ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[06 - 03 - 06, 01:36 ص]ـ
بارك الله في أخي ابن وهب، وجزاه الله خيرا على ما تفضل به.
بالنسبة لذكر مَن نقل عن الأسدية؛ فقد كان القصد منه الإشارة إلى أنها لم تُهجر كلية من طرف المالكيين ... وإنما خصصتُ من ذكرت لأنهم مظنة سعة الإطلاع .. والوقوف على المصادر مباشرة، وقرب العهد .... و لكون الأسدية كان لها شئ من الحضور بالأندلس .. وهذا في الباجي وابن عبد البر وعياض ظاهر .. وذكرتُ المواق .. لكونه بلديهم .. و لتأخره .. و لأنه وصف بتحريره للنقول ...
ولم أرد الاستقصاء فلم أذكر ابن رشد وغيره.
ويبقى أن ما ذكرتَه ـ أخي الفاضل ـ فالاحتمال فيه قوي .. ومن علم استفادة اللاحق من السابق عرف جيدا صدق قولك ..
وكذلك يقال في نقول القاضي عياض من طبقات الفقهاء للشيرازي: ما ذكرتَه محتمل ... وقد كان هذا الأمر الذي أشرتَ إليه بعينه محل مباحثة بيني وبين أحد الأساتذة ممن لهم اهتمام بالمذهب المالكي ... وذكر بعض تلك الاحتمالات التي أشرت إليها مشكورا.
وأكاد أجزم أن الكتاب الذي يعتمده القاضي عياض في نقله عن الشيرازي هو غير < طبقات الفقهاء > الموجود بيننا .. وذلك لكثرة المخالفة بين نقول القاضي عنه، وبين ما يوجد في المطبوع ..
وفي مقدمة المدارك نبه القاضي عياض على بعض أوهام وقعت للإمام الشيرازي ـ رحمه الله ـ.
وبمناسبة هذا الحديث؛ فقد رأيت محقق المدارك طبعة بيروت، الأستاذ أحمد بكير يشكو من مثل ما ذُكر الآن هنا، ويجزم بأن نسخة < طبقات علماء أفريقية > لابن حارث الخشني المطبوع ما هو إلا اختصار للكتاب الأصلي، وذلك بسبب عدم وجود العديد من الأخبار التي ينقلها القاضي عياض عنه في المدارك في النسخة المطبوعة.
أما محققوا كتابي < البيان والتحصيل >، و < النوادر و الزيادات > .. فأساتذة كرام ـ رحم الله من توفي منهم ـ لهم اهتمام ظاهر بتحقيق التراث .. و لكن مسائل المذهب و مصطلاحاته .. فما أظنهم على اطلاع واسع فيها .. فاحتمال الخطأ عليهم غير بعيد ..
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[08 - 03 - 06, 08:35 ص]ـ
ومن أنواع المصنفات الفقهية، والأعمال العلمية حول المدونة السحنونية؛ ما يعرف بـ < التعليقات >: جمع تعليقة، وهو مصطلح شافعي مالكي، يطلقونه على نوع من المصنفات يسجلون فيها شرحا لمختارات من متن فقهي أو غيره .. يقتصرون فيه على بيان مشكل، أو تقييد مطلق .. أو شرح غريب .. أو ضبط عَلَم ..
وعلماء الحنفية يطلقون على هذا النوع من التصنيف؛ مصطلح < الأمالي >، ولا تسمى مثل هذه الأعمال تصنيفا إلا أن تهذب وتنقح على يدي صاحبها، وتقابل على الأصول.
وأما التقاييد والطُرَر التي يدونها الطلاب عن المشايخ أثناء جلوسهم للدرس؛ فلا تعد تصنيفا، ولا يجوز عندهم النقل عنها ولا الفتوى منها .. ومثلها ما يوجد على حواشي بعض الكتب .. فلا يعتد بها .. إلا أن تكون في حواشي كتب علماء موثقين، خطوطهم معروفة .. ويكون ما فيها موافقا لما في الكتب المعتمدة المضبوطة ..
بيّن بعض ما تقدم الشيخ النابغة الغلاوي صاحب < بو طليحية > فقال ناظما، في أبيات لا تخلو من ظرف 97 ـ 102:
وكل ما قُيد مما يُستمد - - في زمن الإقراء غير معتمدْ
وهو المسمى عندهم بالطره - - قالوا: ولا يفتي به ابن الحره
لأنه يهدي وليس يعتمد - - عليه وحده مخافة الفَنَدْ
كطرة الجزولي وابن عمرا - - على الرسالة أمير الأمرا
بل أوجبوا تأديب من أفتى بها - ما لم يكن نال المقام النابها
وهي إلى محلها منسوبة - - بخط موثوق به مكتوبه
ولم تخالف ما في الأمهات - - من نص أو قاعدة فهاتِ
لا فرق بينها وبين ما نقل - - في سائر المصنفات وعُقل
ومنه ما أدخله عياض - - متن الشفا ووزنه رياض
وحيث لم تكن بهذا الحال - - فلم تكن من الكلام الحالي
قلت: وربّ جاهل التقاضي - - يفتي الورى بطرة ابن القاضي
وطرة ابن رارَ والخطاط - - فكان في غاية الانحطاط
عن رتبة التصحيح والتمريض - - رَضِي ببيت جاء في قريض
أم الحُلَيْس لعجوز شَهْرَبه - - ترضى من اللحم بعظم الرقبه
فإن يقل: ما لي سوى ذي المرتبه - - قلنا: فما على السكوت معتبه
فما به غيرك عنك قاما - - للنفس لا تطلب به مقاما
بل طرة ابن القاضي الأولي لعبت - - أيدي التلاميذ بها فذهبت
أخبرني الشيخ حبيب الله - - بذاك وهو ثقة والله
¥