تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قوله، وما لا يرضاه فليس قوله وإن كان متناقضًا.

وأما اعتبار إزالة ما يعوق عن الطواف من شجر أو شوك أو حجر أو حفر في معنى التطهير المأمور به، فيدل عليه ما رواه الأزرقي في "أخبار مكة" قال: حدثني جدي، عن سعيد بن سالم، عن عثمان بن ساج، عن ابن جريج، قال: قال عطاء عن عبيد بن عمير الليثي (طهر بيتي) من الآفات والريب. قال ابن جريج الآفات الشرور. أهـ. ولاشك أن الشجر والشوك والحفر في موضع الطوف من الشرور.

وأما زعم صاحب النقض أن الطهارة لا تكون إلا في مقابلة نجاسة حسية أو معنوية. فيرده () ما رواه الأزرقي في "تأريخ مكة" ج1 ص17 قال: حدثني جدي، قال حدثنا إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى، قال حدثني علقمة بن أبي علقمة، عن عائشة رضي الله عنها، أنها قالت: طيبوا البيت، فإن ذلك من تطهيره، ولاشك أن التطهير هنا ليس في مقابلة نجاسة لا معنوية ولا حسية، إذ لا وجود لشيء من ذلك عند البيت أيام تحدثت بذلك عائشة رضي الله عنها، بل دعوى وجود شيء من ذلك عند البيت وقت أمر إبراهيم عليه السلام بتطهيره تحتاج إلى دليل صحيح عن المعصوم، ولذلك يقول الحافظ ابن كثير في "تفسيره": يحتاج إثبات هذا – أي كون الأصنام تعبد عند البيت قبل إبراهيم عليه السلام – إلى دليل عن المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم. أهـ. قلت: ولعله لهذا قال السدي في تفسير (طهرا بيتي) ابنيا بيتي.

الدعوى الثانية: من دعاوي صاحب النقض على المعلمي فسر التطهير في آيتي (طهر بيتي) و (طهرا بيتي) بالتهيئة، وقوله إثر ذلك: التطهير شيء، والتهيئة شيء آخر. فتفسيره التطهير بالتهيئة تأويل مردود، لأنه صرف لمعاني الآيات عما دلت عليه إلى غيره، والبيت وما حوله مهيؤ لمن يعبد الله فيه من عهد إبراهيم عليه السلام، والتهيئة لا تنفي وجود الشرك فيه المأمور بتطهيره منه؛ ولهذا كان أهل الجاهلية يحجون البيت ويطوفون به مهيأ لهم مع شركهم وعبادتهم للأصنام عنده، وهذا يدل على أن التهيئة غير التطهير.

أقول: تصفحنا رسالة المعلمي من أولها إلى آخرها لنجد فيها موضعًا واحدًا فسر فيه (طهر بيتي) يهييء و (طهرا بيتي) يهيئا فلم أجد شيئًا من ذلك؛ بل الذي وجدناه في ص3 من رسالته مما يتعلق بتفسير التطهير ما يلي:

1 - أخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد وسعيد بن جبير قالا: من الأوثان والريب وقول الزور والرجس. ذكره ابن كثير وغيره، وقال البغوي: قال ابن جبير وعطاء: طهرا من الأوثان والريب وقول الزور. وأخرج ابن جرير عن عبيد بن عمير قال: من الآفات والريب. هذا الذي وجدناه في رسالة المعلمي، وهو الذي ذكر أنه أعم معنى للتطهير. وبعد ذلك قال المعلمي: أقام إبراهيم وإسماعيل – عليهما السلام – البيت على الطهارة بأوفى معانيها – يعني بأوفي المعاني ما نقله قبل ذلك عن أئمة التفسير مجاهد وسعيد بن جبير وعطاء وعبيد بن عمير.

وأما قول المعلمي: (فثبت الأمر بأن يهيأ ما حول البيت تهيئة تمكن الطائفين والعاكفين والمصلين من أداء هذه العبادات بدون خلل ولا حرج) فهذا لا يعني به المعلمي تفسير التطهير في الآيتين الكريمتين بالتهيئة كما توهمه صاحب النقض؛ بل إنما أخذ المعلمي الأمر بالتهيئة كما توهمه صاحب النقض؛ بل إنما أخذ المعلمي الأمر بالتهيئة من تعلق (للطائفين والعاكفين والركع السجود) بـ (طهرا) بدليل قوله إثر ما قدمناه عنه في تفسير التطهير وإقامة إبراهيم وإسماعيل إياه بأوفى المعاني، قال: وقوله: (للطائفين) الآية تدل على أنه – مع أن التطهير مأمور به لحرمة البيت – فهو مأمور به لأجل هذه الفرق – الطائفين، والعاكفين، والقائمين، والركع السجود – لتؤدي هذه العبادات على الوجه المطلوب). ففي هذا الصدد قال: (فثبت الأمر أن المعلمي فسر التطهير بالتهيئة لا يرد عليه قول صاحب النقض: (والتهيئة لا تنفي وجود الشرك فيه المأمور بتطهيره منه) لأن تهيئة إبراهيم الخليل عليه السلام لبيت الله بامر الله لا يمكن أن تجتمع مع الشرك، بل لابد أن تكون كاملة أتم الكمال. بقي أن يقال: إن تفسير التطهير بالتهيئة ليست تفسيرًا لفظيًا للتطهير. والجواب عن هذا أن التزام التفسير اللفظي طريقة المتأخرين. أما المتقدمون فلا يلتزمون التفسير اللفظي كما قرره الإمامان ابن القيم وشيخه شيخ الإسلام ابن تيمية في مصنفاتهما، واستسهلا لذلك ما لا يتنافى مع الحق من تفاسير الصوفية

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير