تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فإنه لما كثر الوافدون إلى بيت الله الحرام في عصرنا هذا الذي توفر فيه من وسائل نقلهم ما لم يتوفر قبل، وازدادوا زيادة لم تعهد فيما مضى، أدى ذلك إلى وقوع الطائفين في حرج شديد فيما بين المقام وبين البيت، ولذلك قدمت الرابطة الإسلامية رغبتها إلينا في أن نكتب رسالة في حكم تأخير المقام عن ذلك الموضع إلى موضع في المسجد الحرام قريب منه محاذ له رفعًا للحرج، فاستخرت الله تعالى. وكتبت إجابة لها هذه الرسالة. ورتبتها على ما يلي: -

1 - بيان وضع المقام في عهد النبوة، وأن أول من أخره عنه عمر ابن الخطاب رضي الله عنه.

2 - إيراد أدلة القائلين بأن موضع المقام هو موضعه في عهد النبوة، والجواب عنها.

3 - سرد العلل التي علل بها تأخير عمر المقام، وترجيح التعليل برفع الحرج عن الطائفين.

4 - بيان حكم تأخير المقام اليوم عن موضعه إلى موضع في المسجد الحرام قريب منه محاذ له.

والله أسأل أن يكون هذا الجواب خالصًا لوجه الكريم. وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.

بيان موضع المقام في عهد النبوة، وأن أول من أخره عمر بن الخطاب

ثبت عن السلف الصالح أن مقام إبراهيم عليه السلام كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد أبي بكر رضي الله عنه في سقع البيت وأن أول من أخره عن ذلك الموضع عمر بن الخطاب. وممن ثبت ذلك عنه من أعيانهم المذكورون فيما يلي: -

1 - أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها عند البيهقي، قال في "سننه": أخبرنا أبوالحسن بن الفضل القطان، أخبرنا القاضي أبوبكر أحمد بن كامل () حدثنا أبواسماعيل محمد بن اسماعيل السلمي. حدثنا أبوثابت، حدثنا الدراردي () عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة () رضي الله عنها أن المقام كان زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم وزمان أبي بكر رضي الله عنه ملتصقًا بالبيت ثم أخره عمر بن الخطاب رضي الله عنه. أهـ. صحيح الحافظ ابن كثير إسناده في تفسيره في الكلام على آية المقام. وقواه الحافظ في "فتح الباري" في كتاب التفسير في الكلام على تلك الآية، قال (ج8 ص137): أخرج البيهقي عن عائشة مثله أي مثل ما روى عن عطاء وغيره من التصاق المقام بالبيت إلى أن أخره عمر بسند قوي، ولفظه: أن المقام كان في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي زمن أبي بكر ملتصقًا بالبيت ثم أخره عمر. أهـ كلام الفتح.

ولا يرد على جزم رواية أبي ثابت المذكورة. شك رواية يعقوب بن حميد بن كاسب عند الفاكهي. قال يعقوب: حدثنا عبدالعزيز بن محمد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال عبدالعزيز أراه عن عائشة: أن المقام كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم في سقع البيت. فإن يعقوب بن حميد بن كاسب ليس بشيء، قال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل": قريء على العباس بن محمد الدوري أنه سأل يحيى بن معين عن يعقوب بن كاسب فقال ليس بشيء. وقال أيضًا: سمعت أبي يقول: هو ضعيف الحديث. وقال النسائي في "الضعفاء والمتروكين": يعقوب بن حميد بن كاسب ليس بشيء مكي. وقال العقيلي في "الضعفاء": حدثنا زكريا الحلواني قال: رأيت أبا داود السجستاني قد جعل حديث يعقوب بن كاسب وقايات على ظهور كتبه: وسألته عنه: فقال: رأينا في مسنده أحاديث أنكرناها، فطالبناه بالأصول فدفعنا، ثم أخرجها بعد فوجدنا الأحاديث في الأصول مغيرة بخط طري، كانت مراسيل فأسندها وزاد فيها. أهـ.

2 - عروة بن الزبير. قال عبدالرازق في "مصنفه": عن معمر: عن هشام بن عروة: عن أبيه" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبابكر وعمر بعض خلافته كانوا يصلون صقع البيت حتى صلى عمر خلف المقام". وأصرح من هذه الرواية ما روى عبدالرحمن بن أبي حاتم في "العلل" عن أبي زرعة: عن أبي ثابت. عن عبدالعزيز بن محمد الدراوردي، عن هشام بن عروة، عن أبيه: "أن المقام كان في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم وزمان أبي بكر ملتصقًا بالبيت ثم أخره عمر بن الخطاب رضي الله عنه" وتقدم هذا الحديث رواه أبواسماعيل محمد بن اسماعيل السلمي. عن أبي ثابت، عن الدارودري، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة. والروايتان ثابتتان، فدل ذلك على أن عروة روى هذا الحديث عن خالته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، فكان يحدث به عنها تارة، ويتكلم به تارة أخرى من غير أن يسنده إليها. فروى عنه بالوجهين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير