تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أهـ.

وقال في "مواهب الجليل" شرح مختصر خليل: وعرفة متسعة من جميع الجهات. والمحتاج إليه من حدودها ما يلي الحرم، والاختلاف فيه. ولئلا يجاوزه الحاج قبل الغروب: وقد صار ذلك معلومًا بالأعلام التي بنيت، وكانت ثلاثة، فسقط منها واحد وبقي اثنان، مكتوب في أحدها: إنه لا يجوز لحاج بيت الله أن يجاوز هذه الأعلام قبل غروب الشمس. أهـ.

وقد يقول قائل: إن ما جاء في حديث جابر الذي في مسلم وغيره "حتى أتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة" بفهم منه بأن نمرة من عرفة. ويجاب عن ذلك بأننا لم نر من استشكل هذا من العلماء. وقال صاحب "المنهل العذب" على شرحه لهذا الحديث: أي لما قارب، لأن نمرة قبل عرفة. أهـ. يؤيد ذلك ما جاء في حديث جابر أنه صلى الله عليه وسلم بعد أن خطب وصلى بعرفة ركب حتى أتى الموقف يعني أرض عرفة. كما أوضح ذلك في "المنهل العذب" المورود. شرح سنن أبي داود.

وأيضًا فقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره أن عرنة تمتد عرضًا إلى أعلام حدود الحرم. الأمر الذي يتضح منه بأن ذلك جميعه خارج عن حدود عرفة.

ثم يأخذ الحد من العلم الجنوبي من العلمين المذكورين بالاتجاه إلى ما بين الجنوب والغرب بخط مستقيم إلى أن يصل إلى المنارة الواقعة شرقي شمال مسجد إبراهيم القديم، وبين العلم الجنوبي المذكور وبين مسجد إبراهيم سبعمائة وأربعة وستون ذراعًا بذارع الحديد، كما ذكر ذلك الفاسي.

ثم إن الحد يأخذ متجهًا إلى الجنوب من منتهى مسجد إبراهيم القديم إلى الجهة الجنوبية حتى يصل إلى منتهى عرفة من جهة الجنوب الموضح عنه بعاليه. ومنه يتضح بأن"مسجد إبراهيم" القديم الذي ذرعه مبتدؤه من الناحية الغربية إلى منتهاه من الناحية الشرقية (مائة وستون ذراعًا) كما ذكره الأزرقي في "تأريخ مكة" خارج عن موقف عرفات. وقد قال بعض أهل العلم: إن مقدم المسجد – أعني القديم – في وادي عرنة، ومؤخره في عرفات. وهو قول إمام الحرمين الجويني، والقاضي حسين، والرافعي، وجماعة من الخراسانيين. قالوا: ويتميز ذلك بصخرات كبار فرشت هناك. وقيل إن جميع المسجد من عرفة وأن جداره الغربي لو سقط لسقط على بطن عرنة قال ذلك في "البحر العميق" نقلا عن الطرابلسي وغيره. ولكن الأولى بأخذ قول الجمهور في أن جميع المسجد القديم خارج عن حدود عرفة فلا يصح الوقوف فيه كما أوضحنا ذلك بعاليه، ولأن الأخذ بهذا القول أحوط لهذه العبادة العظيمة الخطرة. أما الزيادة التي أدخلت فيه بعهد حكومتنا الحاضرة وفقها الله فإنها داخلة في موقف عرفات. وإن كانت هذه الزيادة خارجة في رأي العين عن مسامتة العلمين اللذين وضعهما ملك الإربل إلى جهة الغرب قليلاً. لأننا لم نسر من العلماء رحمهم الله من استثنى شيئًا مما كان خارج المسجد القديم من الجهة الشرقية وأدخله في حدود عرفة، بل صرح بعضهم بأن الإنسان إذا خرج من المسجد – أعني القديم – يريد الوقوف فقد دخل عرفة من حين يخرج ().

ويدل على هذا الحد ما رواه الإمام أحمد في مسنده برجال ثقات، عن جبير بن مطعم، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "وقفت هاهنا وكل عرفة موقف وارفعوا عن بطن عرنة" وأصل الحديث في صحيح مسلم وقد تقدم. فدل قوله صلى الله عليه وسلم: "وارفعوا عن بطن عرنة" إن وادي عرنة ليس من موقف عرفة، إذ لو كان منه لما أمر بالرفع عنه، والأمر بالرفع يقتضي النهي عن الاتيان، بل لما كان وادي عرنة ملاصقًا لموقف عرفة ومشابهًا له احتاج إلى التنبيه من المرشد الأعظم صلوات الله وسلامه عليه لأمته، كما وأنه لو كان وادي عرنة المذكور موقفًا والنهي عن الوقوف فيه لعلة أخرى لوضحها الشارع صلى الله عليه وسلم. فلم ينقل عنه صلوات الله وسلامه عليه جواز الوقوف بوادي عرنة، ولا عن أحد من أصحابه بعده، بل ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أقام بنمرة إلى أن زالت الشمس، ثم أتى بطن الوادي فخطب الناس خطبته المشهورة، وصلى الظهر والعصر جمعًا، ثم ذهب إلى الصخرات. وقال: "وقفت ها هنا وعرفة كلها موقف" الحديث. ولم يقل هذا إلا بعد ان ذهب من نمرة ومن المسجد معًا الأمر الذي يتضح منه عدم دخول المسجد وما ب عده من الجهة الغربية في مسمى عرفة التي هي مكان الوقوف.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير