كم سنةً تكفي لدرس المعاملات؟
ـ[أبو عبدالله النجدي]ــــــــ[20 - 11 - 04, 12:12 ص]ـ
كم سنةً تكفي لدرس المعاملات
من يتأمل طريقة دراستنا لأبواب البيوع وما إليها يجد عجباً، إذ يكفي أن يدرس أحدنا الأحاديث الواردة في البيوع، أو يقرأها من متنٍ على شيخ؛ ليصير ضليعاً في الباب، حاكماً على معاملات الناس بالحل والحرمة، وقد سمعنا من عصريينا في هذا الباب عجائب!
لقد كان المتقدمون يعدون أبواب المعاملات، والبيوع منها على الأخص؛ من أصعب أبواب العلم، ولعل هذا راجعٌ إلى ما يعتريها من التجدُّد والتولُّد، وكثرة الصور والتفاريع، واستدخال الناس فيها الحيَلَ والمراوغات، مما يحتاج معه الفقيه إلى حسن اعتيادٍ على التنزيل والتطبيق في مَوارد النظر، وكانوا يخصونها بمزيد تحرُّز، على أن هذه قاعدتهم في سائر أبواب العلم.
عن يعقوب بن عطاء بن أبي رباح ـ رحمهما الله ـ قال: " ما رأيت أبي يتحفظ في شيءٍ؛ ما يتحفظ في البيوع " [الطبقات الكبرى؛ لابن سعد (5/ 468)].
ولذا لم تكن تؤخذ من كلِّّ أحد، قال أشهب: قال مالك ـ رحمه الله ـ: " كان سعيد بن المسيب ـ رحمه الله ـ عالماً بالبيوع، فقيل له: فسليمان بن يسار، قال: لم أسمع " [المعرفة والتاريخ؛ ليعقوب بن سفيان (1/ 256)]، مع كون سليمان ـ رحمه الله ـ من الفقهاء السبعة الذين كان يُنتهى إلى قولهم.
أي: أنه يمكن أن يكون الرجل من (كبار العلماء)، ولا يؤخذ بقوله في البيوع [قف]!
وعن عبدالله بن وهب قال: سمعت مالكاً وقال له عبد الرحمن بن القاسم: يا أبا عبدالله؛ ليس بعد أهل المدينة أحدٌ أعلم بالبيوع من أهل مصر، فقال مالك: ومن أين علموا ذلك، قال: منك يا أبا عبد الله، فقال له مالك: " ما أعلمها أنا، فكيف يعلمونها بي ". ومحمد بن القاسم ـ رحمه الله ـ هذا هو أقعد الناس بمذهب مالك، كما قال ابن حارث، وقال: " وسمعنا الشيوخ يفضلون ابن القاسم على جميع أصحابه في علم البيوع، وقال له مالك: اتق الله، وعليك بنشر هذا العلم " اهـ.
فهذا مالكٌ النجم يحدث عن نفسه أنه: لم تنضبط له البيوع!
يقال هذا مع أن أسواق المسلمين في العصور المتقدمة كانت منضبطة بقانون الشرع، وكان الوازع القرآني والوازع السلطاني حاضرين ثمَّ. كما كانت خطَّة الحِسبة قائمة على فرز المباح من المحظور شرعاً دوماً.
خلاف الحال في الأزمة المتأخرة، إذ لم يعد الشأن كالشأن، ولا الحال كالحال، فاستبدلوا بالدار داراً، وبالجيران جيراناً ...
فلا الأذانُ أذانٌ في منارتِهِ ... إذا تعالى ولا الآذانُ آذانُ
فقد اختلطت أسواق المسلمين بأسواق الأمم الكافرة، واستعملوا في معاملاتهم عقوداً مستوردةً، ليست من الشريعة بسبيل، وهذا ما ينبغي مراعاته للدارس في أحكام المعاملات المعاصرة، وألا يهمل بساط الحال فيما يتصدَّى له من الواقعات والنوازل، ويبدو أن هذا التغير قد حدث منذ وقتٍ ليس بالقريب، فقد ذكر ابن عابدين ـ رحمه الله ـ المتوفى عام (1253هـ) أن تعامل المسلمين بالعقود المحرَّمة " قد حدث من قديم الزمان " [رسائله (1/ 188).].
وإذا كانت مسائل الفقه " لا تنضبط بحصر ... فلا يمكن أن يُستغنى عنها بالتقليد "، كما يقرر الشاطبي في الموافقات [(4/ 88)] ...
وإذا كانت المعاملات المعاصرة لا تُقسَم بالأزلام، ولا تُرى في المنام، ولا تُستعار من الكرام.
وإذا كان الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ قد قضى في دراسة باب الحيض ثمان سنين، بينما كليات الشريعة عندنا تمرُّ بك على الفقه كله في أربع سنين!
فليت شِعري كم يحتاجُ مسكينٌ مثلي لدرسِ المعاملات!
وإذَنْ فمن الغَبن أن يُكتفى في التفقه فيها بمتنٍ، أو تقليدٍ لفتاوي عالمٍ معاصر، مهما بلَغَ من العلم والفهم.
والله تعالى أعلم.
ـ[مصلح]ــــــــ[21 - 11 - 04, 05:01 م]ـ
صدقت يا أبا عبدالله
ولذا فلا بد من تحقيق قول الله عز وجل ((فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة .. )) الآية
في هذا العلم وفي هذا الزمان بالذات،،
وعلى طلبة العلم تبني مؤسسات علمية هدفها تخريج طلبة علم متخصصين في هذه
الموضوعات التي صعب نوالها واشتدت حاجة الناس إليها ..
جزاكم الله خيرا وتقبل منا ومنكم
ـ[كتبي]ــــــــ[21 - 11 - 04, 07:10 م]ـ
اللذي أراه، و الله أعلم،
التقيد بقرارات المجامم الفقهية في هذه المسائل، مثل مجمع فقهاء أمريكا الشمالية، مجمع فقهاء رابطة العالم الإسلامي و اللجنة الأوروبية للإفتاء
و ممن جمع جمع هذه القرارات، الشيخ أحمد السالوس في كتاب نفيس
و الله أعلم
ـ[أبو إبراهيم الحائلي]ــــــــ[24 - 11 - 04, 02:55 م]ـ
صدر حديثاً:
الفقه الميسر
قسم المعاملات
موسوعة فقهية حديثة تتناول أحكام الفقه الإسلامي بأسلوب واضح للمُختصين وغيرهم
تأليف
الشيخ عبد الله الطيار
الشيخ عبد الله المطلق
الشيخ محمد إبراهيم الموسى
نشرته مدار الوطن
ـ[ابن وهب]ــــــــ[03 - 12 - 04, 11:39 م]ـ
شيخنا الفقيه النجدي
بارك الله فيك
ماهو اصعب باب في ابواب الفقه؟
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=10233&page=1&highlight=%C7%E1%DD%DE%E5
¥