تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والقول الثاني لكم صحيح بارك الله فيكم، وأما الأول: (إذا نظرنا إلى أصلها ... ) إلخ. فيمكنكم الاستغناء عنه هنا.

لأن العبرة هنا ليست بأصل هذه الأصوات، ولكن بحالتها التي هي عليها الآن، فقد خرجت هذه الأصوات عن أصلها ونسبتها إلى أصلٍ ونِسْبَةٍ أخرى، فلم تعد هي تلك الأصوات والمؤثرات الخارجة من الطيور ولا الماء، ونحن لا نستطيع أن نميز صوت هذا من ذاك عند سماعنا لهذه الأصوات الصادرة في هذا اليوم من قناة المجد مثلاً.

فلا أستطيع مثلاً أن أقول لك: الجزء الأول من الفاصل المذكور هو صوت الماء، والجزء الثاني مثلاً هو صوت الطيور وهكذا؛ ولكنها تداخلت جميعًا فتحولت عن أصلها إلى مؤثرات جديدة بعيدة تمامًا عن أصلها وتسميتها السابقتين.

فبناء الحكم هنا: إنما يكون على حالتها الجديدة لا القديمة.

أمرٌ آخر: أن العلة في تحريم المعازف ليست هي تلك الآلة المصنوعة من الخشب مثلاً أو غيرها، وإنما الصوت الخارج منها، فنحن نعلم يقينًا أنني لو استخدمت تلك الآلة الموسيقية في أساس البيت مثلاً؛ كجعل البيانو ترابيذة للمذاكرة، ونحو ذلك من الاستخدامات الخارجة عن إصدار الأصوات، فهذا وشبهه ليس حرامًا؛ لأنه لم تصدر أية أصوات محرمة عن تلك الحديدة، أو الخشبة التي تأخذ شكل البيانو أو غيرها، فليست العلة في الحديد أو الخشب أو المادة المصنوع منها الآلة، ولكن العلة في تلك الأصوات الصادرة والتي تسمى موسيقى، وينسحب الحكم من الموسيقى إلى آلاتها المخصصة لها بلا شك، لكنه لا ينسحب على شبيه آلة الموسيقى الذي لم يخصص لذلك، وكذا لا ينسحب على آلة الموسيقى نفسها إذا خرجت عن طور آلة الموسيقى إلى طور آخر، إما بتغيير استخدامها وتعطيل أصواتها، أو غير ذلك.

ومن هنا يظهر حكم المسألة المعروضة من جنابكم بارك الله فيكم.

وأتوب إلى الله وأستغفره من كل حرف هنا إن كان ما كتبتُه خطأ.

والله أعلم.

ـ[راضي عبد المنعم]ــــــــ[15 - 01 - 05, 11:18 ص]ـ

للمذاكرة والإفادة

ـ[محمد الأمين]ــــــــ[15 - 01 - 05, 09:40 م]ـ

أخي محمد الأمين

أفهم من كلامكم أمرين:

أولهما: أن العلة إذا لم تكن منصوصا عليها ولا متفقا عليها، فهي مجرد ظن وتخمين. وأفهم منه: إذا اجتهد العلماء في إيجاد علة حكم شرعي ما، فلا ينبغي الاعتداد بهذا الاجتهاد مطلقا، لأنه مجرد ظن وتخمين.

وثانيهما: أن تحريم المعازف مسألة تعبدية غير معقولة المعنى.

فهل فهمي لكلامكم في الأمرين صحيح؟

وإذا كان صحيحا فما تعريف المعازف عندكم؟ وهل يدخل فيه صورة المسألة المطروحة أم لا؟

الشيخ عصام وفقه الله

المسألة الأولى: مسألة النص على العلة. فهذه المسألة شائكة فيها خلاف واسع، وتحتاج إلى موضوع مستقل. لكني أقول فيها ما ترجح لي أننا لا نعتد بهذه العلة إلا إذا كان الاحتمال قوياً.

المسألة الثانية: مسألة تحريم المعازف نفسها فيها خلاف. لكن على فرض ثبوت التحريم: فهي إما تعبدية غير معقولة المعنى وإما أنها معللة. فأين العلة هنا؟ وما سبب التحريم؟ وعامة من تكلم في الأمر لم يذكر أي علة فيما أعلم. وبعضهم يذكر أموراً مثل مزمور الشيطان وأمثال ذلك مما هو لا يوضح سبب التحريم. وبعضهم يذكر أنه يلهي عن ذكر الله وهذا لا يستقيم لهم لأنهم يحرمونه سواء ألهى عن الذكر أم لا. ومثله تعليله بأن المعازف مثيرة للوجد محركة للهوى مطربة للقلب، لكنهم يحرموها حتى لو لم تكن كذلك (كما هي الحال مع قناة المجد).

ولنا أن نمثل بمسألة: هل اقتناء المرء لشحرور مغرد حرام أم حلال؟ فإن قلتم حلال (وهو كذلك) فهل يجوز للمرء أن يجعل جرص بيته هو صوت شحرور صناعي؟ فإن كان نعم، فهل يجوز ادخال تعديلات في الصوت كتنعيمه مثلا أو تسريع وتيرته؟ وهل يجوز إضافة ذلك الصوت إلى مقطع مرئي كما قد يحدث في قناة المجد مثلاً؟

ـ[راضي عبد المنعم]ــــــــ[16 - 01 - 05, 01:06 ص]ـ

الشيخ الأمين وفقه الله:

السلام عليك.

سألك الشيخ عصام وفقه الله عن معنى كلامك السابق لاستشكاله له.

وسامحني فقد أجبتَ عليه بما أشكل عندي وعند غيري!!

واستشكالي بارك الله فيكم، أنني لم أستطع استخلاص مذهبكم في المسألة بدقة، بحيث يمكن لي أن أقول: رأي الشيخ الأمين في المسألة كذا.

هذا بعض المشكل بالنسبة لي، فأرجو التكرم بتوضيحه، للفائدة.

مسألة أخرى: ذكروا في الأصول: أن تعليل الأحكام يؤدي إلى إبطالها؛ والمراد بذلك: أن تطلُّب علل الأحكام، والتوقف في العمل بها حتى نقف على علّتها يؤدي إلى إبطال الأحكام؛ لأن منها ما ظهرت علّته ومنها ما خفيت العلة منه.

وقد أشرتم بارك الله فيكم: أن من الأحكام ما تكون العلة فيه تعبدية محضة، لكن لا أوافقك على تعبيرك بلفظ: ((تعبدية غير معقولة)) حتى وإن جرى على لسان البعض؛ لأن الشريعة جميعها ليس فيها ((غير معقول))، وأعلم أن مرادكم بارك الله فيكم ((غير موقوف على علته)) لكن اعتراضي على مجرد مبنى اللفظ لما في معناه مما أشرتُ لكم إليه.

وهنا سواء كانت العلة في التحريم: الصوت أو الصرف عن ذِكْرِ الله، أو غير ذلك فالنتيجة واحدة: وهي تحريم الموسيقى، والتي أفهم من كلامك أنك لا ترتضي التحريم، ولذا استشكلتُه، وطلبتُ منكم بيانه بوضوح أكثر بارك الله فيكم.

وصوت الشحرور الذي تفضلت بالكلام عنه: إذا تغيّر بمؤثرٍ يخرجه عن شُحْروريَّتِه لم يعد ممكنًا لنا بناء الحكم عليه بناءً على ماضِيَّتِه الشُّحْروريَّة؛ لأن الأحكام لا تبنى على الماضيات، وإنما على الحاضر الواقع من الوقائع.

ولو كان بناء الأحكام على ماضيِّها وأصولها؛ لقلنا بحل الخمر والعياذ بالله من هذا؛ لأنها في ماضيها وأصلها مأخوذة من العنب أو الزبيب المعلوم الحِلّ؛ وأمثلة ذلك كثيرة.

فعُلِمَ من هذا وغيره: أن لا عبرة بماضي الأشياء في بناء الأحكام عليها، كما قيَّدوا الماء النجس بما غَيَّرَتُه النجاسةُ وأخرجتُه من طور المائية إلى طور النجاسة فأفقدته بعض أوصافه كما هو موضّح عند الفقهاء في أبواب الطهارة.

ومن هنا لا يُسَلّم لجنابكم بناء الحكم على أصل الأشياء.

وشكر الله لكم.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير