تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

" لا ينكر المختلف فيه، وإنما ينكر المجمع عليه "

ويستثنى صور، ينكر فيها المختلف

فيه: إحداها: أن يكون ذلك المذهب بعيد المأخذ، بحيث ينقص. ومن ثم وجب الحد على المرتهن بوطئه المرهونة، ولم ينظر لخلاف عطاء.

فهنا صرح السيوطي بوجوب الحد ولم يعتبر الخلاف

الثانية: أن يترافع فيه الحاكم، فيحكم بعقيدته، ولهذا يحد الحنفي بشرب النبيذ؛ إذ لا يجوز للحاكم أن يحكم بخلاف معتقده.

وهنا يوجب على الحاكم أن يحكم بمعتقده

الثالثة: أن يكون للمنكر فيه حق، كالزوج يمنع زوجته من شرب النبيذ، إذا كانت تعتقد إباحته، وكذلك الذمية على الصحيح.

وهذا كذلك قد يظهر منه الوجوب من باب قوامة الزوج وكونه راع للمرأة وهو يرى حرمة شرب النبيذ.

ولو حملنا كلام السيوطي على مشروعية الإنكار في هذه الثلاث فقط لكان قصورا، فمشروعية الإنكار في المسائل المختلف فيها أكثر بكثير من هذه الثلاث التي ذكرها، ولكن إذا حملناه على الوجوب في هذه الثلاث كان أقرب


أ. قال ابن القيم رحمه الله: وقولهم إنَّ مسائلَ الخلافِ لا إنكارَ فيها: ليس بصحيحٍ، فإنَّ الإنكارَ إمَّا أَن يتوجَّهَ إلى القول، والفتوى، أو العمل.

أما الأوَّل: فإذا كان القولُ يخالفُ سنَّةً، أو إجماعاً شائعاً: وجب إنكارُه اتفاقا، وإن لم يكن كذلك: فإنَّ بيانَ ضعفِهِ ومخالفته للدليل، إنكارٌ مثلُه، وأمَّا العملُ فإذا كان على خلافِ سنَّةٍ، أو إجماعٍ: وجب إنكارُه بحسب درجاتِ الإنكارِ، وكيف يقول فقيهٌ " لا إنكارَ في المسائلِ المختلفِ فيها"؛ والفقهاءُ مِن سائرِ الطوائفِ قد صرّحوا بنقضِ حكمِ الحاكم إذا خالف كتاباً أو سنَّةً، وإن كان قد وافق فيه بعضَ العلماء؟!
وأما إذا لم يكن في المسألةِ سنَّةٌ ولا إجماعٌ، وللاجتهاد فيه مساغٌ؛ لم تنكر من عمل بها مجتهدا أو مقلداً.
وإنما دخل هذا اللبسُ مِن جهة أنَّ القائل يعتقد أنَّ مسائل الخلاف هي مسائلُ الاجتهاد، كما اعتقد ذلك طوائف مِن الناس ممن ليس لهم تحقيقٌ في العلم.
والصواب: ما عليه الأئمةُ أنَّ مسائلَ الاجتهادِ ما لم يكن فيها دليلٌ يجب العملُ به وجوباً ظاهراً، مثل حديثٍ صحيحٍ لا معارض له مِن جنسه: فيسوغ فيها - إذا عُدم فيها الدليلُ الظاهر الذي يجب العمل به - الاجتهاد لتعارض الأدلة، أو لخفاء الأدلة فيها.
وليس في قول العالِم "إنَّ هذه المسألة قطعيَّةٌ أو يقينيَّةٌ، ولا يسوغ فيها الاختلاف"، طَعْنٌ على مَن خالفها، ولا نسبةٌ له إلى تعمُّدِ خلافِ الصوابِ.

والمسائل التي اختلف فيها السلف والخلف وقد تيقنَّا صحةَ أحدِ القولين فيها: كثيرةٌ مثلُ كون الحامل تعتد بوضع الحمل (1)، وأنَّ إصابة الزوج الثاني شرط في حلها للأول (2)، وأن الغسل يجب بمجرد الإيلاج وإن لم ينزل (3)، وأن ربا الفضل حرام (4)، وأن المتعة حرام (5)، وأن النبيذ المسكر حرام (6)، وأن المسلم لا يقتل بكافر (7)، وأن المسح على الخفين جائز حضرا وسفرا (8)، وأنَّ السنَّة في الركوع وضع اليدين على الركبتين دون التطبيق (9)، وأن رفع اليدين عند الركوع والرفع منه سنَّة (10)، وأنَّ الشفعة ثابتة في الأرض والعقار (11)، وأنَّ الوقف صحيح لازم (12)، وأنَّ دية الأصابع سواء (13)، وأنَّ يد السارق تقطع في ثلاثة دراهم (14)، وأنَّ الخاتم من حديد يجوز أن يكون صداقا (15)، وأنَّ التيمم إلى الكوعين بضربة واحدة جائز (16)، وأن صيام الولي عن الميت يجزئ عنه (17)، وأن الحاج يلبي حتى يرمي جمرة العقبة (18)، وأنَّ المحرم له استدامة الطيب دون ابتدائه (19)، وأنَّ السنة أن يسلم في الصلاة عن يمينه وعن يساره" السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله" (20)، وأنَّ خيار المجلس ثابت في البيع (21)، وأنَّ المصرّاة يَرد معها عوض اللبن: صاعاً من تمر (22)، وأنَّ صلاة الكسوف بركوعين في كل ركعة (23)، وأنَّ القضاء جائز بشاهد ويمين (24)، إلى أضعاف أضعاف ذلك مِن المسائل، ولهذا صرَّح الأئمة بنقض حكم مَن حكم بخلاف كثيرٍ مِن هذه المسائل مِن غير طعنٍ منهم على مَن قال بها.

وعلى كلِّ حالٍ: فلا عذر عند الله يوم القيامة لِمن بلغه ما في المسألة - هذا الباب وغيره- مِن الأحاديث، والآثار التي لا معارض لها إذا نبذها وراء ظهره، وقلَّد مَن نهاه عن تقليده، وقال له: لا يحل لك أن تقول بقولي إذا خالف السنَّة، وإذا صح الحديث فلا تعبأ بقولي، وحتى لو لم يقل له ذلك: كان هذا هو الواجب عليه وجوباً لا فسحة له فيه، وحتى لو قال له خلاف ذلك، لم يسعه إلا اتباع الحجة، ولو لم يكن في هذا الباب شيءٌ مِن الأحاديث والآثار البتة: فإنَّ المؤمن يعلم بالاضطرار أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يعلِّم أصحابه هذه الحِيَل، ولا يدلهم عليها ... وهذا القدر لا يحتاج إلى دليلٍ أكثر مِن معرفة حقيقة الدين الذي بَعث الله به رسولَهُ. أ.هـ‍" اعلام الموقعين" (3/ 300 - 301).

http://www.saaid.net/Doat/ehsan/67.htm

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير