تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الحكيم، مما كان له أبلغ الأثر في إنشاء المعجم الإسلامي الجديد (5).

وقد كان لتلك المتغيرات اللغوية في ظل تعاليم الدين الإسلامي الحنيف، وفي ظل توجيه الشارع الحكيم، ضوابط تحميها من الزلل، وتحرسها من تفشّي اللحن والخطأ في الأقوال والألفاظ. وكان من أبرز تلك الضوابط: التوجيه الشرعي الذي حظيت به الألفاظ اللغوية التي وظَّفها الشارع الحكيم توظيفاً شرعياً، مزج فيه بين الدلالة اللغوية، والدلالة الشرعية، عن طريق الخروج باللفظة من استعمالها المألوف، واستبدال لفظة أخرى بها قائمة على التوجيه الشرعي المتمثل في النهي والأمر، المصحوب بالتعليل تارة، والمكتفي بالإنشاء نهياً وأمراً) تارة أخرى. وقد تمخَّض عن تلك التوجيهات الشرعية، والتغيرات اللفظية: فكرة صياغتها في بحث متواضع بعنوان: "نماذج من المناهي اللفظية بين المعنى المعجمي، والتوجيه الشرعي، وقيمة ذلك في الدلالة اللغوية". وقد جاء هذا الاختيار عن طريق اطلاعي على معجم المناهي اللفظية) (6)، لمؤلفه: فضيلة الشيخ الدكتور: بكر بن عبد الله أبو زيد. وقد أفدت من ذلك المعجم: تحديد المفردات اللغوية التي شملها بحثي، والتي غلب عليها جانب النهي والأمر: لا تقل، وقل)، كما أفدت منه الإشارة إلى بعض كتب الحديث التي ضمَّنها المؤلف معجمه.

وقد سلكت في كتابة وعرض هذا البحث الخطوات الآتية:

1 - اكتفيت في هذا البحث بألفاظ النهي والأمر القولية: لا تقل، وقل)، وقد جمعت بصدد ذلك ثلاث عشرة لفظة، حسب ورود اللفظة الأولى في طرف الحديث، وحسب وقوع النهي

عليها متقدماً قبل الأمر. وكانت في مجملها على النحو التالي: لا تقل: استأثر الله بفلان، وقل: مات فلان)، لا تقل: مجنون، وقل: مصاب)، لا تقل: خبُثت نفسي، ولكن قل: لقِست نفسي)، لا يقل العبد ربي، وليقل سيّدي)، لا تقل آمنت برسولك الذي أرسلت، وقل آمنت بنبيك الذي أرسلت)، لا تقل: زرعت، وقل: حرثتُ)، لا تقل: انصرفنا من الصلاة، وقل: قد قُضيت الصلاة)، لا يقولن أحدكم: عبدي وأمتي، وليقل: غلامي وجاريتي وفتاي وفتاتي)، لا تقولوا: الكَرْم، ولكن قولوا: العنب والحبَلة)، لا تقل: كسفت الشمس، ولكن قل: خسفت الشمس)، لا تقل: أهريق الماء، ولكن قل: أبول)، لا تقل: أألج، وقل: أأدخل).

2 - رتبت ألفاظ المناهي ترتيباً ألفاً بائياً حسب ورود اللفظة الأولى في النهي، وما عداها من ألفاظ، فإنها تأتي ضمناً أثناء عرض ومناقشة تلك اللفظة، سواء كانت تلك الألفاظ داخلة في النهي أو الأمر من ذلك الحديث الشريف.

3 - جعلت خلاصة بعد عرض ومناقشة كل لفظة من ألفاظ المناهي الخاصة بالبحث.

وفي الختام: فإني أعترف بقلة البضاعة في خوض غمار مثل هذا الموضوع، ولكن حسبي في ذلك أني مجتهد، فما كان من توفيق، فمن الله. وما كان من غير ذلك، فمن نفسي والشيطان. والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على النبي الأمين، وآله الأكرمين.

نماذج من المناهي اللفظية بين المعنى المعجمي، والتوجيه الشرعي، وقيمة ذلك في الدلالة اللغوية

1 - أثر الاستئثار): إن من دلالات الاستئثار: الاستبداد بالشيء، وتخصيص النفس به (7)، والانفراد به دون سواه، ومنه الحديث: [إذا استأثر الله بشيء فالْهَ عنه] (8).

وقد وجَّه الحديث الشريف إلى استبدال لفظة الاستئثار) في حالة التعبير عن موت العبد، إلى التصريح بلفظة الموت)، فقد جاء عن عمر ومجاهد وغيرهما: النهي عن قول القائل: استأثر الله بفلان، بل يقال: مات فلان. ويقال: استأثر الله بعلم الغيب، واستأثر الله بكذا وكذا (9).

وتبرز قيمة هذا التوجيه الشرعي في الدلالة اللغوية عن طريق: الربط بين المعنى الشرعي، والمعنى اللغوي لـ لفظة الاستئثار)؛ لأنها من الألفاظ الجاهلية التي كره الشارع استخدامها، فقد كره قول القائل: استأثر الله بفلان (10). ومثل هذا التوجيه الشرعي مرتبط بالمدلول اللغوي؛ لأن من معاني الاستئثار: التفرد بالشيء دون غيره (11)، وتخصيص النفس بالشيء (12)، والاستبداد به (13)، واختيار الإنسان لنفسه أفعالاً وأخلاقاً حسنة (14). وعلى هذا فإن القائل حينما يقول: استأثر الله بفلان، فذلك يعني: أنه ممن اصطفاه وتفرَّد به دون الورى تشريفاً له (15). والشاهد في هذا كله: أن لفظة الاستئثار) كانت دلالتها اللغوية معروفة متداولة لدى العرب في جاهليتها، فعندما جاء الإسلام أضفى عليها

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير