تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وعليه فقد اعتمدنا الأمر، واجتمعنا في يوم الخميس الموافق 6/ 10/1388هـ في عرفات، وبصحبتنا كل من الشريف فائز الحارثي، والشريف محمد بن فوزان الحارثي، والشريف شاكر بن هزاع أبوبطين، واثنين من بادية قريش المقيمين بتلك الجهة وهما خيشان بن حامد القرشي وأخوه كريدم، ومندوب وزارة الحج والأوقاف الشيخ محسن بن الشيخ بابصيل والمهندس فؤاد بن كامل حواريا، واستعرضنا النصوص الشرعية في حدود عرفات من مظانها ككتب المناسك والأحكام والتواريخ والمعاجم. ووقفنا على منتهى جميع جهات عرفات شمالاً وغربًا وجنوبًا وشرقًا. فظهر لنا بعد الدراسة لذلك من جميع النواحي أن تحديد موقف عرفات يرجع فيه إلى ما يلي:

أولاً: ما رواه الإمام أحمد في مسنده برجال ثقات عن جبير بن مطعم رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: قال: "وقفت ها هنا وكل عرفة موقف وارفعوا عن بطن عرنة" وأصل الحديث في صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه.

ثانيًا: ما رواه الأزرقي بسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: حد عرفة من الجبل المشرف على بطن عرفة، إلى جبال عرنة إلى الوصيق، إلى ملتقى وصيق بوادي عرنة.

ثالثًا: ما قاله الإمام الشافعي رحمه الله في (الأم ج2 ص179): عرفة ما جاوز وادي عرفة الذي فيه المسجد – وليس المسجد ولا وادي عرنة من عرفة – إلى الجبال المقابلة على عرفة كلها مما يلي حوائط ابن عامر وطريق الحضن، فإذا جاوزت ذلك فليس من عرفة. أهـ.

وهذه الأدلة الثلاثة المتقدمة توضح في مجموعها حدود موقف عرفات من جميع الجهات، وما اطلعنا عليه من كلام العلماء لا يعدو في الغالب أن يكون بيانًا لما تقدم وإيضاحًا له.

وعليه فقد ظهر لنا مما تقدم بعد البحث والتطبيق أن حد موقف عرفة من جهة الشمال الشرقي هو الجبل المشرف على بطن عرنة المسمى بجبل سعد، والذي وصفه صاحب جغرافية شبه الجزيرة العربية حيث قال: وهناك تجد الجبل قد حلق الوادي وقفله أمامك من الشرق بشكل قوس كبير، وعلى طرف القوس من جهة الجنوب طريق الطائف. أهـ. وهذا هو المشاهد من واقع الجبال. وسيأتي مزيد إيضاح له من كلام العلماء رحمهم الله. ويمتد الحد من هذه الجهة مبتدئًا من منتهى الجبل المذكور مما يلي الغرب متجهًا إلى الغرب حتى ينتهي بملتقى وادي وصيق وادي عرنة، وذلك أن وادي وصيق يأتي من ناحية الشرق بالنسبة لجبل سعد متجهًا إلى الغرب ثم ينعطف إلى الجنوب وعندئذ يلتقي بوادي عرنة عندما يقابل منتهى جبل سعد الغربي، فإذا اجتمع وصيق ووادي عرنة صارا واديًا واحدًا يتلاشى معه اسم وصيق ويكون الاسم لوادي عرنة فقط، كما أفاد بذلك أهل المعرفة بتلك الجهة، وتبلغ المساحة من سفح جبل سعد الغربي إلى ملتقى وصيق بوادي عرنة (ألف متر).

ويدل على ذلك ما جاء في أثر ابن عباس المتقدم حيث قال: حد عرفة من الجبل المشرف على بطن عرنة إلى جبال عرفة إلى الوصيق إلى ملتقى وصيق بوادي عرنة.

ويؤيد هذا أيضًا أن جميع ما اطلعنا عليه من كلام العلماء رحمهم الله متفق على أن حد موقف عرفات من الجهة الشمالية الشرقية هو جبل سعد المذكور، وحد موقف عرفة من الجهة الغربية وادي عرنة. يبتديء من الجهة الشمالية من ملتقى وادي وصيق بوادي عرنة، وينتهي من جهة الجنوب عندما يحاذي أول سفح الجبل الواقع جنوبي طريق المأزمين وطريق ظب والذي طرفه الشمالي قرية نمرة من الجهة الشرقية غربي الواقف هناك وغربي سفح الجبال التي في منتهى طرفه من جهة الجنوب شرقيه بخط مستقيم. وبين وادي عرنة المذكور وبين الموقف علمان كبيران يقعان شمالي شرقي مسجد إبراهيم، وهما الحد الفاصل بين وادي عرنة وبين عرفة، كما ذكر ذلك تقي الدين الفاسي في كتابه "شفاء الغرام" () قال: وكان ثمة ثلاثة أعلام، فسقط أحدها وهو إلى جهة المغمس، وأثره بين، ورأيت عنده حجرًا ملقى مكتوب فيه: أمر الأمير الاصفهلار الكبير مظفر الدين صاحب اربل حسان () أمير المؤمنين بإنشاء هذه الأعلام الثلاثة بين منتهى أرض عرفة ووادي عرنة، لا يجوز لحاج بيت الله العظيم أن يجاوز هذه الأعلام قبل غروب الشمس. وفيه: كان ذلك بتاريخ شهر شعبان من سنة (605) ورأيت مثل ذلك مكتوبًا في حجر ملقي في أحد العلمين الباقيين، وفي هذين العلمين مكتوب: أمر بعمارة علمي عرفات، وأضاف كاتب ذلك هذا الأمر للمستظهر العباسي. ثم قال: وذلك في شهر سنة أربع وثلاثين وستمائة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير