تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

في تفسيره الذي التزم فيه الأصح.

وأما قول صاحب النقض: (لعل الحديث الموضوع الذي رآه أبوحاتم عند العدني هو هذا) أي حديث المقام، فيرده أنه ليس من المعقول أن يعبر أبوحاتم العدلي برؤية حديث موضوع () عنده ثم يرتضي روايته عنه بعد ذلك، ويرويه عنه ابنه في تفسيره الذي اشترط فيه أن لا يورد إلا أصح الأخبار إسنادًا وأشبهها متنًا، وتصحيح الحافظ ابن حجر من أئمة المتأخرين مما يشهد ببطلان هذه الدعوى أيضًا.

وأما نفي صاحب النقض صحة هذا الحديث عن سفيان. فمن غرائبه؛ إذ لازم كلامه أن رواة هذا الحديث تحملوا مسئولية اختلاق هذا الحديث، وجاملهم من صححه من الحافظ () ولا ينبغي لصاحب النقض أن يتهم ابن أبي حاتم وأباه أباحتم وابن حجر العسقلاني بهذه التهمة التي لا تليق بمكانتهم.

"الرواية الرابعة" – من الروايات التي تعرض صاحب النقض لرواتها بالطعن – رواية النسائي في سننه، قال النسائي: أخبرنا حاجب ابن سليمان المنيجي، عن ابن أبي رواد، قال: حدثنا ابن جريج، عن عطاء: عن أسامة بن زيد، قال: "دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم الكعبة فسبح في نواحيها وكبر ولم يصل ثم خرج فصلى خلف المقام ركعتين". حاول صاحب النقض مراعاة لما قرره في نقضه من أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل خلف المقام قبل حجة الوداع، حاول الطعن في النسائي بهذه الرواية، فقال ص136: (إن المعروف من مذهب أبي عبدالرحمن النسائي أنه يخرج عن كل من لم يجمع على تركه وإن كان مجروحًا. وادعى صاحب النقض أن رواية النسائي هذا الحديث من قبيل التساهل الذي حمل عليه المذهب المذكور؛ لأن في سنده حاجب بن سليمان وعبدالمجيد بن أبي رواد وكلاهما مطعون فيه. أما حاجب فيقول ص136، 137: قال الحافظ ابن حجر: قال الدارقطني في "العلل": لم يكن له كتاب وإنما كان يحدث من حفظه، وذكر له حديثًا وهم في متنه رواه عن وكيع، عن هشام، عن أبيه. عن عائشة "قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض نسائه ثم صلى ولم يتوضأ" قال: والصواب عن وكيع بهذا الإسناد "كان يقبل وهو صائم". وقال مسلمة بن قاسم: روى عن عبدالمجيد بن أبي رواد أحاديث منكرة. وأما عبدالمجيد ابن أبي رواد فيقول ص137: قال – أي الحافظ – في "التقريب": صدوق، يخطيء، وكان مرجئًا، أفرط ابن حبان فقال متروك). هذا ما ذكره صاحب النقض من ناحية سند هذا الحديث، والجواب: عنه بما يلي:

أما ما ذكره عن أبي عبدالرحمن "النسائي" فليس القصد منه ما ظنه من أنه متساهل؛ بل القصد منه كما في "توضيح الأفكار" للصنعاني ما ذكره الحافظ ابن حجر العسقلاني، قال: إنما أراد بذلك – أي تحرجه عمن لم يجمع على تركه – إجماعًا خاصًا، وذلك أن كل طبقة من طبقات الرجال لا تخلو عن متشدد، ومتوسط. فمن الأولى، شعبة وسفيان الثوري، وشعبة أشد منه. ومن الثانية يحيى القطان، وعبدالرحمن بن مهدي، ويحيى أشد من عبدالرحمن، ومن الثالثة يحيى بن معين، وأحمد بن حنبل، ويحيى أشد من أحمد

. ومن الرابعة أبوحاتم والبخاري، وأبوحاتم أشد من البخاري. فقال النسائي: لا يترك الرجل عندي حتى يجمع الجميع على تركه) () ثم قال الحافظ ابن حجر: فإذا تقرر ذلك ظهر أن ما يتبادر إلى الذهن من أن مذهب النسائي في الرجال مذهب متسع ليس كذلك، فكم من رجل أخرج له أبوداود والترمذي تجنب النسائي إخراج حديثه. أهـ.

وثناء أهل الحديث على النسائي كثير من ضمنه ما ذكره الحافظ ابن حجر في "تهذيب التهذيب" قال: قال الحاكم: سمعت علي بن عمر الحافظ – يعني الدارقطني – غير مرة يقول: أبوعبدالرحمن – يعني النسائي – مقدم على كل من يذكر بهذا العلم في عصره، هو أعرفهم بالصحيح والسقيم، وأعلمهم بالرجال، قال: وقال الدارقطني: سمعت أباطالب الحافظ يقول: من يصبر على ما يصبر عليه أبوعبدالرحمن – يعني النسائي – كان عنده أحاديث ابن لهيعة ترجمة ترجمة فما حدث بها، وكان لا يرى أن يحدث بحديث ابن لهيعة. وقال الدارقطني: كان أبوبكر الحداد الفقيه كثير الحديث. ولم يحدث عن أحد غير أبي عبدالرحمن النسائي فقط، وقال: رضيت به حجة بيني وبين الله تعالى. وقال ابن يونس: كان إمامًا في الحديث ثقة ثبتا حافظًا. وقال الصنعاني في "توضيح الأفكار": قال الذهبي في "النبلاء": هو – أي النسائي أحذق بالحديث وعلله ورجاله من مسلم، وهو جابر في مضمار البخاري وأبي زرعة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير