تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولو اشتبه على الناس هلال ذي الحجة فوقفوا بعرفة بعد أن أكملوا عدة ذي القعدة ثلاثين يوما ثم شهد الشهود أنهم رأوا الهلال يوم كذا، وتبين أن ذلك اليوم كان يوم النحر فوقوفهم صحيح، وحجتهم تامة استحسانا، والقياس: أن لا يصح، وجه القياس أنهم، وقفوا في غير وقت الوقوف فلا يجوز كما لو تبين أنهم، وقفوا يوم التروية، وأي فرق بين التقديم، والتأخير، والاستحسان ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: {صومكم يوم تصومون، وأضحاكم يوم تضحون، وعرفتكم يوم تعرفون}. وروي: {وحجكم يوم تحجون}. فقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم وقت الوقوف أو الحج، وقت تقف أو تحج فيه الناس، والمعنى فيه من وجهين: أحدهما ما قال بعض مشايخنا: أن هذه شهادة قامت على النفي، وهي نفي جواز الحج، والشهادة على النفي باطلة، والثاني أن شهادتهم جائزة مقبولة لكن وقوفهم جائز أيضا؛ لأن هذا النوع من الاشتباه مما يغلب، ولا يمكن التحرز عنه فلو لم نحكم بالجواز لوقع الناس في الحرج بخلاف ما إذا تبين أن ذلك اليوم كان يوم التروية؛ لأن ذلك نادر غاية الندرة فكان ملحقا بالعدم، ولأنهم بهذا التأخير بنوا على دليل ظاهر واجب العمل به، وهو وجوب إكمال العدة إذا كان بالسماء علة فعذروا في الخطأ بخلاف التقديم فإنه خطأ غير مبني على دليل رأسا فلم يعذروا فيه، نظيره إذا اشتبهت القبلة فتحرى، وصلى إلى جهة ثم تبين أنه أخطأ جهة القبلة جازت صلاته، ولو لم يتحر، وصلى ثم تبين أنه أخطأ لم يجز لما قلنا، كذا هذا، وهل يجوز وقوف الشهود؟ روى هشام عن محمد أنه يجوز وقوفهم، وحجهم أيضا. وقد قال محمد إذا شهد عند الإمام شاهدان عشية يوم عرفة برؤية الهلال، فإن كان الإمام لم يمكنه الوقوف في بقية الليل مع الناس أو أكثرهم لم يعمل بتلك الشهادة، ووقف من الغد بعد الزوال؛ لأنهم، وإن شهدوا عشية عرفة لكن لما تعذر على الجماعة الوقوف في الوقت، وهو ما بقي من الليل صاروا كأنهم شهدوا بعد الوقت فإن كان الإمام يمكنه الوقوف قبل طلوع الفجر مع الناس أو أكثرهم بأن كان يدرك الوقوف عامة الناس إلا أنه لا يدركه ضعفة الناس، جاز وقوفه فإن لم يقف فات حجه؛ لأنه ترك الوقوف في وقته مع علمه به، والقدرة عليه، قال محمد: فإن اشتبه على الناس فوقف الإمام، والناس يوم النحر. وقد كان من رأى الهلال وقف يوم عرفة لم يجزه وقوفه، وكان عليه أن يعيد الوقوف مع الإمام؛ لأن يوم النحر صار يوم الحج في حق الجماعة، ووقت الوقوف لا يجوز أن يختلف فلا يعتد بما فعله بانفراده. وكذا إذا أخر الإمام الوقوف لمعنى يسوغ فيه الاجتهاد لم يجز وقوف من وقف قبله، فإن شهد شاهدان عند الإمام بهلال ذي الحجة فرد شهادتهما؛ لأنه لا علة بالسماء، فوقف بشهادتهما قوم قبل الإمام لم يجز وقوفهم؛ لأن الإمام أخر الوقوف بسبب يجوز العمل عليه في الشرع، فصار كما لو أخر بالاشتباه، والله تعالى أعلم.

فتاوى الرملي في فقه الشافعية:

(سئل) هل تمتد أيام التشريق لمن وقف اليوم العاشر غلطا أو يكون يوم النحر في أحكامه هو ثاني يومه؟ (فأجاب) بأن مقتضى كلامهم أن يوم النحر الحادي عشر وأن أيام التشريق ثلاثة بعده فقد قال المتولي إن وقوفهم في العاشر يقع أداء لا قضاء لأنه لا يدخله القضاء أصلا وقد قالوا ليس يوم الفطر أول شوال مطلقا بل يوم فطر الناس وكذا يوم النحر يوم يضحي الناس ويوم عرفة اليوم الذي يظهر لهم أنه يوم عرفة سواء التاسع والعاشر لخبر {الفطر يوم يفطر الناس والأضحى يوم يضحي الناس} رواه الترمذي وصححه وفي رواية للشافعي وعرفة يوم يعرفون. لكن قال بعض المتأخرين .. هل يفوت رمي جمرة العقبة وإذا أراد أن يضحي في اليوم الزائد هل يجوز وإذا أراد أن يضحي في العاشر هل يمتنع لأنه محسوب عليهم يوم عرفة أو يجوز نظرا إلى أنه في نفس الأمر يوم أضحية ثم قال رأيت في الاستذكار للدارمي أنهم إذا وقفوا العاشر غلطا حسبت أيام التشريق على الحقيقة لا على حساب وقوفهم وإن وقفوا الثامن وذبح يوم التاسع ثم بان ذلك لم يجب إعادة التضحية وعلى هذا فلا يقيمون بمنى إلا ثلاثة أيام خاصة

وفي حاشية الجمل المسماة فتوحات الوهاب شرح منهج الطلاب في الفقه الشافعي:

وإن وقفوا في اليوم الثامن غلطا بأن شهد شاهدان برؤية هلال ذي الحجة ليلة الثلاثين من ذي القعدة ثم بانا كافرين أو فاسقين وعلموا قبل فوات الوقوف وجب الوقوف في الوقت تداركا له وإن علموا بعده أي بعد فوات وقت الوقوف وجب القضاء لهذه الحجة في عام آخر في الأصح لندرة الغلط وفارق العاشر بأن تأخير العبادة عن وقتها أقرب إلى الاحتساب من تقديمها عليه وبأن الغلط بالتقديم يمكن الاحتراز عنه؛ لأنه إنما يقع لغلط في الحساب أو خلل في الشهود الذين شهدوا بتقديم الهلال والغلط بالتأخير قد يكون بالغيم الذي لا حيلة في دفعه والثاني لا يجب القضاء عليهم قياسا على ما إذا غلطوا بالتأخير وفرق الأول بما مر ولو غلطوا بيومين فأكثر أو في المكان لم يصح جزما لندرة ذلك انتهت. (قوله: فلا يجزيهم) وقال الإمام مالك وأحمد رضي الله عنهما بإجزائه لهم ونقله صاحب البيان عن أكثر الأصحاب ا هـ برماوي.

3) أعضاء مجلس القضاء الأعلى هم من كبار أئمة المسلمين وهم من الفقهاء المجتهدين، فيجب توقيرهم لقوله صلى الله عليه وسلم: "ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه "

4) العالم المؤهل للفتيا والاجتهاد مأجور على كل حال إما أجرين وإما أجرا واحدا ما دام قد بذل ما في وسعه، وأفتى بما يدين الله تعالى أنه الصواب.

(يتبع)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير