تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يدل على اشتراط النية كما مر في نصوص الشافعية، وكذا يدل على كون النية مقارنة للنفر، وأن النفر يكون بعد تمام الرمي وبعد الزوال.

أما المالكية فدلالتها على ذلك واضحة أيضا، وسيتبين ذلك من خلال عرضها، ومن هذه النصوص:

* قال علي أبو الحسن المالكي:

" وَقَوْلُهُ: (وَإِنْ شَاءَ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ مِنْ أَيَّامِ مِنًى فَرَمَى وَانْصَرَفَ) قَسِيمُ قَوْلِهِ: يُقِيمُ بِمِنًى ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ هَذَا مَا لَمْ تَغْرُبْ الشَّمْسُ مِنْ الْيَوْمِ الثَّانِي فَإِذَا غَرُبَتْ فَلَا تَعْجِيلَ لِأَنَّ اللَّيْلَةَ إنَّمَا أُمِرَ بِالْمُقَامِ فِيهَا مِنْ أَجْلِ رَمْيِ النَّهَارِ , فَإِذَا غَرُبَتْ الشَّمْسُ فَكَأَنَّهُ الْتَزَمَ رَمْيَ الْيَوْمِ الثَّالِثِ , وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِ أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ كَغَيْرِهِمْ فِي التَّعْجِيلِ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ لِعُمُومِ قوله تعالى: {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ} "

فقوله: " وَإِنْ شَاءَ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ مِنْ أَيَّامِ مِنًى فَرَمَى وَانْصَرَفَ "، يدل بوضوح على اشتراط النية بقوله (شاء) كما يدل على اشتراط الرمي بقوله (فرمى)، وأن يكون الرمي بعد الزوال، فالرمي لا يجوز عند المالكية إلا بعد الزوال قولا واحدا.

وقد أوجب الإمام مالك الدم على من ترك رمي جمرة من الجمار ناسيا حتى نفر إلى مكة، سواء رجع فرماها قبل الغروب أو لم يرجع، وهذا أحد الوجهين المفهومين من عبارته في الموطأ، ووافقه عليه ابن حبيب فأوجب الدم عليه ولو عاد فرمى قبل الغروب، وعلل ذلك بنفره قبل تمام رميه، وهذا واضح في إثبات المراد، ولمالك قول آخر بسقوط الدم إذا عاد فرمى قبل الغروب.

* ففي الموطأ:

" (سُئِلَ مَالِكٌ عَمَّنْ نَسِيَ رَمْيَ جَمْرَةٍ مِنْ الْجِمَارِ فِي بَعْضِ أَيَّامِ مِنًى حَتَّى يُمْسِيَ قَالَ: لِيَرْمِ أَيَّ سَاعَةٍ ذَكَرَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ كَمَا يُصَلِّي الصَّلَاةَ إذَا نَسِيَهَا ثُمَّ ذَكَرَهَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ مَا صَدَرَ وَهُوَ بِمَكَّةَ أَوْ بَعْدَ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا فَعَلَيْهِ الْهَدْيُ وَاجِبٌ). "

* قال الباجي شارحا لذلك:

" (فَصْلٌ): وَقَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ مَا صَدَرَ وَهُوَ بِمَكَّةَ أَوْ بَعْدَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا فَعَلَيْهِ الْهَدْيُ يُرِيدُ بَعْدَ مَا صَدَرَ مِنْ مِنًى وَذَلِكَ يَكُونُ عَلَى وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ أَنْ يَفُوتَ وَقْتُ الرَّمْيِ بِمَغِيبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَالثَّانِي مِثْلُ أَنْ يَفُوتَ وَقْتُ الرَّمْيِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ فَاتَ وَقْتُ الرَّمْيِ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْهَدْيُ لِمَا فَاتَهُ مِنْ الرَّمْيِ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَفُتْ وَقْتُ الرَّمْيِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ فَيَرْمِي مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ الرَّمْيِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّ عَلَيْهِ الدَّمَ لِأَنَّهُ رَمَى بَعْدَ النَّفْرِ وَقَوْلُ مَالِكٍ يَحْتَمِلُ الْوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يُرِيدَ بَيَانَ وُجُوبِ الْهَدْيِ عَلَى مَنْ نَفَرَ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ سَوَاءٌ رَجَعَ لَهُ فِيمَا تَرَكَ أَوْ لَمْ يَرْجِعْ وَلِذَلِكَ لَمْ يَذْكُرْ الْفَوَاتَ وَلَا الرُّجُوعَ وَالْإِدْرَاكَ وَالثَّانِي أَنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ أَنَّ مَنْ صَدَرَ وَفَاتَهُ الرَّمْيُ لِفَوَاتِ وَقْتِ الْقَضَاءِ أَنَّ عَلَيْهِ الْهَدْيَ وَأَنَّ مَنْ لَمْ يَفُتْهُ ذَلِكَ فَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأُحْكَمُ. "

ونذكر هنا بأن مذهب المالكية في التوكيل هو الجواز كمذهب الجمهور، إلا أن الدم يثبت على الموكل، ولو رمى عنه الوكيل، فرمي الوكيل عندهم يسقط الإثم ولا يسقط الدم، وقد سبق بيان هذا في صدر المبحث، لكنهم يوافقون في عدم صحة النفر إذا حصل دون استيفاء الشروط التي ذكرناها، ولذلك أوجبوا العود على من خرج من منى دون استيفاء شروط جواز النفر، ولا فرق في وجوب العود بين من وكل وبين من رمى بنفسه، لأن المقصود توفر شروط النفر بغض النظر عن الرامي، وهذا ما تدل عليه ظاهر النصوص.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير