أما الحنابلة فعموم النصوص عندهم لا يخرج عن الشروط التي دلت عليها نصوص المذاهب الأخرى، من عدم جواز النفر قبل الزوال، وقبل الرمي، وحصول نية النفر، ولا فرق في هذا بين الأصيل والوكيل أخذا بالعمومات.
* قال مصطفى بن سعد بن عبدة الرحيباني الحنبلي:
" (وَلِغَيْرِ الْإِمَامِ الْمُقِيمِ لِلْمَنَاسِكِ التَّعْجِيلُ فِي) الْيَوْمِ (الثَّانِي) مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ بَعْدَ الزَّوَالِ وَالرَّمْيِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ (وَهُوَ النَّفْرُ الْأَوَّلُ) لقوله تعالى: {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ , وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ} وَلِحَدِيثٍ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ: {وَأَيَّامُ مِنًى ثَلَاثَةٌ} "
ويستدل من هذا النص على ما ذكرنا بقوله: " بعد الزوال والرمي وقبل الغروب "
* وقال ابن قدامة ـ وهو حنبلي ـ:
" مَسْأَلَةٌ: قَالَ (وَيَفْعَلُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي كَمَا فَعَلَ بِالْأَمْسِ , فَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ , خَرَجَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ. فَإِنْ غَرَبَتْ الشَّمْسُ وَهُوَ بِهَا , لَمْ يَخْرُجْ حَتَّى يَرْمِيَ مِنْ غَدٍ بَعْدَ الزَّوَالِ , كَمَا رَمَى بِالْأَمْسِ) وَجُمْلَتُهُ أَنَّ الرَّمْيَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي كَالرَّمْيِ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ , فِي وَقْتِهِ وَصِفَتِهِ وَهَيْئَتِهِ لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا. فَإِنْ أَحَبَّ التَّعَجُّلَ فِي يَوْمَيْنِ , خَرَجَ قَبْلَ الْغُرُوبِ. وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ مَنْ أَرَادَ الْخُرُوجَ مِنْ مِنًى شَاخِصًا عَنْ الْحَرَمِ , غَيْرَ مُقِيمٍ بِمَكَّةَ , أَنْ يَنْفِرَ بَعْدَ الزَّوَالِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ. "
ويؤخذ اشتراط النية هنا من قوله: " من أراد الخروج من منى ..... الخ "
ـ نص صريح منقول عن الإسنوي الشافعي في عدم جواز النفر قبل رمي الوكيل إن أمكن تدارك الرمي به:
* قال الجمل ـ وهو شافعي ـ:
" فَإِنْ نَفَرَ فِيهِ (يعني النفر الأول) قَبْلَ رَمْيِهِ لَمْ يَجُزْ وَبِهِ صَرَّحَ الْعِمْرَانِيُّ عَنْ الشَّرِيفِ الْعُثْمَانِيِّ قَالَ لِأَنَّ هَذَا النَّفْرَ غَيْرُ جَائِزٍ , قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وَهُوَ صَحِيحٌ مُتَّجَهٌ وَاسْتَظْهَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ , وَقَوْلُهُ: وَبَاتَ اللَّيْلَتَيْنِ قَبْلَهُ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ فَإِنْ تَرَكَ مَبِيتَهُمَا بِلَا عُذْرٍ لَمْ يَجُزْ النَّفْرُ فِي الثَّانِي، وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ مَبِيتُ الثَّالِثَةِ وَلَا رَمْيُ يَوْمِهَا ا هـ. مِنْ شَرْحِ (م ر). وَعِبَارَةُ (حَجّ) أَمَّا إذَا لَمْ يَبِتْهُمَا وَلَا عُذْرَ لَهُ أَوْ نَفَرَ قَبْلَ الزَّوَالِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الرَّمْيِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ النَّفْرُ وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ مَبِيتُ الثَّالِثَةِ وَلَا رَمْيُ يَوْمِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ نَعَمْ يَنْفَعُهُ فِي غَيْرِ الْأُولَى الْعَوْدُ قَبْلَ الْغُرُوبِ فَيَرْمِي وَيَنْفِرُ حِينَئِذٍ , وَبَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ طَرْدَ مَا ذُكِرَ فِي الْأُولَى فِي الرَّمْيِ فَمَنْ تَرَكَهُ لَا لِعُذْرٍ امْتَنَعَ عَلَيْهِ النَّفْرُ أَوْ لِعُذْرٍ يُمْكِنُ مَعَهُ تَدَارُكُهُ وَلَوْ بِالنَّائِبِ فَكَذَلِكَ أَوْ لَا يُمْكِنُ جَازَ انْتَهَى. "
الذي يظهر لنا من هذا النص أن من ترك مبيت الليلتين الأوليين لغير عذر، أو نفر قبل الزوال، أو بعده وقبل الرمي، فإنه يترتب عليه ثلاثة أحكام:
1 ـ لا يجوز له النفر.
2 ـ لا يسقط عنه مبيت الثالثة.
3 ـ لا يسقط عنه رمي اليوم الثالث.
لكن إذا نفر قبل الزوال، أو بعده وقبل الرمي، كان له أن يعود قبل الغروب فيرمي وينفر، وهذا هو المعتمد.
* وفي فتاوى شهاب الدين أحمد بن أحمد الرملي:
¥