تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فإن رمي الجمار في أيام التشريق، من المسائل التي يكثر السؤال عنها، لاسيما في أيام الحج، وذلك لما يحصل عندها في كل عام من مآس يندى لها الجبين، ويقف المسلم أمامها، وهو في حيرة من أمره، حينما يرى التدافع والتزاحم الذي يتنافى مع الرحمة التي من أجلها شرع الله الشرائع وفرض الفرائض، كما أنه يتنافى مع اليسر الذي جاءت به الشريعةالإسلامية السمحة، قال عز وجل: ـ " يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر "

وقال تعالى: ـ " وما جعل عليكم في الدين من حرج "، وما ذلك إلا لقلة العلم، و انتشار الجهل بأحكام شريعة الإسلام السمحة، ولذا فقد ذهب بعض العلماء إلى توسيع وقت الرمي،فجعلوا أول وقته قبل الزوال، قاصدين بذلك التخفيف على عباد الله من الزحام، ورحمة لهم من التدافع والاقتتال، لاسيما أنهم وجدوا لما قالوا به سلفا من أهل المذاهب الفقهية المعتبرة، وغيرهم ممن يعتد بقوله مستندين في ذلك إلى أدلة من المنقول والمعقول.

،? فأردت أن أبين أرآءهم، وأذكر أدلتهم، قاصدا بذلك بيان المسائل العلمية والأصول التي تستند إليها، مع بيان الراجح من الأقوال، حسبما تقتضيه قواعد الفقه وأصوله، وليس المقصود من ذلك الدفاع عن رأي معين أو نصرته، بل الوصول إلى الفهم الأمثل لأقوال الفقهاء ونصوص العلماء، ومن قبلهما النصوص الشرعية، دون تعصب لرأي على حساب رأي، أو محاباة لشخص على حساب شخص، لأن ذلك يؤدي في النهاية إلى خسارة كبرى في الدين، ويوجب سخط رب العالمين ـ عافانا الله من ذلك

ـ، وحسبي أن يكون عوني في ذلك مسلك الفقهاء وطريق العلماء، فسلوك نهجهم عصمة من الخطأ، واجتناب لسوء الفهم وكثرة الوهم

وقد وجدت أكثر الذين كتبوا في هذا الموضوع يستندون دائماً في القول بالجواز إلي ما نقل عن طاووس وعطاء والإمامين الرافعي والإسنوي الشافعيين، وابن الجوزي الحنبلي، وأبي جعفر الباقر ورويات من المذهبين الحنفي والحنبلي، وبعد البحث والتحري في كتب فروع المذاهب، وكتب الفقه المقارن، وكتب السنن والآثار، تم إثبات عدد آخر ممن قالوا بالجواز، كابن الزبير وعكرمة وابن طاووس وإمام الحرمين الشافعي وابن الزغواني الحنبلي، وغيرهم، فنظمتهم في سلك المذكورين وتتبعت ما ورد عن عطاء، فوجدت بعض الرويات تصرح بأنه قال بعدم جواز الرمي قبل الزوال، على خلاف ما هو منقول عنه في بعض كتب الفقه، حتى أشتهرعنه أكثر من القول بعدم الجواز، فوفقت بين ذلك، وبينت الراجح منه، ووجدت في مذهب الحنفية تفصيلاً يفيد أن للإمام أبي حنيفة في المسألة ثلاث رويات، وشفعت كل واحد من القولين بما يقويه من الأدلة العقلية والنقلية، ورددت على ما يستحق الرد من الأدلة، وأعدت استدلال كل فريق إلى أصله الذي اعتمد عليه، وذكرت جملاً من الفوائد، وعدداً من المسائل، التي يستفاد منها بمفردها، فضلا عن احتياج البحث إليها، ولم أر ذلك إلا من صلب البحث وأصله، إذ برد الفرع إلي أصله تتبين قوة الحجة، ويسهل حينها الترجيح، وانتهيت إلى أن المسألة تدخل في حيز الخلاف المعتبر، لقوة أدلة الفريقين، وإن رجحت قول الجمهور، لأن أدلته أقوى، وذكرت في موضوع الترجيح قاعدتي: ـ مراعاة الخلاف، والخروج من الخلاف، ضبطا لطريقة التعامل مع القولين، وبيانا لمنهج العلماء في المسائل الخلافية، وذكرت حكم كل يوم من أيام التشريق على حدة، ليكون أيسر في فهم المراد، وأعون على إدراك المقصود، وظهر من خلال الكلام عن اليومين الأخيرين، أن الخلاف في اليوم الثاني عشر أقوى، والقول بالجواز فيهما أوجه، إن أراد النفر في اليوم الثاني عشر متعجلا، أو في الثالث عشر متأخراً أو أراد البقاء لليوم الأخير، ونقلت في ذلك أقوال بعض المعاصرين، كابن جبرين ـ حفظه الله ـ، وهو المقرر عند مؤلفي الموسوعة الفقهية الكويتية، وأحب أن أنوه هنا إلى أهم البحوث التي عنيت بهذا الموضوع: ـ

1 ـ رمي الجمرات وما يتعلق به من أحكام، إعداد الدكتور / شرف بن علي الشريف، الأستاذ المساعد بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية، بجامعة أم القرى.

2 ـ بحث اللجنة الدائمة، المنشور في مجلة البحوث الإسلامية، العدد الخامس، سنة 1400 هـ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير