تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

مسائل منثورة (أهل عرفة إذا وقفوا في يوم وشهد قوم أنهم وقفوا يوم النحر أجزأهم) والقياس أن لا يجزيهم اعتبارا بما إذا وقفوا يوم التروية، وهذا لأنه عبادة تختص بزمان ومكان فلا يقع عبادة دونهما. وجه الاستحسان أن هذه شهادة قامت على النفي وعلى أمر لا يدخل تحت الحكم لأن المقصود منها نفي حجهم، والحج لا يدخل تحت الحكم فلا تقبل، ولأن فيه بلوى عاما لتعذر الاحتراز عنه والتدارك غير ممكن، وفي الأمر بالإعادة حرج بين فوجب أن يكتفي به عند الاشتباه، بخلاف ما إذا وقفوا يوم التروية لأن التدارك ممكن في الجملة بأن يزول الاشتباه يوم عرفة، ولأن جواز المؤخر له نظير ولا كذلك جواز المقدم. قالوا: ينبغي للحاكم أن لا يسمع هذه الشهادة ويقول قد تم حج الناس فانصرفوا لأنه ليس فيها إلا إيقاع الفتنة. وكذا إذا شهدوا عشية عرفة برؤية الهلال، ولا يمكنه الوقوف في بقية الليل مع الناس أو أكثرهم لم يعمل بتلك الشهادة.

(قوله بخلاف ما إذا وقفوا يوم التروية لأن التدارك ممكن) يعني إذا ظهر لهم خطؤهم والكلام في تصوير ذلك، ولا شك أن وقوفهم يوم التروية على أنه التاسع لا يعارضه شهادة من شهد أنه الثامن لأن اعتقاده أنه الثامن إنما يكون بناء على أن أول ذي الحجة ثبت بإكمال عدة ذي القعدة واعتقاده التاسع بناء على أنه رئي قبل الثلاثين من ذي القعدة فهذه شهادة على الإثبات. والقائلون إنه الثامن حاصل ما عندهم نفي محض، وهو أنهم لم يروا ليلة الثلاثين من ذي القعدة ورآه الذين شهدوا فهي شهادة مقبولة لا معارض لها (قوله وكذا إذا شهدوا عشية عرفة) بأن شهدوا في الليلة التي هم بها في منى متوجهين إلى عرفات أن اليوم الذي خرجنا به من مكة المسمى بيوم التروية كان التاسع لا الثامن، ولا يمكنه الوقوف بأن يسير إلى عرفات في تلك الليلة ليقف ليلة النحر بالناس أو أكثرهم لم يعمل بها ويقف من الغد بعد الزوال لأنهم وإن شهدوا عشية عرفة لكن لما تعذر الوقوف فيما بقي من الليل صار كشهادتهم بعد الوقت، وإن كان الإمام يمكنه الوقوف في الليل مع الناس أو أكثرهم ولا يدركه ضعفة الناس لزمه الوقوف ثانيا، فإن لم يقف فات حجه لترك الوقوف في وقته مع القدرة عليه

البحر الرائق شرح كنز الدقائق في فقه الحنفية:

وكذا إذا أخر الإمام الوقوف بمعنى يسوغ فيه الاجتهاد لم يجز وقوف من وقف قبله واستشكل المحقق في فتح القدير تصوير قبول الشهادة في المسألة الأولى؛ لأنه لا شك أن وقوفهم يوم التروية على أنه التاسع لا يعارضه شهادة من شهد أنه الثامن؛ لأن اعتقاد الثامن إنما يكون بناء على أن أول ذي الحجة ثبت بإكمال عدة ذي القعدة واعتقاده التاسع بناء على أنه رئي قبل الثلاثين من ذي القعدة فهذه شهادة على الإثبات والقائلون إنه الثامن حاصل ما عندهم نفي محض، وهو أنهم لم يروه ليلة الثلاثين من ذي القعدة ورآه الذين شهدوا فهي شهادة لا معارض لها. ا هـ. فحاصله أن الشهادة على خلاف ما وقف الناس لا يثبت بها شيء مطلقا سواء كان قبله أو بعده، وهو إنما يتم أن لو انحصر التصوير فيما ذكره بل صورته لو وقف الإمام بالناس ظنا منه أنه يوم التاسع من غير أن يثبت عنده رؤية الهلال فشهد قوم أنه اليوم الثامن فقد تبين خطأ ظنه والتدارك ممكن فهي شهادة لا معارض لها ولهذا قال: في المحيط لو وقفوا يوم التروية على ظن أنه يوم عرفة لم يجزهم وبهذا التقرير علم أن المسألة تحتاج إلى تفصيل، ولا بدع فيه بل هو متعين. وقد بقي هنا مسألة ثالثة، وهي ما إذا شهدوا يوم التروية والناس بمنى أن هذا اليوم يوم عرفة ينظر فإن أمكن الإمام أن يقف مع الناس أو أكثرهم نهارا قبلت شهادتهم قياسا واستحسانا للتمكن من الوقوف فإن لم يقفوا عشية فاتهم الحج، وإن أمكنه أن يقف معهم ليلا لا نهارا فكذلك استحسانا، وإن لم يمكنه أن يقف ليلا مع أكثرهم لا تقبل شهادتهم ويأمرهم أن يقفوا من الغد استحسانا والشهود في هذا كغيرهم كما قدمناه، وفي الفتاوى الظهيرية، ولا ينبغي للإمام أن يقبل في هذا شهادة الواحد والاثنين ونحو ذلك.

بدائع الصنائع للكاساني الحنفي:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير