تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(35). ومن تراث المالكية جانب يتناوله هذا البحث وهو كتب الطبقات. وسبق لنا القول: إن إبراهيم حفصي نشر بحثاً عن كتب الطبقات عامة، وبنى على هذه الكتب أحكاماً حالفه التوفيق في كثير منها، وجانبه في بعضها؛ ومن ذلك حديثه عن طبقات المالكية كما سنرى.

ج ـ طبقات المالكية:

يدخل التأليف في الطبقات في التأليف في تراجم العلماء عموماً، وقد يدخل في كتب الطبقات كتب لا تحمل في عناوينها مصطلح "طبقات" بالمفاهيم التي عرضنا لها في بداية هذا البحث. وفائدة كتب التراجم كما قال العلامة الشيخ عبد القادر التميمي أن فيها "…فوائد نفيسة ومهمات جليلة، منها: معرفة مناقبهم وأحوالهم فيتأدب بآدابهم، ويقتبس من محاسن آثارهم، ومنها: معرفة مراتبهم وأعصارهم فينزلون منازلهم، ولا يقصر بالعالي في الجلالة عن درجته، ولا يرفع غيره عن مرتبته…، ومنها: أنهم أئمتنا وأسلافنا كالوالدين لنا، وأجدى علينا في مصالح آخرتنا، التي هي دار قرارنا، وأنصح لنا فيما هو أعود علينا، فيقبح علينا أن نجهلهم، وأن نهمل معرفتهم، ومنها: أن يكون الترجيح بقول أعلمهم وأورعهم إذا تعارضت أقوالهم، ومنها: بيان مصنفاتهم وحالها من الجلالة" (36). ويبدو أن علماء هذا الضرب من التأليف كانوا يرون أنه يدخل في التاريخ، وفي هذا السياق يقول محمد بن محمد بن خلوف: "… قد اعتنى العلماء بالتاريخ قديماً وحديثاً، وسعوا في ذلك سعياً حثيثاً، فألفوا التآليف البارعة، في أغراض متفاوتة مفيدة نافعة. فمنهم من ألف في الرواة والمحدثين، والفقهاء والمفسرين والمتكلمين، والأدباء والشعراء والنحاة واللغويين، والعلماء والخلفاء والملوك والسلاطين، وأتى على تراجمهم من دون تمييز ولا تفريق، ومنهم من أتى على فريق دون فريق، وبيّن مراده فيما أراده…" (37).

ولا يتميز التأليف في طبقات المالكية من التأليف في الطبقات لدى أتباع المذاهب الإسلامية الأخرى، ولكن ما يلفت النظر هو ما ذكره إبراهيم حفصي من أن طبقات الشافعية والحنابلة والمالكية تذكر أتباعها بأوصاف عامة، وتنفرد كتب الحنفية بذكر أتباعها في مصاف المجتهدين، وربما كان ذلك يرجع إلى صرامة مذهبهم.

وأضاف أن كتب طبقات المالكية تمثل نسبة قليلة بالنسبة إلى كتب طبقات المذاهب الأخرى، وعلل ذلك بما سماه "بالكسل الثقافي" الذي يمكن أن يجد أسبابه في البعد الجغرافي للبلاد التي اتبعت المذهب المالكي (المغرب العربي، والأندلس)، وفي الأنظمة السياسية.

ولسنا ندري ما يعنيه بـ"الكسل الثقافي"، ونظن أن الأمر أبسط من ذلك، لأنه بنى حكمه على الكتب التي تحمل في عنوانها مصطلح الطبقات، وصادف أنها قليلة لدى علماء المالكية ولكن هناك كتباً أخرى كثيرة تندرج ضمن كتب الطبقات، وإن كانت لا تحمل المصطلح في عناوينها. وبناء مثل هذه الأحكام على كتب تحمل مصطلحاً معيناً لا يدخل ضمن المنهج العلمي الدقيق. إن علماء المالكية، شأنهم شأن علماء المذاهب الإسلامية الأخرى، ألفوا في هذا المجال كثيراً، ولكنه صادف أن المصنفات التي تحمل في عناوينها كلمة الطبقات قليلة مما جعل حفصي يبني على هذا ما سماه "كسلاً ثقافياً". ومن أمثلة هذه الكتب التي تنضوي تحت لواء كتب الطبقات ولا تحمل في عنوانها المصطلح ما ذكره موراني عندما قال في حديثه عن كتاب مصادر ابن ناصر الدين في كتابه "إتحاف السالك برواة الموطأ عن الإمام مالك": "استخدم المؤلف كتب الطبقات التالية… 1ـ كتاب محمد بن مخلد العطار (233هـ / 848م ـ331هـ / 943م) في جمعه مما رواه الأكابر عن مالك؛ 2ـ الدارقطني علي بن عمر بن أحمد (305هـ/918م ـ 385هـ/995م) في كتابه الرواة عن مالك؛ 3 ـ كتاب أبي عبد الله محمد بن يحيى بن الحذاء (336هـ / 948م ـ 416هـ / 1025م) التعريف برواة الموطأ؛ 4 ـ كتاب أبو نُعيم الأصفهاني (336هـ/948م ـ430هـ/1038م) الذي ذكره ابن ناصر الدين في قائمة الفقهاء الذين ألف كل واحد منهم كتاباً في الطبقات عن رواة الموطأ؛ 5 - أبو بكر الخطيب البغدادي (392هـ/1002م ـ463هـ/1071م)، وكتابه الرواة عن مالك، وما ألفه يحيى بن علي بن عبد الله العطار حول كتاب الخطيب الذي سماه: ما أغفله الخطيب في الرواة عن مالك؛ 6 ـ أبو محمد هبة الله بن الأكفاني، هبة الله بن أحمد بن محمد ابن هبة الله الأنصاري الدمشقي (444هـ/1052م ـ 524هـ/1129م)، وكتابه تسمية

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير