تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لا في فقه ولا علم ولا حفظ ولا إتقان ولا ثبت ممن قد ذكرنا حالهم وأوصافهم ومعانيهم في مواضع من كتابنا هذا، فاكتفينا بها وبشرحها في الأبواب مستغنية عن إعادة ذكرها مجملة أو مفسرة. في هذا المكان. أهـ.

"الثاني": - أن رواية (قالوا) التي اعتبرها صاحب النقض تصرفًا محرمًا محيلا للمعنى واختصارًا من عبدالرزاق ليست إلا تفسيرًا للرواية الأخرى "يزعمون" وقد اعتمد الحافظ ابن كثير في تفسيره على رواية قالوا، وعزاها إلى عبدالرزاق، فلا وجه لتحريم الرواية بها، كما أنه لا وجه للتشكيك في روايات الإمام الشهير عبدالرزاق، فإن ذلك ليس بسهل عند المحدثين، وفيه يقول الحافظ الذهبي في الميزان في "ترجمة علي بن المديني": لو ترك حديث علي وصاحبه محمد وشيخه عبدالرزاق وعثمان بن أبي شيبة وإبراهيم بن سعد وعفان وأبان العطار وإسرائيل وأزهر السمان وبهز بن أسد وثابت البناني وجرير بن عبدالحميد لغلقنا الباب، وانقطع الخطاب، ولماتت الأثار، واستولت الزنادقة ولخرج الدجالون. أهـ كلام الذهبي.

"الثالث": - أن رواية "يزعمون" التي توهم صاحب النقض أنها ليست في مصنف عبدالرزاق – موجودة في المصنف، ولفظ المصنف هكذا: عبدالرزاق، عن ابن جريج، قال سمعت عطاء وغيره من أصحابنا يزعمون أن عمر أول من رفع المقام فوضعه موضعه الآن، وإنما كان قي قُبُل الكعبة. أهـ.

"الرابع": - أن ما ذكره عطاء في شأن المقام ليس من قبيل الرأي؛ بل هو من الأخبار عن الأمور التي لا مجال للرأي فيها () ولاشك أن اعتماده فيما ذكره من ذلك على النقل، وقد سمع كما في "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم من أم المؤمنين عائشة () التي روي عنها البيهقي بسند صحيح أنها قالت: إن المقام كان زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم وزمان أبي بكر ملتصقًا بالبيت ثم أخره عمر بن الخطاب رضي الله عنه. فمن الجائز أن يكون تلقى ما ذكره عن عائشة مادام أدركها وسمع منها؛ بل لو سلكنا مسلك صاحب النقض في رواية الأزرق عن ابن أبي مليكة حيث زعم أن مضمونها تلقاه ابن أبي ملكية عن ثلاثين صحابيًا الذين أدركهم لقلنا بأن عطاء أخذ ذلك عن مائتين من الصحابة الذين ذكر الحافظ ابن حجر العسقلاني في "تهذيب التهذيب" أنه سمع منهم. وعلى كل حال فكلام صاحب النقض في عطاء لا يؤثر في مكانته المعروفة عن أئمة العلم، فقد روى ابن سعد في "طبقاته" قال: أخبرنا أحمد بن عبدالله بن يونس، قال: أخبرنا أبوشهاب، عن ليث، عن عبدالرحمن، قال: والله ما أرى إيمان أهل الأرض يعدل إيمان أبي بكر، وما أرى إيمان أهل مكة يعدل إيمان عطاء، قال: أخبرنا الفضل بن دكين، قال حدثنا سفيان، عن سلمة، قال: ما رأيت أحدًا يريد بهذا العلم وجه الله غير هؤلاء الثلاثة: عطاء، وطاووس، ومجاهد. قال أخبرنا علي بن عبدالله بن جعفر، قال حدثنا سفيان، عن إسماعيل بن أمية قال: كان عطاء يتكلم، فإذا سئل عن المسألة كأنما يؤيد. رواه ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" بزيادة: يعني أن الله عز وجل يؤيده ويلهمه الصواب. وأكبر من هذا ما رواه ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" عن أبي زرعة، ناقبيصة، ناسفيان، عن عمر بن سعيد، عن أمه، قالت: قدم ابن عمر مكة فسألوه، فقال ابن عمر: تجمعون لي المسائل وفيكم ابن أبي رياح. وذكر الحافظ في "تهذيب التهذيب" نحو هذا عن ابن عباس رضي الله عنهما.

"الرواية الثانية" من الروايات التي تعرض صاحب النقض لرواتها بالطعن رواية "المدونة" و "الطراز" عن مالك، المتضمنة أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما ولي وحج ودخل مكة أخر المقام إلى موضعه الذي هو فيه اليوم، وكان ملصقًا بالبيت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد أبي بكر رضي الله عنه وقبل ذلك، وكان قدموه في الجاهلية مخافة السيل فأخرجه إلى موضعه اليوم. كانت هذه الرواية مخالفة لدعوى صاحب النقض أن موضع المقام اليوم هو موضعه في عهد النبوة، فحمله ذلك على أن يقول ص35 - 36: (هذا الذي قاله – أي مالك – بناءٌ منه على استصحاب الحال الذي كان عليه المقام تحت البيت بوضع أهل الجاهلية، وكأنه لم يبلغه تحويل النبي صلى الله عليه وسلم للمقام من تحت البيت إلى موضعه الذي هو فيه الآن، فظن أنه مازال تحت البيت إلى أن رده عمر رضي الله عنه، ولم يبلغه أيضًا رد عمر للمقام لما حمله السيل على وجهه، فظن أن المقاط الذي أتى به المطلب وقيس به

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير