تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إن قولكم في الفتيا هو كالقول في اللغة العربية، وكالقول في القراءات، وكالقول في مخارج الحروف، وكالقول في الشعر ... سواء بسواء:

ففي الجانب اللغوي:

إن فطاحل العربية لغة، فصحاء وبلغاء في جيل الرعيل الأول لا يعرفون قواعد اللغة، صرفية كانت أو نحوية أو بلاغية ... ولو سألنا عمر بن الخطاب عن الفاعل والمفعول به لضربنا بدرته ولا شك. وذلك لأنهم كانوا على شاكلة القائل:

ولست بنحوي يلوك لسانَه ....... ولكني سليقيٌّ أقول فأعرب

بل إن العرب وقتئذ هم الأصل الأصيل المُرجع إليه عند النزاع. ذلكم بعد القرآن الكريم الذي لا يأتيه باطل من بين يديه ولا من خلفه.

ولولا محاولة حفظ هذا الجيل لقواعد اللغة العربية لما اسطاعوا قراءة حرف من كتاب الله. وهل كنا سنقرأ القرآن، والمصحفُ غيْرُ منقوط ولا مشكول، ومن أين لنا أن نفرق بين التاء والباء والثاء والياء ورسمُها واحد وقتئذ.

فلله الحمد والمنة أن بدأت التقعيدات في أجيال النور الأولى على يد أبي الأسود الدؤلي، ويحيى بن يعمر، ونصر بن عاصم الليثي وغيرهم الذين أسهموا في تسهيل اللغة العربية لمن بعدهم قراءة، كتابة، فصاحة، بلاغة ...

وبعد المِراس والدربة مطالعة وكتابة، تأتي المرحلة الوالية وهي بداية اكتساب الملكة، حتى تطاوع اللغةُ لسانَ المرء وقلمَه، فتنساب على فِكرته وخاطرته، فتكون الفصاحة مداد كلماته، والبلاغة دعابة لسانه.

إذن فالأمر هو كما ذكرتم _ حفظكم الله _ لابد من توسل السنوات من حفظ القواعد، وتشمير السواعد. تسويد بالليل، وتبيض بالنهار. حتى نصل إلى سؤر سلف الأمة ومنفوض غبارهم في العلم والعمل.

أما الشعر:

فجزى الله الخليل بن أحمد والأخفش الأوسط من تلامذته على استقراءاتهم حتى وضعوا علم العروض، ولولاهما بعد الله سبحانه لما عَرف مَنْ بعدهم كيف يكتب شعرا عموديا أبدا. وكل هذا لفقدان الملكة.

موضوع القواعد الكلية

ألا ترى معي أن قول الإمام مالك (لا يعجبني) عندما يسأل عن مسألة ما، وقول الإمام أحمد (أكره كذا) جوابا على سؤال .. هي من قبيل الملكة الفقهية الورعية الأحوطية ... !؟

ألا ترى معي أن مسيرة علم أصول الفقه، إنما هي توطئة وتمهيد لمن بعد الإمام الشافعي، بعد أن بدأت بوادر فقدان الملكة الفقهية تلوح في أفق العلماء، بداية من عصره. وذلكم لرسم طريق الهدى العلمي لمن أراد اللحاق بكوكبة هداة الأمة من العلماء!؟

فالذي أراه والله أعلم أن لا نطالب فاقدي الأشياء بما ليس لديهم، لأن الملكة -الآن- هي عصارة تجميع القواعد وتطبيقاتها، كما أن القواعد -الآن- هي مستنبطات الملكة الفقهية - وقتئذ -.

ـ[مصطفى الفاسي]ــــــــ[20 - 05 - 04, 08:31 م]ـ

.

ـ[أبو عبدالله النجدي]ــــــــ[21 - 05 - 04, 06:56 م]ـ

شكر الله لكما: أخي النجدي، وأخي الفاسي

أخي مصطفى:

محلُّ المؤاخذة: هو التوثُّب على الإفتاء بالأحوط دائماً، أو غالباً، دون اجتهادٍ في تحصيل الحكم بآلاته.

أما الأخذ بالعزائم والاحتياط في محله فلا إشكالَ فيه، وهذا بالطبع بعد بذل الجهد في المسألة.

ولهذا ففقه الإمام أحمد من أوسع المذاهب في المعاملات، مع أنه من هو في الورع والتزهد.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير