إن أرجح الأقوال في المذاهب عدم جواز ابتداء أهل الذمة بالسلام. إلاّ أن القول بالجواز قال به جمهور كبير من العلماء حتى داخل كل مذهب.
- نقل ابن عابدين في حاشيته 5/ 264 عن بعض المشايخ أنه (لا بأس بلا تفصيل) وهو المذكور في الخانيّة. وإن رجّح هو أنه مكروه إلاّ عند وجود الحاجة إليه.
- ونقل النووي في شرح صحيح مسلم 14/ 145 عن الماوردي (وجهاً لبعض أصحابنا أنه يجوز ابتداؤهم بالسلام) وقد رجّح النووي التحريم.
- ونقل ابن مفلح في الآداب الشرعية 1/ 412 عن بعض العلماء القول بعدم التحريم.
وقد روي هذا القول ـ أي عدم التحريم ـ عن ابن عباس وابن مسعود وأبي أمامة وابن محيريز وعمر بن عبد العزيز وسفيان بن عيينة والشعبي والأوزاعي، ونقل القرطبي في تفسيره (11/ 112) عن الطبري قوله: وقد روي عن السلف أنهم كانوا يسلمون على أهل الكتاب، كما ذكر القرطبي نفسه عن ابن مسعود أنه فعله بدهقان صحبه في طريقه، قال علقمة: فقلت له: يا أبا بعد الرحمن أليس يكره أن يبدؤوا بالسلام؟ قال: نعم. ولكن حق الصحبة. كما اختار هذا القول السيد رشيد رضا في (تفسير المنار) والشيخ الشنقيطي في (أضواء البيان).
من كل ما تقدّم نستنتج:
1. أن الإسلام يحثّ المسلمين على المبادرة إلى طرح التحية تجاه جميع الناس وبلفظ (السلام عليكم) بدليل أحاديث إفشاء السلام العامة وهي كثيرة وصحيحة.
2. أن الإسلام يأمر بردّ التحية بأحسن منها أو مثلها حين يبادر الآخرون بها لقوله تعالى:} وإذا حيّيتم بتحية فحيّوا بأحسن منها أو ردّوها .. {. فإذا ابتدأ الكتابي بالسلام يُردّ عليه بمثله على الأقل.
3. إذا بدأ الآخرون بتحية سيّئة يجوز للمسلم ردّها بمثلها فقط، بدليل قول الرسول (ص) لأصحابه حين كان اليهود يبدؤونهم بالقول: (السام عليكم) قولوا: وعليكم.
- ويجوز الصفح عنهم ورد التحية السيئة بأحسن منها لعموم قوله تعالى: {ويدرؤون بالحسنة السيئة} [سورة الرعد، الآية 22]. وقوله في رد التحية:} فحيّوا بأحسن منها .. {وقوله في التعامل مع أهل الحرب: {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به، ولئن صبرتهم لهو خير للصابرين} [سورة النحل، الآية 126]. وقوله تعالى: {فاصفح عنهم .. وقل سلام .. } [سورة الزخرف، الآية 19].
- ولا يجوز الزيادة عن المثل في (التحية السيئة) لما ثبت أن الرسول (ص) لم يوافق عائشة رضي الله عنها على هذه الزيادة. وذلك في الحديث الصحيح عندما قال اليهود: السام عليكم، فردت عليهم: وعليكم السام واللعنة. فنهاها عن ذلك وأمرها بالرفق وأن تكتفي بالرد: وعليكم. [الرواية متفق عليها].
هذه صورة من أخلاق المسلم. وصدق رسول الله (ص): (إنما بعثت لأتمّم مكارم الأخلاق).
نقلا عن موقع الشيخ:
http://www.mawlawi.net/default.asp
ـ[ابن وهب]ــــــــ[10 - 09 - 04, 09:48 ص]ـ
في بحث الشيخ فيصل مولوي عدة أمور هي محل نظر وبحث من ذلك قوله
(لحديث: (لا تبدأوا اليهود ولا النصارى بالسلام) وسيأتي معنا أن هذا التخصيص محصور في حالة الحرب فقط.)
ما الدليل على هذا التخصيص
ـ[ابن وهب]ــــــــ[10 - 09 - 04, 10:34 م]ـ
في مصنف ابن ابي شيبة (84) في السلام على أهل الذمة، ومن قال: في الصحبة حق (1) أبو بكر قال حدثنا أبو معاوية عن الاعمش عن إبراهيم عن علقمة قال: أقلبت مع عبد الله من السيلحين فصبحبه دهاقين من أهل الحيرة، فلما دخلوا الكوفة أخذوا في طريق غير طريقهم، فالتفت إليهم فرآهم قد عدلوا، فاتبعهم السلام، فقلت: أتسلم على هؤلاء الكفار، فقال: نعم صحبوني وللصحبة حق. * (هامش) * (84/ 1) السيلحون: قرية قرب الحيرة جاء قي معجم البلدان أنها تعرب إعراب جمع المذكر السالم فيقال هذه سيلحون وسافرت إلى سيلحين وزرت سيلحين. (*) (2) حفص بن غياث عن عاصم عن حماد عن إبراهيم عن علقمة قال: ما زادهم عبد الله عن الاشارة. (3) عبد الوهاب الثقفي عن شعيب بن الحبحاب قال: كنت مع علي بن عبد الله البارقي، فمر علينا يهودي أو نصراني عليه كارة من طعام، فسلم عليه علي، فقال شعيب: فقلت: انه يهودي أو نصراني: فقرأ علي آخر سورة الزحرف (وقيله يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون * فاصفح عنهم وقل سلام فسوف يعلمون). (4) كثير بن هشام عن جعفر بن برقان قال حدثنا معتمر قال: بلغني أن أبا هريرة مر على يهودي فسلم
¥