تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[مسألة الرمي قبل الزوال تفصيلا]

ـ[أبو محمد المطيري]ــــــــ[03 - 02 - 05, 12:39 ص]ـ

ثبت القول بجواز الرمي الزوال و اشتهر الخلاف فيه و احتاج المفتون في عصرنا إليه ....

مسألة: الرَّمي قبل الزوال بعد يوم النحر.

أيام الرمي أربعة الأوَّل منها يوم النحر و تقدّم الكلام عليه مبسوطا و وثلاثة أيام بعد يوم النحر هي الحادي عشر و الثاني عشر و فيه النفر الأوّل و وفيه التعجّل لمن شاء و الثالث عشر وهو يوم النفر الأخير ليس بعده رمي بتاتا لا اختلاف في ذلك.

ويستحب الرمي قبل الظهر بعد الزوال.

ثبتت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أنه كان يرمي بعد يوم النحر بعد زوال الشمس). وفي صحيح البخاري رحمه الله () و سنن أبي داود (): َعنْ وَبَرَةَ () قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مَتَى أَرْمِي الْجِمَارَ قَالَ: (إِذَا رَمَى إِمَامُكَ فَارْمِهْ فَأَعَدْتُ عَلَيْهِ الْمَسْأَلَةَ قَالَ كُنَّا نَتَحَيَّنُ فَإِذَا زَالَتْ الشَّمْسُ رَمَيْنَا).

َوَروى مُسْلِمٌ () و أبو داود () و الترمذي () وغيرهم () مِنْ طَرِيقِ اِبْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبير عَنْ جَابِرٍ قَالَ: (رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَمَى الْجَمْرَةَ ضُحَى يَوْمِ النَّحْرِ وَحْدَهُ , وَرَمَى بَعْدَ ذَلِكَ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ). فهذه الأحاديث وغيرها دلت على موضع السنة في الرَّمي وبقي الكلام على من لم يرم في هذا الوقت بعد الزوال ورمى قبله فما حكم رميه؟.

فذهب الجمهور إلى إنه لا يجوز الرَّمي قبل الزوال في أيام التشريق الثلاثة، ومن رمى قبل الزوال أعاده، وممن قال بذلك ابن عمر و الحسن ومالك () والشافعي () و أحمد في الصحيح والمشهور من مذهبه ().

وقال: عطاء في إحدى الروايتين عنه و طاووس و عكرمة يجوز أن يرمي قبل الزوال كيوم النحر () نقل ذلك جماعة من العلماء منهم الماوردي و نقل العمراني الشافعي: (ت: 588 هـ) عباراتهم: (فقال قال عطاء: (إن جهل فرمى قبل الزوال أجزأه) وقال طاووس: (إن شاء رمى أول النهار و نفر) و قال: (قال عكرمة: إن شاء رمى أول النهار و لكن لا ينفر إلا بعد الزوال).

و فَصَّل أبو حنيفة في رواية عنه معروفة عنه و أحمد - في رواية ابن منصور - فقالوا: يجوز في اليوم الثالث وهو يوم النفر الأول، الرَّمي قبل الزوال ولا ينفر قبل الزوال، ولا يجزئه في اليومين الأولين إلا بعد الزوال. ()

فقول أبي حنيفة معروف عند أصحابه ولكنهم يجعلونه خلاف المشهور عنه فالمشهور كقول الجمهور بمنع الرمي قبل الزوال. فعن أبي حنيفة ثلاث روايات الأولى كقول الجمهور و الثانية يجوز في اليوم الثالث و هو آخر أيام الرمي أن يرمي قبل الزوال استحبابا و الثالثة: أنه يجوز أن يرمي في اليومين الثاني و الثالث قبل الزوال. ()

اختار هذا القول الذي فيه تيسير و توسِعة ابن عقيل في منسكه فكان يذهب إلى جواز الرمي بعد طلوع الشمس وقبل الزوال () و ابن الجوزي () و الرافعي كما اختاره من المعاصرين الشيخ عبد الله آل محمود والشيخ صالح البليهي و الشيخ مصطفي الزرقاء، وقواه العلامة عبد الرحمن السعدي. ()

ورجّحه و أفتى به جماعة من أهل العلم في عصرنا منهم الشيخ عبد الله الجبرين و الشيخ عبد الله المطلق. و ينبغي لمن يجيز الرمي قبل الزوال في يوم النفر الآخر أن يجيزه في يوم النفر الأول لأن الحاجة أشد و العلة موجودة.

و يكفي في تقوية هذا القول ما قد ثبت للعِيان في عصرنا من تكرار حوادث الدَّهس و التدافع المهلك للأنفس المؤذي للحجاج فالشارع الحكيم الذي أذن للرعاة في حفظ مواشيهم و رعاية إبلهم و أذن في دفع النساء و الضَّعَفَة والصبيان ليلة المزدلفة ليرموا جمرة العقبة قبل زحمة الناس و حطمتهم أحرص على حفظ الأنفس المسلمة وصيانتها من أن يمنع الرَّمي قبل الزوال في يوم النفر لأن التقديم اليسير للرمي عن وقته في هذا اليوم إنما جاز دفعا لتلك المفاسد العظيمة و رحمة بالمسلمين و شفقة على المصلّين من ذهاب الخشوع و تبدل الخوف و الهلع بطمأنينة الذكر، قال ابن قدامة رحمه الله:

(و كل ذي عُذرٍ من مرضٍ أو خوف على نفسه أو ماله كالرُّعاة في هذا لأنهم في معناهم) اهـ. (الكافي/ 195)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير