تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

، تنتهي بغروب شمس اليوم الثّالث من أيّام التّشريق، وهذا القول مرويٌّ عن عليٍّ وابن عبّاسٍ رضي الله عنهم أيضاً، ومرويٌّ كذلك عن جبير بن مطعمٍ رضي الله عنه، وعن عطاءٍ والحسن البصريّ وعمر بن عبد العزيز وسليمان بن موسى الأسديّ ومكحولٍ. وحجّة القائلين بهذا قوله عليه الصلاة والسلام: «كلّ أيّام التّشريق ذبحٌ».

التّضحية في ليالي أيّام النّحر:

* أمّا ليلة عيد الأضحى فليست وقتاً للتّضحية بلا خلافٍ، وكذلك اللّيلة المتأخّرة من أيّام النّحر، وإنّما الخلاف في اللّيلتين أو اللّيالي المتوسّطة بين أيّام النّحر. فالمالكيّة يقولون: لا تجزئ التّضحية الّتي تقع في اللّيلتين المتوسّطتين، وهما ليلتا يومي التّشريق من غروب الشّمس إلى طلوع الفجر. وهذا أحد قولي الحنابلة. وقال الحنابلة والشّافعيّة: إنّ التّضحية في اللّيالي المتوسّطة تجزئ مع الكراهة، لأنّ الذّابح قد يخطئ المذبح، وإليه ذهب إسحاق وأبو ثورٍ والجمهور. وهو أصحّ القولين عند الحنابلة. واستثنى الشّافعيّة من كراهية التّضحية ليلاً ما لو كان ذلك لحاجةٍ، كاشتغاله نهاراً بما يمنعه من التّضحية، أو مصلحةٍ كتيسّر الفقراء ليلاً، أو سهولة حضورهم.

ما يجب بفوات وقت التّضحية:

* ولمّا كانت القربة في الأضحيّة بإراقة الدّم، وكانت هذه الإراقة لا يعقل السّرّ في التّقرّب بها، وجب الاقتصار في التّقرّب بها على الوقت الّذي خصّها الشّارع به. فلا تقضى بعينها بعد فوات وقتها، بل ينتقل التّغرّب إلى التّصدّق بعين الشّاة حيّةً، أو بقيمتها أو بقيمة أضحيّةٍ مجزئةٍ، فمن عيّن أضحيّةً شاةً أو غيرها بالنّذر أو بالشّراء بالنّيّة فلم يضحّ بها حتّى مضت أيّام النّحر وجب عليه أن يتصدّق بها حيّةً، لأنّ الأصل في الأموال التّقرّب بالتّصدّق بها لا بالإتلاف وهو الإراقة. إلاّ أنّ الشّارع نقله إلى إراقة دمها مقيّدةً بوقتٍ مخصوصٍ حتّى أنّه يحلّ أكل لحمها للمالك والأجنبيّ والغنيّ والفقير، لأنّ النّاس أضياف اللّه تعالى في هذا الوقت.

* ومن وجب عليه التّصدّق بالبهيمة حيّةً لم يحلّ له ذبحها ولا الأكل منها ولا إطعام الأغنياء ولا إتلاف شيءٍ منها، فإن ذبحها وجب عليه التّصدّق بها مذبوحةً، فإن كانت قيمتها بعد الذّبح أقلّ من قيمتها حيّةً تصدّق بالفرق بين القيمتين فضلاً عن التّصدّق بها. فإن أكل منها بعد الذّبح شيئاً أو أطعم منها غنيّاً أو أتلف شيئاً وجب عليه التّصدّق بقيمته.

* ومن وجبت عليه التّضحية ولم يضحّ حتّى فات الوقت ثمّ حضرته الوفاة وجب عليه أن يوصي بالتّصدّق بقيمة شاةٍ من ثلث ماله، لأنّ الوصيّة هي الطّريق إلى تخليصه من عهدة الواجب. هذا كلّه مذهب الحنفيّة. وللإيصاء بالتّضحية صورٌ نكتفي بالإشارة إليها، ولتفصيلها وبيان أحكامها (ر: وصيّةٌ). وقال الشّافعيّة والحنابلة: من لم يضحّ حتّى فات الوقت فإن كانت مسنونةً - وهو الأصل - لم يضحّ، وفاتته تضحية هذا العام، فإن ذبح ولو بنيّة التّضحية لم تكن ذبيحته أضحيّةً، ويثاب على ما يعطي الفقراء منها ثواب الصّدقة. وإن كانت منذورةً لزمه أن يضحّي قضاءً، وهو رأيٌ لبعض المالكيّة، لأنّها قد وجبت عليه فلم تسقط بفوات الوقت، فإذا وجبت الأضحيّة بإيجابه لها فضلّت أو سرقت بغير تفريطٍ منه فلا ضمان عليه، لأنّها أمانةٌ في يده، فإن عادت إليه ذبحها سواءٌ أكانت عودتها في زمن الأضحيّة أو بعده. فإذا مضى الوقت ولم يضحّ بالشّاة المعيّنة عاد الحكم إلى الأصل، وهو التّصدّق بعين الأضحيّة حيّةً سواءٌ أكان الّذي عيّنها موسراً أم معسراً أو بقيمتها. وفي هذه الحال لا تحلّ له ولا لأصله ولا لفرعه ولا لغنيٍّ.

ما يستحبّ قبل التّضحية:

* يستحبّ قبل التّضحية أمورٌ:

1 - أن يربط المضحّي الأضحيّة قبل يوم النّحر بأيّامٍ، لما فيه من الاستعداد للقربة وإظهار الرّغبة فيها، فيكون له فيه أجرٌ وثوابٌ.

2 - أن يقلّدها ويجلّلها قياساً على الهدي، لأنّ ذلك يشعر بتعظيمها، قال تعالى: {ومن يعظّم شعائر اللّه فإنّها من تقوى القلوب}.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير