تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وبهذا ظهر رجوع الحافظ عما كتبه في باب (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) من كتاب الصلاة؛ فإنه كتب ما نصه: قد روى الأزرقي في "أخبار مكة" بأسانيد صحيحة أن المقام كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر في الموضع الذي هو فيه الآن، حتى جاء سيل في خلافة عمر فاحتمله حتى وجد بأسفل مكة فأتى به فربط إلى أستار الكعبة حتى قدم عمر، فاستثبت في أمره حتى تحقق موضعه الأول فأعاده إليه، وبنى حوله فاستقر ثم إلى الآن (). أهـ. وهذا الذي كتبه الحافظ في "كتاب الصلاة" سبق قلم نبه على رجوعه عنه بالصواب الذي ذكره في "كتاب التفسير" وكان يصنع ذلك تارة فيما سبق به القلم، ويصرح تارة بالرجوع عما كتبه أولا. ومما صرح فيه بالرجوع ما يلي:

1 - قوله في ج8 ص16 في الباب الذي بعد (باب منزل النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح) في الكلام على حديث أبي شريح العدوي في تعظيم حرمة مكة: قال: (قوله: العدوي) كنت جوزت في الكلام على حديث الباب في الحج أنه من حلفاء بني كعب، وذلك لأني رأيته في طريق أخرى الكعبي، نسبة إلى كعب بن ربيعة بن عمرو بن لحي، ثم ظهر لي أنه نسب إلى بني عدي بن عمرو بن لحي وهم أخوة كعب، ويقع هذا في الأنساب كثيرًا.

2 - قوله في شرح حديث عباد بن تميم، عن عمه، قال "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد مستلقيًا واضعًا إحدى رجليه على الأخرى" في (باب الاستلقاء في ج11 ص68): تقدم بيان الحكم في أبواب المساجد من "كتاب الصلاة" وذكرت هناك قول من زعم أن النهي عن ذلك منسوخ، وأن الجمع أولى، وأن محل النهي حيث تبدو العورة، والجواز حيث لا تبدو، وهو جواب الخطابي ومن تبعه، ونقلت قول من ضعف الحديث الوارد في ذلك وزعم أنه لم يخرج في الصحيح، وأوردت عليه بأنه غفل عما في "كتاب اللباس" من الصحيح. والمراد بذلك صحيح مسلم، وسبق القلم هناك فكتبت صحيح البخاري، وقد أصلحته في أصلي.

3 - قوله في "باب الدعاء على المشركين" ج11 ص162 في الكلام على قول البخاري: حدثنا محمد بن المثنى، قال حدثنا الأنصاري، حدثنا هشام بن حسان، حدثنا محمد بن سيرين، حدثنا عبيدة، حدثنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارًا" الحديث قال الحافظ: قوله: حدثنا هشام بن حسان. يرجح قول من قال في الرواية التي مضت في الجهاد من طريق عيسى بن يونس، حدثنا هشام، أنه ابن حسان، وكنت ظننت أنه الدستوائي، ورددت على الأصيلي حيث جزم بأنه ابن حسان، ثم نقل تضعيف هشام بن حسان يروم رد الحديث، فتعقبته هناك، ثم وقفت على هذه الرواية فرجعت عما ظننت .. الخ.

ويدل على رجوع الحافظ عما كتبه في "كتاب الصلاة" إلى ما بينه في "كتاب التفسير" تعذر الجمع بين تصحيح الحافظ أسانيد تلك الروايات الأزرقية التي تذكر أن المقام كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر في الموضع الذي هو فيه الآن وهو الذي رده إليه عمر بعدما ذهب به السيل وبين تصحيحه في "كتاب التفسير" أسانيد روايات كون المقام أزق البيت إلى أن أخره عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وأن الروايات الأزرقية التي أشار إليها ليس فيها شيء صحيح صريح، كما سنبينه فيما بعد أن شاء الله عند الكلام على تلك الروايات، مع ذكر كلام الحافظ فيمن تكلم فيه من رواتها، ليتبين أن ما ذكره في "كتاب الصلاة" في الروايات الأزرقية كما لا يتفق مع ما في "كتاب التفسير" لا يتفق مع كلامه في رواة تلك الروايات الأزرقية في كتبه في "الجرح والتعديل".

وقال الحافظ ابن كثير في تاريخه "البداية والنهاية" ج1 ص162 تحت عنوان (ذكر بناية البيت العتيق) في الكلام على مقام إبراهيم عليه السلام: قد كان هذا الحجر ملصقًا بحائط الكعبة على ما كان عليه من قديم الزمان إلى أيام عمر بن الخطاب رضي الله عنه. فأخره عن البيت قليلاً؛ لئلا يشغل المصلون عنده الطائفين بالبيت. وقال في الجزء السابع من التاريخ المذكور "البداية والنهاية" ص13 في الكلام على حوادث سنة ثمان عشرة: قال الواقدي وغيره: وفي هذه السنة في ذي الحجة منها حول عمر المقام، وكان ملصقًا بجدار الكعبة () أخره إلى حيث هو الآن؛ لئلا يشوش المصلون عنده على الطائفين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير