تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[عصام الصاري]ــــــــ[01 - 12 - 10, 12:04 ص]ـ

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعدُ:

فشكراً لمن أدلى بدلوه في الكلام على معرفة ما عليه مدارُ الفتوى في المذهب المالكي وإن كان ضئيلاً جداًّ بالنسبة لما عليه الحال عند المالكية، وأشكر بالخصوص الأخ/ عصام البشير، على مقاله، وإن كان لي عليه ملاحظاتٌ يسيرةٌ رأيتُ من المهمِّ التنبيهَ عليها، وذلك على النحو التالي:

قوله بأن العُتبية (أو المستخرَجةَ) من مختصرات المذهب، فيه نظر؛ لأنها عبارةٌ عن سماعات تلاميذ ابن القاسم عنه. وقد شرحَها ابنُ رشدٍ الجدُّ في كتابه: البيان والتحصيل، وهي مطبوعةٌ، والنظرُ إليها يحددُ ما لو كانت مختصراً أم لا.

= القول بأن الواضحةَ ليست معتمَدةً، فيه نظرٌ ظاهرٌ، فإنه وإن كان ابن حبيبٍ قد خرج فيها عن المذهب في مسائلَ كثيرةٍ، فإنه لا يقال فيها: إنها غيرُ معتمَدةٍ، ولا سيما أنها إحدى أمهات المذهب الأربعة الشهيرة (المدونة، والعتبية، والموازية، والواضحة).

= يُعدُّ من أدق مختصرات المَذهب عند المتأخرين مختصر "أقرب المسالك لمذهب الإمام مالكٍ"، وشرحُه للعلاّمة أحمد الدردير، بحاشية الصاوي، وعِلِّيش عليه، والذي اعتمَد فيه مختصرَ الشيخ خليلٍ، وأبدَل غيرَ المغتمَدِ منه به، وهو عمدةُ المتأخرين والمعاصِرِينَ من أهل المذهب في الفتوى، وشرحُ أقرب المسالك متأخرٌ عن شرحه الكبير الذي وضَعه على مختصرِ خليلٍ، وله في الكيير مسائلُ كثيرةٌ رجَع عنها في الصغير، فكان أدقَّ المختصرات وهو الذي عليه المعوَّلُ اليومَ في مصرَ، فيَدرسُه طلبةُ الأزهر في مرحلة الثانوية، وفي الجامعة الإسلامية في ليبيا، وهو الذي اعتمَدَتْه دار البحوث بدبي أساساً لإنشاء مشروعٍ الفقه المالكي بالدليل، إلا أنه لم يقدَّرْ له أن يكملَ، وقد أصدرتْ نموذجاً منه تطبيقاً على كتاب الزكاة، وطُبع ووزِّع على بعض العلماء وأهلِ العلم، كما اعتَمَد عليه الشيخُ الحبيب بن طاهر أيضاً، في تدليل المذهب المالكي في كتابه: الفقه المالكي وأدلتُه. فهو الذي عليه مدارُ الفتوى اليومَ.

أما القولُ بأن شرحَ الخَرَشي من الكتب المعقَّدة فلا يسلَّمُ بل هو سهلٌ واضحٌ، أما الصعوبةُ التي يشير إليها الأخُ فهي طبيعيةٌ، كما هو الشأن في كتب الفقه بعامةٍ، والقولُ بأن شرح الزرقاني هو المعتمَدُ الذي عليه الفتوى محلُّ نظرٍ، بل قالوا: إنه غيرُ معتمَدٍ في كل ما انفردَ به، كشرح الخَرَشي، والشبرخيتي؛ لأنه يخالفُ مشهورَ المذهب كثيراً، وقد تكلم الهلالي في نور البصر على شرح الزرقاني وقال: إنه كثيرُ الفائدة مما ينبغي مطالعتُه إلا أنه لا يُعتمَدُ فيما انفرد به، وإنما الذي ينبغي الاِهتمامُ به من شروح المختصر الخليليِّ هو الشرح الكبير، للدردير، بحاشية الدسوقي القيمة النفيسة، ولا عبرةَ بقول السناني فيها في أول كتابه الشذرات: إنها ضعيفةٌ، بل كلامُه فيها مردودٍ عند أهل المذهب. كما ينبغي الاِهتمامُ بكتاب مِنَح الجليل، لعِلِّيش، فإن كثيراً من الطلبة يُهملُه مع كثرة فائدتِه، فقد لخَّص فيه الحطّابَ وزاد عليه العجَبَ العُجابَ، فجاءتْ عبارتُه متْقَنةً، ومسائلُه محْكَمةً، مع عدمِ خروجه عن المشهور في المذهب، وتنبيهِه على ما في أصل المختصر من الأقوال الضعيفة، وتحريره المذهبَ فيها، وهو في كثيرٍ من المسائل يعتمدُ شرح الدردير على أقرب المسالك، وإن لم يُشِرْ إلى ذلك، فهو من أصحِّ كتب المذهب التي عليها المدارُ في الفتوى، ولاسيما مع حاشيته المسماة: تسهيل مِنح الجليل.

وأرجو ممن له أيةُ ملاحظاتٍ على ما قلتُه هنا ولا سيما في شرح أقرب المسالك، للدردير، ومِنَح الجليل على مختصر خليلٍ، لعِلِّيش، أن يفيدَنا به، وله من الله جزيلُ الثوابِ.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير