[(و كذا عند الأمن) من الفتنة فيما يظنه من نفسه من غير شهوة (على الصحيح) ووجهه الإمام باتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه و بأن النظر مظنة للفتنة و محرك للشهوة، فاللائق بمحاسن الشريعة سد الباب و الإعراض عن تفاصيل الأحوال كالخلوة بالأجنبية، و به اندفع القول بأنه غير عورة فكيف حرم نظره لأنه مع كونه غير عورة نظره مظنة للفتنة أو الشهوة ففطم الناس عنه احتياطا، على أن السبكي قال: الأقرب إلى صنيع الأصحاب أن وجهها و كفيها عورة في النظر، والثاني لا يحرم و نسبه الإمام للجمهور و الشيخان للأكثرين، و قال في المهمات: إنه الصواب، و قال البلقيني: الترجيح بقوة المدرك، و الفتوى على ما في المنهاج، و ما نقله الإمام من الاتفاق على منع النساء: أي منع الولاة لهن معارض لما حكاه القاضي عياض عن العلماء أنه لا يجب على المرأة ستر وجهها في طريقها و إنما ذلك سنة، و على الرجل غض البصر عنهن للآية، و حكاه المصنف عنه في شرح مسلم و أقره عليه، و دعوى بعضهم عدم التعارض في ذلك إذ منعهن من ذلك ليس لكون الستر واجبا عليهن في ذاته بل لأن فيه مصلحة عامة و في تركه إخلال بالمروءة مردودة، إذ ظاهر كلامهما أن الستر واجب لذاته فلا يتأتى هذا الجمع، و كلام القاضي ضعيف، و حيث قيل بالجواز كره و قيل خلاف الأولى، و حيث قيل بالتحريم و هو الراجح حرم النظر إلى المنتقبة التي لا يبين منها غير عينيها و محاجرها كما بحثه الأذرعي و لا سيما إذا كانت جميلة فكم في المحاجر من خناجر، وافهم تخصيص الكلام بالوجه و الكفين حرمة كشف ما سوى ذلك من البدن، و ما اختاره الأذرعي تبعا لجمع من حل نظر وجه و كف عجوز تؤمن الفتنة من نظرها لآية ـ و القواعد من النساء ـ ضعيف مردود بما مر من سد الباب و أن لكل ساقطة لاقطة، و لا دليل في الآية كما هو جلي بل فيها إشارة للحرمة بالتقييد بغير متبرجات بزينة، و اجتماع أبي بكر و أنس بأم أيمن و سفيان و أضرابه برابعة رضي الله عنهم لا يستلزم النظر، على أن مثل هؤلاء لا يقاس بهم غيرهم، و من ثم جوزوا لمثلهم الخلوة كما يأتي قبيل الاستبراء إن شاء الله تعالى]
نهاية المحتاج 6/ 187 ـ 188
مطبعة الحلبي
أقول ـ محمد رشيد ـ: أول ما أوقع في الخلط هو قول الرملي فيما سبق:
(((((ووجهه الإمام باتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه و بأن النظر مظنة للفتنة و محرك للشهوة، فاللائق بمحاسن الشريعة سد الباب و الإعراض عن تفاصيل الأحوال كالخلوة بالأجنبية)))))
أقول: لا يجرؤ أحد على القول بتوجيه هذا الاتفاق المنقول عن الإمام الجويني بأنه اتفاق على وجوب أصل ستر الوجه، بل إن صح فهو اتفاق على فعل من الأفعال للعدد من الولاة قابل للنقض ... بل هو أولى به ... فأين هذا الاتفاق!!
فالاتفاق إذا ليس في أصل المسألة كما قد يظنه البعض،،،
يوضح ذلك و يظهره كلام الشربيني الخطيب في مغني المحتاج حيث يقول:
((و ما نقله الإمام من الاتفاق على منع النساء: أي منع الولاة لهم معارض بما حكاه القاضي عياض عن العلماء أنه لا يجب على المرأة ستر وجهها في طريقها، و إنما ذلك سنة، و على الرجال غض البصر عنهن للآية، و وحكاه المصنف ـ يريد النووي ـ عنه في شرح مسلم و أقره عليه))
2/ 129 حلبي
فواضح هنا أنه اعترض على الجويني هذا التوجيه رغم كون الوجه لا يجب ستره على المرأة في طريقها، و كأن القاضي عياض يحاكم الجويني في نقطة اتفاق و هي القول بعدم وجوب الستر على المرأة في طريقها،،،،،
فيذهب القاضي / إلى عدم إلزام المرأة بالستر و يقول للجويني: كيف تلزمها رغم كون وجهها ليس عورة؟
و أما الجويني فيقول بالإلزام، أي إلزام المرأة بوجوب الستر و كأنه يقول بالوجوب في أصل المسألة،،،، تأمل
و يدل على ذلك ـ أي على تقرير كلام القاضي في عدم وجوب ستر الوجه و أنه مذهب الأصحاب ـ صنيع بعض المتأخرين حين أرادوا الجمع بين كلام الجويني و كلام القاضي في الرد عليه و إقرار النووي له ....
فماذا فعل هؤلاء المتأخرون؟
يقول الشربيني:
((و قال بعض المتأخرين: إنه لا تعارض في ذلك، بل منعهن من ذلك لا لأن الستر واجب عليهن في ذاته، بل لأن فيه مصلحة عامة، و في تركه إخلال بالمروءة اهـ))
¥