غاية بعد حصول القطع». ونقل القليوبي من الشافعية عن العبادي قوله: «إذا دل الحساب القطعي على عدم رؤية الهلال، لم يُقبل قول العدول برؤيته، وترد شهادتهم». ثم قال القليوبي: «هذا ظاهِرٌ جليّ، ولا يجوز الصوم حينئذ. وإن مخالفة ذلك معاندة ومكابرة».
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[27 - 10 - 03, 06:32 م]ـ
هزاع: هل يصح اعتبار الحقائق العلمية –التي تبلغ مبلغ الحس السليم– في ردّ شهادة العدول في أي مسألة من مسائل الشرع؟ وهل لك أن تمثل لهذه القضية الأصولية في غير مجال الهلال؟
أحمد: لا شك في ذلك لأن شهادة هؤلاء الشهود تكون مقرونة بما يكذبها. فلو أن أربعة شهدوا على جريمة الزنا (أعاذنا الله وإياكم منها) ثم وجدنا حقيقة علمية تبلغ مبلغ الحس السليم تنفي إمكانية حصول الزنا (كأن ثبت أن الرجل مجبوب، أو أن المرأة بدون فرج، أو شهد الشهود العدول بوجود الرجل أو المرأة في مكان
آخر في اللحظة المدعى حصول الزنا فيها) ماذا نفعل؟
هزاع: هذا لا شك أنه يدرأ الحد وتسقط به شهادة المثبتين.
أحمد: هذه الحقيقة اليقينية التي لم يتعبدنا الله بمعرفتها، درأت حد الزنا لأنها أسقطت شهادة الشهود، بالرغم من وجود الحقيقة الشرعية في البداية. والحقيقة اليقينية التي تقتضي استحالة رؤية الهلال، والتي لم يتعبدنا الله بمعرفتها، تبطل شهادة من زعم رؤية الهلال وتردّها، بالرغم من وجود الحقيقة الشرعية في البداية.
هزاع: الشرع لم يأت بالحساب وإنما اعتد بشهادة الشهود في رؤية الهلال.
أحمد: وكذلك الشرع لم يأت في مسألة الزنا بغير شهادة الشهود. فالتفريق محض تحكم. وعليه فإن الحقيقة العلمية التي تنفي إمكانية رؤية الهلال تسقط شهادة الشاهد، ومن ثمّ تزيل الحقيقة الشرعية وكأنها لم توجد أصلاً. ونقضي بخطأ الشاهد ووهمه. ولعل ممّا يشبه ذلك: ما لو شهد عدل برؤية الهلال، ثم جاء بعد ساعة وصرح جازماً بأنه كان واهماً في رؤيته، فهل تبقى الحقيقة الشرعية أم تزول؟
هزاع: ما هي أسباب الخطأ في الرؤية؟
أحمد: الخطأ وارد على الإنسان خاصة في أمر دقيق كهذا. وهو موجود في كل العصور، لكنه في هذا العصر أكثر. فالسماء في وقتنا المعاصر ليست كالسماء قبل ألف سنة. فبسبب منتجات الحضارة المعاصرة، صار هناك سحب غازية من غازات متنوعة، بعضها له من الكثافة و الطبيعة الكيميائية ما يعكس بعض الضوء على شكل ريشة فيخل للرائي أنه يرى الهلال. و كذا وجود أجرام جوية من أقمار صناعية، و طائرات بأنواعها.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[27 - 10 - 03, 06:33 م]ـ
هزاع: فمن المسؤول عن تحديد دخول رمضان، إن كانت المسألة متعلقة بالشهادة؟
أحمد: المسؤول الأخير هو القاضي الشرعي الذي ينظر في الشهود، ويقبل شهادتهم إن لم تتعارض مع الحسابات اليقينية. أما تحديد إمكانية رؤية الهلال و القول بصحة بداية الشهر من الناحية الفلكية فهو من اختصاص عالم الفلك العدل المسلم. إن مسوؤلية القاضي الشرعي هي تحديد بداية الشهر وفقاً لما جاءه من شهادات. لكنه –غالباً– ليست لدية المعرفة الفلكية الكافية لمعرفة صحة الشهادة علمياً. و في المقابل فإنه لا يجوز للفلكي التصريح بوجوب قضاء اليوم أو عدمه لعدم اختصاصه في الفقه. لذلك فإنه لا يجوز لعامة الناس و الفقهاء ممن ليست لديهم معرفة فلكية كافية الإدلاء بتصريحات و فتاوى مثيرة للضحك و الخجل. و لو صمت من لا يفقه في الهلال شيئاً و ترك الأمر لعلماء الفلك المسلمين، لصام و أفطر المسلمون معاً. لكن للأسف ما يحصل اليوم يخالف ذلك. فشهادة شخص مخمور –كما حصل مرة في سوريا– كافية لإهمال جميع الحقائق الفلكية.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[27 - 10 - 03, 06:34 م]ـ
هزاع: فهل تريد أن تكون الكلمة للفلكيين في تحديد إمكانية الرؤية أم استحالتها؟
أحمد: ألا تصلى حسب المواعيد التي تجدها في التقويم، و ألا تفطر في رمضان حسب الموعد الذي حسبه الفلكيون؟ فلم تصدقهم في هذه و تكذبهم في أخرى؟ أم أن علم الفلك توقف عندما أصبح الموضوع متعلقا بالهلال!
هزاع: هناك مقالة بعنوان "ملاحظات على أسباب الاختلاف بين الرؤية الشرعية والحساب الفلكي لهلال الشهر الإسلامي"، للدكتور محمد بخيت المالكي. قال فيها: «أغلب الأساليب والتعاريف الفلكية لبداية الشهر الإسلامي لا تتفق مع التعريفات الشرعية».
¥