تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والتعديل". وقال النسائي في "الضعفاء والمتروكين": عبدالرحمن بن أبي الزناد ضعيف. أهـ. وفي كتاب "المجروحين" لابن حبان في ترجمة عبدالرحمن بن أبي الزناد: أنه كان ممن ينفرد بالمقلوبات عن الأثبات، قال: وكان ذلك من سوء حفظه وكثرة خطئه فلا يجوز الاحتجاج بخبره إذا انفرد. وفي "الميزان": أن من مناكيره حديث "من كان له شعر فليكرمه" وحديث "الهرة من متاع البيت".

ومما يمنع اعتبار رواية ابن أبي الزناد المذكورة ما روى عبدالرزاق، عن معمر، عن حميد، عن مجاهد، قال: كان المقام إلى جنب البيت، وكانوا يخافون عليه عافية السيول، وكانوا يطوفون خلفه، فقال عمر للمطلب بن أبي وداعة السهمي: هل تدري أين كان موضعه الأول. قال: نعم. قدرت ما بينه وبين الحجر الأسود، وما بينه وبين الباب. وما بينه وبين زمزم، وما بينه وبين الركن عند الحجر. قال تأتي بمقداره، فجاء بمقداره فوضعه موضعه الأول. أهـ.

فإن في هذه الرواية أن الذي دل عمر بن الخطاب على موضعه الأول سهمي لا مخزومي، وهذا أشهر من رواية ابن الجوزي عن ابن أبي الزناد.

4 - مما علل به تأخير عمر المقام مخافة التشويش على الطائفين قال الواقدي وغيره: وفي هذه السنة – أي سنة ثمانية عشر – في ذي الحجة منها حول عمر منها المقام، وكان ملصقًا بجدار الكعبة، فأخره إلى حيث هو الآن، لئلا يشوش المصلون عنده على الطائفين. نقله عن الواقدي وغيره الحافظ ابن كثير في الجزء السابع من تاريخه "البداية والنهاية" ص93. ثم قال الحافظ ابن كثير: قلت: قد ذكرت أسانيد ذلك في سيرة عمر ولله الحمد والمنة. أهـ. وإلى هذه العلة مال الحافظان: ابن كثير في التأريخ. وابن حجر في "فتح الباري" في كتاب التفسير، قال ابن كثير في التاريخ المذكور ج1 ص164: قد كان هذا الحجر .. أي مقام إبراهيم عليه السلام – ملصقًا بحائط الكعبة على ما كان عليه من قديم الزمان إلى أيام عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فأخره عن البيت قليلاً لئلا يشغل المصلون عنده الطائفين بمبيت. وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" ج8 ص137: كان عمر رأى أن إبقاءه – أي مقام إبراهيم عليه السلام – يلزم منه التضييق على الطائفين أو على المصلين، فوضع في مكان يرتفع به الحرج. أهـ.

حكم تأخير المقام اليوم نظراً للحرج

أثبتنا فيما تقدم أن مقام إبراهيم عليه السلام كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهد أبي بكر الصديق وبعض خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه في سقع البيت، ثم أخره عمر أول مرة مخافة التشويش على الطائفين، ورده المرة الثانية حين حمله السيل إلى ذلك الموضع الذي وضعه فيه أول مرة. ومادام الأمر كذلك، فلا مانع من تأخير المقام اليوم عن ذلك الموضع إلى موضع آخر في المسجد الحرام يحاذيه ويقرب منه. نظرًا إلى ما ترتب اليوم على استمراره في ذلك الموضع من حرج أشد على الطائفين من مجرد التشويش عليهم الذي حمل ذلك الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه على أن يؤخره عن الموضع الذي كان فيه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد أبي بكر وصدر خلافة عمر. وبتأخيره نظرًا لما ذكرنا نكون مقتدين بعمر بن الخطاب المأمور بالاقتداء به ونرفع الحرج من ناحية أخرى عن الأمة المحمدية التي دلت النصوص القطعية على رفع الحرج عنها، قال الشاطبي في "الموافقات": إن الأدلة على رفع الحرج في هذه الأمة بلغت مبلغ القطع. كقوله تعالى: (وما جعل عليكم في الدين من حرج) () وسائر ما يدل على هذا المعنى كقوله تعالى: (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) () وقوله: (يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا) () وقوله تعالى: (ما كان على النبي من حرج في ما فرض الله له) () وقوله: (ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم) () قال الشاطبي: وقد سمي هذا الدين الحنيفية السمحة لما فيه من التسهيل والتيسير، وأطال الشاطبي في ذلك، وذكر أن قصد الشارع من مشروعية الرخص رفع الحرج عن الأمة. وقال السيوطي في "الأكليل": قوله تعالى: (وما جعل عليكم في الدين من حرج) هو أصل القاعدة: المشقة تجلب التيسير. وقال أبوبكر ابن العربي في "أحكام القرآن" في تفسير الآية الكريمة (وما جعل عليكم في الدين من حرج) قال: كانت الشدائد والعزائم في الأمم فأعطى الله هذه الأمة من المسامحة واللين ما لم يعط أحد قبلها. وقال عبدالرزاق في

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير