تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

- سابعاً: قال الخطابي في " أعلام الحديث " 3/ 1657:" امتناع زيد بن عمرو من أكل ما في السفرة إنما كان من أجل خوفه أن يكون اللحم الذي فيها مما ذبح على الأنصاب فتنزه من أكله، وقد كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لا يأكل من ذبائحهم التي كانوا يذبحونها لأصنامهم، فأما ذبائحهم لمأكلتهم فإنا لم نجد في شيء من الأخبار أنه كان يتنزه منها، ولأنه كان لا يرى الذكاة واقعة إلا بفعلهم قبل نزول الوحي عليه، وقبل تحريم ذبائح أهل الشرك، فقد كان بين ظهرانيهم، مقيماً معهم، ولم يُذكر أنه كان يتميز عنهم إلا في أكل الميتة، وكانت قريش وقبائل من العرب تتنزه في الجاهلية عن أكل الميتات، ولعله – صلى الله عليه وسلم – لم يكن يتّسع إذ ذاك لأن يذبح لنفسه الشاة ليأكل منها الشلو أو البضعة، ولا كان فيما استفاض من أخباره أنه كان يهجر اللحم ولا يأكله، وإذا لم يكن بحضرته إلا ذكاة أهل الشرك ولا يجد السبيل إلى غيره، ولم ينزل عليه في تحريم ذبائحهم شيء، فليس إلا أكل ما يذبحونه لمأكلتهم بعد أن تنزه من الميتات تنزيهاً من الله عز وجل له، واختياراً من جهة الطبع لتركها استقذاراً لها، وتقززاً منها، وبعد أن يجتنب الذبائح لأصنامهم عصمة من الله عز وجل له لئلا يشاركهم في تعظيم الأصنام بها ".

- ثامناً: قال السهيلي: " فإن قيل: فالنبي – صلى الله عليه وسلم – كان أولى من زيد بهذه الفضيلة، فالجواب أنه ليس في الحديث أنه – صلى الله عليه وسلم – أكل منها، وعلى تقدير أن يكون أكل، فزيد إنما كان يفعل ذلك برأي يراه لا بشرع بلغه، وإنما كان عند أهل الجاهلية بقايا من دين إبراهيم، وكان في شرع إبراهيم تحريم الميتة، لا تحريم ما لم يذكر اسم الله عليه، وإنما نزل تحريم ذلك في الإسلام، والأصح أن الأشياء قبل الشرع لا توصف بحل ولا بحرمة، مع أن الذبائح لها اصل في تحليل الشرع واستمر ذلك إلى نزول القرآن ... ".

- وقال القاضي عياض في عصمة الأنبياء قبل النبوة:" إنها كالممتنع، لأن النواهي إنما تكون بعد تقرير الشرع، والنبي – صلى الله عليه وسلم – لم يكن متعبداً قبل أن يوحى إليه بشرع من قبله على الصحيح ... ".

- تاسعاً: ومن التوجيهات كذلك كما قال الشيخ الألباني – رحمه الله -:" توهم زيد أن اللحم المقدم إليه من جنس ما حرم الله، ومن المقطوع به أن بيت محمد – صلى الله عليه وسلم – لا يطعم ذبائح الأصنام، ولكن أراد الإستيثاق لنفسه والإعلان عن مذهبه، وقد حفظ محمد له ذلك وسرّ به ".

- عاشراً: نقل الذهبي – رحمه الله – عن إبراهيم الحربي بعد إيراد الحديث ما نصه:" رَوَاهُ: إِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ فِي (الغَرِيْبِ)، عَنْ شَيْخَيْنِ لَهُ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ.

ثُمَّ قَالَ: فِي ذَبْحِهَا عَلَى النُّصُبِ وَجْهَانِ:

إِمَّا أَنَّ زَيْداً فَعَلَهُ عَنْ غَيْرِ أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ مَعَهُ، فَنُسِبَ ذَلِكَ إِلَيْهِ، لأَنَّ زَيْداً لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مِنَ العِصْمَةِ وَالتَّوْفِيْقِ مَا أَعْطَاهُ اللهُ لِنَبِيِّهِ، وَكَيْفَ يَجُوْزُ ذَلِكَ وَهُوَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَدْ مَنَعَ زَيْداً أَنْ يَمَسَّ صَنَماً، وَمَا مَسَّهُ هُوَ قَبْلَ نُبُوَّتِهِ؟ فَكَيْفَ يَرْضَى أَنْ يَذْبَحَ لِلصَّنَمِ؟ هَذَا مُحَالٌ.

الثَّانِي: أَنْ يَكُوْنَ ذُبِحَ لِلِّهِ، وَاتّفَقَ ذَلِكَ عِنْدَ صَنَمٍ كَانُوا يَذْبَحُوْنَ عِنْدَهُ.ا. هـ.

- نتيجة البحث:

1 - ليس في الحديث أن النبي – صلى الله عليه وسلم – ذبح على النصب أو أكل مما ذبح على النصب، وغاية ما في الحديث أن السفرة قدمت للنبي – صلى الله عليه وسلم – ولزيد ولم يأكلا منها.

2 - الرواية التي في صحيح البخاري أن السفرة قدمت للنبي – صلى الله عليه وسلم – فرفض أن يأكل منها، ثم قدمت لزيد ولم يأكل منها، فلا وجه لطعن طاعن أو لمز لامز ولله الحمد.

3 - جاءت رواية عند أحمد أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قدم السفرة لزيد، وامتنع زيد أن يأكل منها، وكذلك لا يوجد أي دليل على الذبح للنصب أو للصنم، وإن كان يفهم منها هذا ولكنها ليست صريحة.

4 - امتناع زيد بن عمرو من أكل ما في السفرة إنما كان من أجل خوفه أن يكون اللحم الذي فيها مما ذبح على الأنصاب فتنزه من أكله، وقد كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لا يأكل من ذبائحهم التي كانوا يذبحونها لأصنامهم.

5 - أما ما جاء في بعض الروايات التي فيها (إني لا آكل مما تذبحون على أنصابكم) قال: فما رؤي النبي – صلى الله عليه وسلم – بعد ذلك أكل شيئاً مما ذبح على النصب) وهذه الرواية منكرة، حكم عليها بالنكارة الإمام الذهبي والإمام الألباني – رحمهما الله -.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

كتبه وحرره

سعود الزمانان

4/ 4/2004

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير