تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

"الرواية الخامسة": من الروايات التي طعن صاحب النقض في رواتها رواية البيهقي في سننه، قال: أخبرنا أبوالحسن بن الفضل القطان، أخبرنا القاضي أبوبكر أحمد بن كامل، حدثنا أبوإسماعيل محمد بن إسماعيل السلمي، حدثنا أبوثابت، حدثنا الدراوردي، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة: أن المقام كان زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم وزمان أبي بكر رضي الله عنه ملتصقًا بالبيت، ثم أخره عمر بن الخطاب رضي الله عنه. هذا الحديث صححه ابن كثير في تفسير قوله تعالى: (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى). وقوى الحافظ ابن حجر إسناده في "فتح الباري" في كتاب التفسير ج8 ص137. ورغم هذا كله زعم صاحب النقض ص136 أن هذا الحديث لم يصح عن عائشة، وعلل ذلك بأمرين: أحدهما أن في إسناد البيهقي أحمد بن كامل وعبدالعزيز ابن محمد الدراوردي، يقول صاحب النقض في أحمد بن كامل: ذكروا أنه كان يعتمد على حفظه فيهم. وكان متساهلاً ربما حدث من حفظه بما ليس في كتابه. ويقول في الدراوردي: ذكروا أنه كان يحدث من كتاب غيره فيخطيء. الثاني: مما استند إليه في تضعيف هذا الحديث قول ابن أبي حاتم في "كتاب العلل": سمعت أبازرعة لا يرويه – أي حديث المقام المذكور – عن عائشة، إنما يرويه عن هشام، عن أبيه فقط. وجزم في ص118 بأن هذا الحديث إنما هو من كلام عروة.

والجواب عن ذلك بما يلي:

أما "أحمد بن كامل": فالذي تكلم فيه بما ذكره صاحب النقض الدارقطني؛ لا جميع المحدثين كما توهمه عبارة صاحب النقض، ولم يقبل ذلك من الدارقطني، ولذلك تعقبه الذهبي في كتابه "العبر في خبر من غبر" بقول الحسن بن زرقويه في أحمد بن كامل: لم تر عيناي مثله، وقال الذهبي في "الميزان" في ترجمة أحمد بن كامل: لينه الدارقطني، وقال: كان متساهلاً ومشاه غيره.

وأما "عبدالعزيز الدراوردي" فقد قال عبدالرحمن بن أبي حاتم في "الجرح والتعديل": أخبرنا أبوبكر بن أبي خيثمة فيما كتب إلي، قال سمعت يحيى بن معين يقول: عبدالعزيز الدراوردي صالح ليس به بأس. قال ابن أبي حاتم: سئل أبي عن عبدالعزيز بن محمد يعني الدراوردي؛ ويوسف بن الماجشون، فقال: عبدالعزيز بن محمد محدث، ويوسف شيخ. وقال ابن أبي حاتم: أخبرنا ابن أبي خيثمة فيما كتب إلي، قال: سمعت معصبًا الزبيري يقول: مالك بن أنس يوثق الدراوردي. أهـ. وقال الحافظ ابن التركماني في "الجوهر النقي" في باب النفر يصيبون الصيد ج1 ص351: الدراوردي احتج به الشيخان وبقية الجماعة. وقال ابن معين: ثقة حجة، وثقة القطان، وأبوحاتم وغيرهما. أهـ. وأما ما ذكره صاحب النقض عن علل ابن أبي حاتم. فلا يؤثر في رواية السلمي الحديث عن أبي ثابت عن الدراوردي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة؛ لأن كون أبي زرعة لم يسمع هذا الحديث إلا موقوفًا على عروة لا يمنع أن يسمعه السلمي مسندًا إلى عائشة كما وقع، وهو ثقة يجب قبول زيادته.

"الرواية السادسة": من الروايات التي تعرض صاحب النقض لرواتها بالطعن الرواية التي أشار إليها ابن كثير بقوله: وقد كان المقام ملصقًا بجدار الكعبة قديمًا، ومكانه معروف اليوم إلى جانب الباب مما يلي يمنة الداخل من الباب. قال صاحب النقض ص104: كأنه – أي ابن كثير – يشير بقوله هذا إلى موضع الخلوق من إزار الكعبة. ثم قال صاحب النقض: (وإني لأعجب من قوله – أي ابن كثير: ومكانه معروف اليوم. من أين له معرفة أن ذلك الموضع الذي ذكره مكان المقام في عهد إبراهيم عليه السلام، وما دليله عليه، ولعله أخذ هذا عن بعض المؤرخين الذين ينقلون ما قيل من غير نظر في صحة القول من عدمها كابن جبير في أخبار رحلته) وصرح بعد ذلك بأن ما ذكره ابن كثير تخمين لا دليل عليه. إلى هذا الحد وصل تحامل صاحب النقض على الحافظ ابن كثير، وما ذكره حوله خلاف المعروف عنه من التحري في كتاباته. وقد شهد له الحافظ بالتحقيق والنقد. قال الحافظ الذهبي في المعجم المختص: وهو – أي ابن كثير – فقيه متقن ومحدث محقق ومفسر نقاد. وما ذكره ابن كثير في مكان المقام أنه كان إلى جانب الباب مما يلي يمنة الداخل من الباب رواه الإمام الحافظ سليمان بن سالم المشهور بالكلاعي في "كتاب الاكتفاء في مغازي المصطفى، والثلاثة الخلفاء". روى عن أبي الجهم أنه قال: لما فرغ إبراهيم من بناء البيت. وأدخل الحجر في البيت جعل المقام لاصقًا بالبيت عن يمين

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير