تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أرجو أن لا يكون كلامي قد أزعجكم إذ أني أحب النقد وأحب المناظرة لأنها طريقة لمعرفة الحقيقة. وسأذكر ما كتبه الحافظ ابن رجب في فتح الباري، ثم أكتب موضوعاً مستقلاً أجمع في كلامي كله إن شاء الله.

قال الحافظ في الفتح:

الحديث الثالث:

905 - ثنا عبدان: أنا عبد الله: أنا حميد، عن أنس: قال: كنا نبكر بالجمعة، ونقيل بعد الجمعة.

هذا ما يستدل به من يقول بجواز إقامة الجمعة قبل الزوال، لأن التبكير والقائلة لايكون إلا قبل الزوال. وقد تقدم إنهم كانوا في عهد عمر يصلون معه الجمعة، ثم يرجعون فيقيلون قائلة الضحى، وهذا يدل على أن وقت الضحى كان باقياً.

وكل ما استدل به من قال: تمنع إقامة الجمعة قبل الزوال ليس نصاً صريحاً في

قوله، وإنما يدل على جواز إقامة الجمعة بعد الزوال أو على استحبابه، إما منع إقامتها قبله فلا، فالقائل بأقامتها قبل الزوال يقول بجميع الأدلة، ويجمع بينها كلها، ولا يرد منها شيئاً.

فروى جعفر بن برقان، عن ثابت بن الحجاج، عن عبد الله بن سيدان، قال: شهدت الجمعة مع أبي بكر الصديق، فكانت خطبته وصلاته قبل نصف النهار، ثم شهدتها مع عمر، فكانت صلاته وخطبته إلى أن نقول: انتصف النهار، ثم شهدتها مع عثمان، فكانت صلاته وخطبته إلى أن نقول: مال النهار، فما رأيت أحداً عاب ذلك ولا أنكره.

خرّجه وكيع في ((كتابه)) عن جعفر، به.

وخرّجه عنه ابن أبي شيبة في ((كتابه)).

وخرّجه عبد الرزاق في ((كتابه)) عن معمر، عن جعفر، به.

وخرّجه الأثرم والدارقطني.

ورواه الإمام أحمد –في رواية ابنه عبد الله -، عن وكيع، عن جعفر، واستدل

به.

وهذا إسنادٌ جيدٌ:

وجعفر: حديثه من غير الزهري حجةٌ يحتج به -: قاله الإمام أحمد والدارقطني وغيرهما.

وثابت بن الحجاج: جزري تابعيٌ معروفٌ، لا نعلم أحداً تكلم فيه، وقد خَّرج له أبو داود.

وعبد الله بن سيدان السلمي المطرودي، قيل: إنه من الربذة، وقيل: إنه

جزريٌ، يروي عن أبي بكر وحذيفة وأبي ذر، وثقه العجلي، وذكره ابن سعدٍ في

((طبقة الصحابة)) ممن نزل الشام، وقال: ذكروا أنه رأى النبي ?.

وقال القشيري في ((تاريخ الرقة)): ذكروا أنه أدرك النبي ?.

وأما البخاري، فقال: لا يتابع على حديثه – كأنه يشير إلى حديثه هذا.

وقول ابن المنذر: إن هذا الحديث لا يثبت. هو متابعة لقول البخاري، وأحمد أعرف الرجال من كل من تكلم في هذا الحديث، وقد استدل به وأعتمد عليه.

وقد عضد هذا الحديث: أنه قد صح من غير وجه أن القائلة في زمن عمر وعثمان كانت بعد صلاة الجمعة، وصح عن عثمان أنه صلى الجمعة بالمدينة وصلى العصر بمللٍ. خرّجه مالك في ((الموطإ))، وبين المدينة ومللٍ اثنان وعشرون ميلاً، وقيل: ثمانية عشر ميلاً، ويبعد أن يلحق هذا السائر بعد زوال الشمس.

وروى شعبة، عن عمرو بن مرة، عن عبد الله بن سلمة، قال: صلى بنا عبد الله بن مسعود الجمعة ضحى: وقال: خشيت عليكم الحر.

وروى الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن سعيد بن سويد، قال صلى بنا معاوية الجمعة ضحى.

وروى إسماعيل بن سميع، عن بلالٍ العبسي، أن عماراً صلى للناس الجمعة، والناس فريقان، بعضهم يقول: زالت الشمس، وبعضهم يقول: لم تزل.

خرّج ذلك كله ابن أبي شيبة.

وخرّج –أيضاً- من طريق الأعمش، عن مجاهد، قال: ما كان للناس عيدٌ إلا أول النهار.

ومن طريق يزيد بن أبي زياد، عن عطاءٍ، قال: كان من كان قبلكم يصلون الجمعة وإن ظل الكعبة كما هو.

وروى عبد الرزاق في ((كتابه)) عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ، قال: كل عيد حين يمتد الضحى: الجمعة، والأضحى، والفطر، كذلك بلغنا.

وروى وكيع في ((كتابه)) عن جعفر بن برقان، عن حبيب بن أبي مرزوق، عن عطاءٍ، قال: كل عيد في صدر النهار.

وعن شعبة، عن الحكم، عن حماد، قال: كل عيد قبل نصف النهار.

...

وحكى الماوردي في كتابه ((الحاوي)) عن ابن عباسٍ، أنه يجوز صلاة الجمعة قبل الزوال.

وهو مذهب أحمد وإسحاق -: نقله عنهما ابن منصورٍ، وهو مشهورٌ عن أحمد، حتى نقل أنه لا يختلف قوله في جواز إقامة الجمعة قبل الزوال، كذا قاله غير واحد من أصحابه، ومنهم: ابن شاقلا وغيره.

...

ونقل عنه عبد الله، أنه قال: لا بأس أن يصلي قبل الزوال، قد صلى ابن

مسعود.

...

ونقل عنه أحمد بن الحسن الترمذي، أنه قال: على ما جاء من فعل أبي بكر وعمر: لا أرى به بأسا، لأنها عيد، والأعياد كلها في أول النهار.

وكذا نقل عبد الله، عن أبيه، قال: يجوز أن تصلى الجمعة قبل الزوال، يذهب إلى أنها كصلاة العيد.

...

وإنما يجوز تقديمها قبله وتعجيلها كما تعجل الصلاة المجموعة؛ فإن صلاة الجمعة سببها: اليوم؛ ولهذا تضاف إليه، فيقال: صلاة الجمعة، وشرطها:

الزوال، فيجوز تقديمها على شرطها بعد وجود سببها، وهو اليوم، كما يجوز تعجيل الزكاة بعد كمال النصاب، وهو سبب الوجوب، وقيل: الحول، وهوشرطه.

...

ونقل ابن القاسم، عن مالكٍ، أن آخر وقتها: غروب الشمس.

قال ابن القاسم: من صلى من الجمعة ركعةً، ثم غربت الشمس صلى الركعة الثانية بعد غروب الشمس، وكانت جمعةً.

والعجب ممن ينصر هذا القول، ويحتج له، مع أنه لا يعرف العمل به إلاّ عن (#حرّر#) بني أمية واعوانهم، (#حرّر#) ثم ينكر على من قدم الجمعة على الزوال متابعة لأصحاب النبي ?، ولكثيرٍ من التابعين لهم بإحسان!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير