تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

2 - يحتمل أن الراوي لم يذكر الساعة السادسة، فيكون خروج الإمام عند آخر الساعة السادسة، وقد أشار الحافظ في الفتح - كما سيأتي - إلى مجيء ذكر الساعة السادسة في بعض الروايات.

قال الحافظ:" واستدل به على أن الجمعة تصح قبل الزوال ..... ووجه الدلالة منه تقسيم الساعة إلى خمس، ثم عقب بخروج الإمام، وخروجه عند أول وقت الجمعة، فيقتضي أنه يخرج في أول الساعة السادسة وهي قبل الزوال، والجواب أنه ليس في شيء من طرق هذا الحديث ذكر الإتيان من أول النهار، فلعل الساعة الأولى منه جعلت للتأهب بالاغتسال وغيره، ويكون مبدأ المجيء من أول الثانية فهي أولى بالنسبة للمجيء ثانية بالنسبة للنهار، وعلى هذا فآخر الخامسة أول الزوال فيرتفع الإشكال، وإلى هذا أشار الصيدلاني شارح المختصر حيث قال: إن أول التبكير يكون من ارتفاع النهار، وهو أول الضحى، وهو أول الهاجرة، ويؤيده الحث على التهجير إلى الجمعة .... ويحتمل أن يكون ذكر الساعة السادسة لم يذكره الراوي، وقد وقع في رواية … عند النسائي ... زيادة مرتبة بين الدجاجة والبيضة وهي العصفور، وتابعة صفوان بن عيسى عن ابن عجلان، أخرجه محمد بن عبد السلام الخشني، وله شاهد من حديث أبي سعيد أخرجه حميد بن زنجويه في الترغيب له بلفظ " فكمهدي البدنة إلى البقرة إلى الشاة إلى علية الطير إلى العصفور " الحديث، ونحوه في مرسل طاوس عند سعيد بن منصور، ووقع عند النسائي أيضا في حديث الزهري من رواية عبد الأعلى عن معمر زيادة البطة بين الكبش والدجاجة، لكن خالفه عبد الرزاق، وهو أثبت منه في معمر فلم يذكرها، وعلى هذا فخروج الإمام يكون عند انتهاء السادسة، ...... " ا. هـ[الفتح 2/ 368، وزيادة العصفور في سنن النسائي، ن 1387، وصحح النووي إسناد الرواية لكن احتمل أن تكون شاذة للمخالفة، المجموع 4/ 539، وقال الألباني:" منكر "]

2 - عن سهل بن سعد قال: (ما كنا نقيل ولا نتغدى إلا بعد الجمعة) [خ 939، م 859] والقيلولة والغداء إنما يكون قبل زوال الشمس.

قال الحافظ في الفتح:" وتعقب بأنه لا دلالة فيه على أنهم كانوا يصلون الجمعة قبل الزوال، بل فيه أنهم كانوا يتشاغلون عن الغداء والقائلة بالتهيؤ للجمعة ثم بالصلاة، ثم ينصرفون فيتداركون ذلك، بل ادعى الزين بن المنير أنه يؤخذ منه أن الجمعة تكون بعد الزوال لأن العادة في القائلة أن تكون قبل الزوال فأخبر الصحابي أنهم كانوا يشتغلون بالتهيؤ للجمعة عن القائلة ويؤخرون القائلة حتى تكون بعد صلاة الجمعة " ا. هـ

وما قال ابن المنير وجيه، لأن الصحابي استثنى يوم الجمعة من عادة عندهم، فعادتهم أنهم يقيلون قبل الزوال، إلا يوم الجمعة فكانوا يقيلون بعد الزوال وبعد الجمعة، قال النووي في المجموع (4/ 512):" معناه أنهم كانوا يؤخرون القيلولة والغذاء في هذا اليوم إلى ما بعد صلاة الجمعة، لأنهم ندبوا إلى التبكير إليها، فلو اشتغلوا بشيء من ذلك قبلها خافوا فوتها أو فوت التبكير إليها، ومما يؤيد هذا ما رواه مالك في الموطأ بإسناده الصحيح عن عمر بن أبي سهل بن مالك عن أبيه قال: كنت أرى طنفسة لعقيل بن أبي طالب تطرح يوم الجمعة إلى جدار المسجد الغربي، فإذا غشي الطنفسة كلها ظل الجدار خرج عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ثم نخرج بعد صلاة الجمعة فنقيل قائلة الضحى " ا. هـ والحديث الذي ذكره النووي في الموطأ [13].

القول الثالث: وهو رواية عن الإمام أحمد وهو مذهب الجمهور واختارها الآجري من أصحاب أحمد أنها لا تصح إلا بعد زوال الشمس، واستدلوا بما يلي:

1 - القياس على صلاة الظهر، فإن الجمعة وإن كانت أصلا في يوم الجمعة فهي بدل عن الظهر فيه وإن كان الظهر في يوم الجمعة بدلا عنها من جهة أخرى، قالوا: فحينئذ وقتها هو وقت صلاة الظهر.

2 - أن هذا هو الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقد صح عنه من حديث سلمة بن الأكوع كما في الصحيحين قال: (كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم الجمعة ثم ننصرف وليس للحيطان ظل يستظل به)، وفي مسلم: (كان يصلي إذا زالت الشمس ثم نرجع نتتبع الفيء) وثبت من حديث أنس بن مالك قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الجمعة حين تميل الشمس) [خ 904] أي حين تزول.

3 - أن هذا هو الثابت عن الصحابة الكرام كأبي بكر وعمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب - رضي الله عنهم - وغيرهم، ومن ثبت عنه من الصحابة خلاف ذلك فإما أن يكون السند ضعيفا، أو خالفه من هو أعلم به كأبي بكر وعمر، قال الحافظ في الفتح:" وأما علي فروى ابن أبي شيبة من طريق أبي إسحاق أنه " صلى خلف علي الجمعة بعد ما زالت الشمس " إسناده صحيح، وروى أيضا من طريق أبي رزين قال " كنا نصلي مع علي الجمعة فأحيانا نجد فيئا وأحيانا لا نجد " وهذا محمول على المبادرة عند الزوال أو التأخبر قليلا، وأما النعمان بن بشير فروى ابن أبي شيبه بإسناد صحيح عن سماك بن حرب قال " كان النعمان بن بشير يصلي بنا الجمعة بعد ما تزول الشمس قلت: وكان النعمان أميرا على الكوفة في أول خلافة يزيد بن معاوية، وأما عمرو بن حريث فأخرجه ابن أبي شيبة أيضا من طريق الوليد بن العيزار قال " ما رأيت إماما كان أحسن صلاة للجمعة من عمرو بن حريث، فكان يصليها إذا زالت الشمس " إسناده صحيح أيضا، وكان عمرو ينوب عن زياد وعن ولده في الكوفة أيضا، وأما ما يعارض ذلك عن الصحابة فروى ابن أبي شيبة من طريق عبد الله بن سلمة وهو بكسر اللام قال " صلى بنا عبد الله - يعني ابن مسعود - الجمعة ضحى وقال: خشيت عليكم الحر " وعبد الله صدوق إلا أنه ممن تغير لما كبر قاله شعبة وغيره، ومن طريق سعيد بن سويد قال " صلى بنا معاوية الجمعة ضحى " وسعيد ذكره ابن عدي في الضعفاء واحتج بعض الحنابلة بقوله صلى الله عليه وسلم " إن هذا يوم جعله الله عيد للمسلمين " قال فلما سماه عيدا جازت الصلاة فيه وقت العيد كالفطر والأضحى، وتعقب بأنه لا يلزم من تسمية يوم الجمعة عيدا أن يشتمل على جميع أحكام العيد، بدليل أن يوم العيد يحرم صومه مطلقا سواء صام قبله أو بعده بخلاف يوم الجمعة باتفاقهم." ا. هـ

والله أعلم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير