تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أما تخصيص بعض أيام رجب بأي شيء من الأعمال الزيارة وغيرها فلا أصل له، لما قرره الإمام أبو شامة في (كتاب البدع والحوادث) وهو أن تخصيص العبادات بأوقات لم يخصصها بها الشرع لا ينبغي، إذ لا فضل لأي وقت على وقت آخر إلا ما فضله الشرع بنوع من العبادة، أو فضل جميع أعمال البر فيه دون غيره، ولهذا أنكر العلماء تخصيص شهر رجب بكثرة الاعتمار فيه.

وأما تفضيل رجب بشيء زائد على أنه من الأشهر الحرم فلم يصح فيه شيء، كما بينه أئمة العلم.

قال الحافظ أبو عمر بن بدر الموصلي الحنفي في (الم غني عن الحفظ والكتاب، فيما لم يصح فيه شيء من الأحاديث): قال عبد الله الأنصاري: ما صح في فضل رجب وفي صيامه ـ أي بالخصوص ـ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء. وقال الحافظ ابن رجب في " لطائف المعارف" روي عن أبي اسماعيل الهروي أنه قال: لم يصح في فضل رجب غير هذا الحديث، يريد حديث: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل رجب قال:" اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان" وتعقب ابن رجب استثناء الهروي هذا الحديث بأن في إسناده ضعفاً. قلت: وذلك لما في " كتاب البدع والحوادث " لأبي شامة، وهو أن في إسناده زائدة بن أبي الرقاد، قال البخاري: منكر الحديث. وزيادة بن ميمون، قال البخاري: تركوه. وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني في (تبيين صيامه ولا في صيام شيء منه معين، ولا في قيام ليلة مخصوصة منه حديث يصلح للحجة. وقد سبقني إلى الجزم بذلك الإمام أبو اسماعيل الهروي الحافظ رويناه عنه بإسناد صحيح، وكذلك رويناه عن غيره. ثم أورد الحافظ ما جاء في فضل رجب من الأحاديث الموضوعة والضعيفة، وأوفى الكلام على الجميع.

وأما كون " المعراج " ليلة سبع وعشرين من شهر رجب فغير مؤكد، بل هو باطل كما بينه العلماء، قال الإمام أبو شامة في (كتاب البدع والحوادث): ذكر بعض القصاص أن الإسراء كان في رجب , وذلك عن أهل التعديل والتجريح عين الكذب، قال الإمام أبو إسحاق الحربي: أُسري برسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة سبع وعشرين من شهر ربيع الأول.

وقال الحافظ ابن رجب في " لطائف المعارف" قد روى أنه كان في شهر رجب حوادث عظيمة، ولم يصح شيء من ذلك، فروى أن النبي صلى الله عليه وسلم ولدفي أول ليلة منه، وأنه بعث في السابع والعشرين منه، ولا يصح شيء من ذلك. وروى بإسناد لا يصح عن القاسم بن محمد: أن الإسراء بالنبي صلى الله عليه وسلم كان في سابع وعشرين من رجب،وأنكر ذلك إبراهيم الحربي وغيره. وقال الحافظ بن كثير في تاريخه " البداية والنهاية" أورد ـ أي الحافظ عبد الغني المقدسي ـ حديثاً لا يصح سنده ذكرناه في فضائل شهر رجب: أن الإسراء كان ليلة السابع والعشرين من رجب: قال: ومن الناس من يزعم أن الإسراء كان أول ليلة جمعة من شهر رجب، وهي " ليلة الرغائب " التي أحدثت فيها الصلاة المشهورة،ولا أصل لذلك. وقال الحافظ ابن حجر في (تبيين العجب): ذكر بعض القصاص أن الإسراء كان في رجب، قا ل: وذلك كذب، قال الحربي: كان الإسراء ليلة سبع وعشرين من ربيع الأول ا هـ.

ونقل العلامة ابن القيم في " زاد المعاد " عن شيخ الإسلام ابن تيمية أنه قال في " ليلة الإسراء " لم يقم دليل معلوم لا على شهرها، ولا على عشرها، و لا على عينها، بل النقول في ذلك منقطعة مختلفة، ليس في ذلك ما يقطع به، ولا شرع للمسلمين تخصيص تلك الليلة التي يظن أنها ليلة الإسراء بقيام ولا غيره. ا هـ والله أعلم.

والخلاصة: أن الإسراء لم يكن في السابع والعشرين من رجب، ولم يقم دليل على تعيين ليلته، كما لم يشرع تخصيص الليلة التي يظن أنها ليلة الإسراء بشيء من أعمال البر. والله الموفق ().

(من الفتاوى المذاعة في 29/ 1/85هـ)

(1373 ـ واجب الأدلاء)

من محمد بن إ براهيم إلى حضرة المكرم رئيس ديوان جلالة الملك سلمه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير