2 - روى الإمام أحمد وابن أبي شيبة عن ابن سيدان قال:" شهدت مع أبي بكر خطبته وصلاته فكان ينصرف قبل أن ينتصف النهار، ثم شهدت مع عمر، فكانت خطبته وصلاته إلى أن أقول قد انتصف النهار، ثم شهدت عثمان فكانت خطبته وصلاته إلى أن أقول زال النهار "
لكن الأثر ضعيف، وقد ضعفه النووي في المجموع، بل قال:" ضعيف باتفاقهم " (4/ 512)، وضعفه في نصب الراية (2/ 234)، وعلة الحديث من ابن سيدان قال فيه البخاري: " لا يتابع على حديثه "
وقد عارضه ما هو أقوى منه فروى ابن أبي شيبة من طريق سويد بن غفلة:" أنه صلى مع أبي بكر وعمر حين زالت الشمس " وقال الحافظ في الفتح:" إسناده قوي "، وفي الموطأ عن مالك بن أبي عامر قال:" كنت أرى طنفسة - بساط - لعقيل بن أبي طالب يوم الجمعة تطرح إلى جدار المسجد الغربي فإذا غشي الطنفسة كلها ظل الجدار خرج عمر بن الخطاب وصلى الجمعة "، قال الحافظ:" إسناده صحيح، وهو ظاهر في أن عمر كان يخرج بعد زوال الشمس " ا. هـ[الفتح 2/ 387، ك 13، وانظر شرح المشيقح 3/ 349].
3 - عن جابر - رضي الله عنه - قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الجمعة، ثم نذهب إلى جمالنا فنريحها حين تزول الشمس يعني النواضح) [م 858]
وأجيب عن هذا بأن قوله: (حين تزول الشمس) متعلق بكل من الصلاة والذهاب، وليس فيه أن الصلاة كانت قبل الزوال، أو يكون الحديث محمولا على قرب الزوال، قال النووي:" حديث جابر فيه إخبار أن الصلاة والرواح إلى جمالهم كانا حين الزوال لا أن الصلاة قبله، فإن قيل قوله: حين الزوال لا يسع هذه الجملة، فجوابه: أن المراد نفس الزوال، وما يدانيه، كقوله صلى الله عليه وسلم: (صلى بي العصر حين كان كل شيء مثل ظله) " [المجموع 4/ 512]
4 - عن سلمة بن الأكوع قال: (كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم الجمعة ثم ننصرف وليس للحيطان ظل يستظل به) [خ 4168، م 860] وهذا يدل على أن الجمعة قد أوقعت قبل الزوال.
وأجيب عنه بما قاله النووي:" أنه حجة لنا في كونها بعد الزوال، لأنه ليس معناه أنه ليس للحيطان شيء من الفيء، وإنما معناه ليس لها فيء كثير بحيث يستظل به المار، وهذا معنى قوله: وليس للحيطان ظل يستظل به، فلم ينف أصل الظل وإنما نفى كثيره الذي يستظل به، وأوضح منه الرواية الأخرى: (نتتبع الفيء) فهذا فيه تصريح بوجود الفيء لكنه قليل، ومعلوم أن حيطانهم قصيرة وبلادهم متوسطة من الشمس ولا يظهر هناك الفيء بحيث يستظل به إلا بعد الزوال بزمان طويل " [المجموع 4/ 512]
القول الثاني: وهو رواية عن الإمام أحمد أن أول وقتها في الساعة السادسة أي قبل زوال الشمس بنحو ساعة وهو اختيار الموفق وأبي بكر عبد العزيز، واستدلوا بما يلي:
1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا: (من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح فكأنما قرب بدنة ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا أقرن ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر) [خ 881، م 850] وقد كانوا يقسمون النهار إلى اثنتي عشرة ساعة، فما بين الفجر إلى زوال الشمس ست ساعات، وما بين زوالها إلى غروبها ست ساعات، وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم خروج الإمام بعد الساعة الخامسة، أي في الساعة السادسة، والساعة السادسة تكون قبل الزوال، لأن الزوال يكون بعد انتهائها، ومما يدل على تقسمهم للنهار حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الجمعة اثنا عشرة ساعة لا يوجد عبد مسلم يسأل الله فيها شيئا إلا آتاه الله إياه، فالتمسوها آخر ساعة بعد العصر) [د 1048، ن 1389، والحديث صححه الحاكم ووافقه الذهبي، وصححه النووي، المجموع 4/ 541، وحسنه الحافظ في الفتح 2/ 420، وصححه الألباني]
وأجيب عن هذا الاستدلال بما يلي:
1 - أنه من المحتمل أن تكون بداية الساعات من الساعة الثانية لتكون الساعة الأولى للتهيؤ للصلاة بالاغتسال ونحوه، فيكون خروج الإمام عند آخر الساعة السادسة حقيقة لا الخامسة، وليس في طرق الحديث ذكر الإتيان من أول النهار.
¥