بعد:
فهذا جزء في الكلام على بعض أحكام زكاة الدين، ويشمل المسائل الآتية:
المسألة الأولى: زكاة الدين بالنسبة للمدين.
المسألة الثانية: زكاة الدين بالنسبة للدائن.
المسألة الثالثة: إعفاء الدائن للمدين من الدين، واحتساب ذلك من الزكاة.
المسألة الرابعة: هل المدين للاستثمار من أهل الزكاة.
فنبدأ بالمسألة الأولى، وهي: زكاة الدين بالنسبة للمدين.
تحرير محل النزاع:
1 – لا خلاف بين أهل العلم في أن المدين إذا كان دينه لا ينقص النصاب، بأن في باقي ماله زكاة.
القول الأول: أن الدين لا يمنع وجوب الزكاة مطلقاً.
القائلين بهذا القول: الشافعي في الجديد، و بعض الشافعية، والإمام أحمد في روايةٍ عنه، والظاهرية، وهو اختيار ابن باز، وابن عثيمين.
أدلتهم:
1 – عموم الأدلة الموجبة للزكاة في المال؛ كقوله تعالى: " خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها " [التوبة: 103].
ونوقش: أن مال المديون خارج عن عمومات الزكاة، لأنه محتاج إلى هذا المال حاجة أصلية، لأن قضاء الدين من الحوائج الأصلية؛ والمال المحتاج إليه حاجةً أصلية لا يكون مال زكاة، لأنه لا يتحقق به الغنى. ولأن المال المشغول بدين بمنزلة الماء المستحق للعطش لنفسه أو دابته في إباحة التيمم، وكل ما كان كذلك اعتبر معدوماً، فلا تجب الزكاة فيه.
2 – أن المدين في الحقيقة مالكٌ للنصاب، نافذ التصرف فيه؛ فله في الحق البيع والشراء والصدقة وغيرها من التصرفات، ولو لم يكن له لم يحل له التصرف فيه بشيءٍ من هذه التصرفات.
ونوقش: أن ملكه للنصاب ناقص، بدليل: أن صاحب الدين إذا ظفر بجنس حقه له أن يأخذ من غير قضاءٍ ولا رضا. وعند الشافعي له ذلك في الجنس وخلاف الجنس، وذا آيةُ عدم الملك، كما ورد في الوديعة والمغصوب؛ فلَأَن يكون دليل نقصان الملك أولى.
3 – عدم وجود نص لا من الكتاب ولا من السنة ولا من الإجماع يدل على سقوط الزكاة عن المال المشغول بدين.
ونوقش: أن نصوص اشتراط الغنى لوجوب الزكاة تصلح لإسقاط الزكاة عن المدين بدين يستغرق جميع ماله أو ينقص النصاب، فهو فقير يستحق أن يأخذ من الزكاة، لا أن يدفعها؛ لقول النبي – صلى الله عليه وسلم –: " خير صدقةٍ عن ظهر غنى " متفق عليه.
4 – ولأنَّ السعاة الذين يجبون الزكاة في عهد النبي – صلى الله عليه وسلم – لم ينقل أنهم يسألون عن الدين، ثم يأخذون ممن ليس عليه دين، وإنما يأخذون الزكاة ممن وجد عنده النصاب بغض النظر عن دينه، ولم ينقل أن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان يأمرهم بالسؤال عن ذلك، مع أنَّ الغالب أنَّ أهل الثمار عليهم ديون في عهد النبي – صلى الله عليه وسلم – لأن من عادتهم أنهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين، فيكون على صاحب البستان دين سلف.
5 – أنَّ الزكاة تجب في المال " وأعلمهم أنَّ الله افترض عليهم صدقةً في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم "، والدين في الذمة لا في المال؛ ولذلك لو تلف المال الذي بيده كله لم يسقط عنه شيء من الدين؛ فالجهة إذن منفكة، وحينئذٍ لا يحصل تصادم أو تعارض.
القول الثاني: أن الدين يمنع وجوب الزكاة في قدره من الأموال مطلقاً.
القائلين بهذا القول: الشافعي في قوله القديم، وأحمد في روايةٍ عنه، واختاره ابن تيمية، ومصطفى الزرقا، والقرضاوي.
أدلتهم:
1 – ما جاء عن ابن عمر – رضي الله عنهما – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم –: " إذا كان لرجل ألف درهم، وعليه ألف درهم فلا زكاة عليه ".
ونوقش: أنَّ هذا الحديث لا يعرف في كتب الحديث، فقد بحثت عنه فلم أجده!
2 - ما روي عن عثمان بن عفان – رضي الله عنه – أنه كان يقول: (هذا شهر زكاتكم؛ فمن كان عليه دين فليؤد دينه، حتى تحصل أموالكم فتؤدون منها الزكاة).
وجه الدلالة: أنَّ عثمان – رضي الله عنه – أحد الخلفاء الراشدين الذين أُمرنا باتباعه، وقد قاله بمحضرٍ من الصحابة فلم ينكروه، فدل على اتفاقهم على أن الدين يمنع زكاة العين، وأنه لا تجب الزكاة على من عليه دين.
¥