تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

* يجاب عنه: بأنَّ نافعاً أخذه من ابن عمر، بدليل ما رواه ابن أبي شيبة في مصنفه ()، وأيضاً بالرواية الأخرى عند الصنعاني (1712).

وحتى لو لم ترد هذه الروايات، فأثر السائب الذي في البخاري كافٍ في الاستدلال.

5 – أثر عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه – أنه أنكر على جماعةٍ في المسجد، يهللون، ويكبرون، ويسبحون جهراً، وقال لهم: ما أراكم إلا مبتدعين3.

* يرد عليه: أن إنكار بن مسعود – رضي الله عنه – عليهم، لم يكن على جهرهم، وإنما على الصفة التي كانوا يتعبدون بها، بدليل: أنه ذكر أن فعلهم هذا بدعة، ثم ليس هناك ما يدل على كون ذلك جهراً.

القول الثاني: جواز ذلك، ويستدل لهم بالآتي:

1 – حديث كعب بن مالك أنه تقاضى ابن أبي حَدْرَدْ ديناً كان له عليه في المسجد، فارتفعت أصواتهما حتى سمعهما رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، وهو في بيته؛ حتى كشف سِجْفَ حجرته، فنادى: " ياكعب " قال: لبيك، يارسول الله. قال: " ضع من دينك هذا " وأومأ إليه، أي الشطر. قال: قد فعلت يارسول الله. قال: " قم فاقضه " 1.

وجه الاستدلال: قال ابن حجر في الفتح (1/ 658): [قال المهلب: لو كان رفع الصوت في المسجد لا يجوز لما تركهما النبي – صلى الله عليه وسلم -، ولبيَّن لهما].

* يرد عليه: قال ابن حجر (1/ 658): [قلت: ولمن منع أن يقول: لعله تقدَّم نهيه عن ذلك، فاكتفى به، واقتصر على التوصل بالطريق المؤدية إلى ترك ذلك، بالصلح المقتضي لترك المخاصمة الموجبة لرفع الصوت].

* يجاب عنه: ينبغي أولاً: إثبات أن النهي عن رفع الصوت كان قبل هذه الحادثة.

* ثم ثانياً: ما الدليل على النهي عن رفع الصوت؟.

فإن قيل: قد تقدمت أحاديث النهي عن رفع الصوت.

قلنا: لا تخلو أدلتكم من ثلاث حالات:

1 – إما حديثٌ ضعيف، لا يصلح الاحتجاج به.

2 – وإما مالا دلالة فيه، أو فيه دلالةُ عامة، يمكن أن تخص.

3 – وإما دليلٌ صحيحٌ، معارضُ بأدلةٍ أخرى مثله، فَيُجْمَعُ بينها.

* يرد عليه أيضاً: أن قصة كعب ليست في الأمور الشرعية.

يجاب عنه: أنَّ هذا إذا كان جائزاً في الأمور الدنيوية، فالأمور الشرعية أولى بالجواز.

2 – حديث ابن عباس – رضي الله عنهما – قال: ما كنَّا نعرف انقضاء صلاة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إلا بالتكبير2.

وجه الاستدلال: أنَّ هذا ذكر مشروعٌ ورد رفع الصوت به في المسجد، مع أنَّ المسجد بعد انقضاء الفريضة لا يخلوا ممن يقضي ما فاته، ففيه تشويش عليهم.

* يرد عليه:

1 – أن الخلاف قائمٌ في جواز رفع الصوت بالذكر، فلا يصح الاستدلال في موضعِ نزاعٍ أصلاً.

2 – حَمَلَه بعضهم على أنَّ هذا كان في أول الأمر، لأجل تعليم صفة الذكر، ولم يداوموا عليه.

* ويجاب عن ذلك:

1 – أن الذي ترجح عندنا هو مشروعية الجهر بالذكر، فالحق واحد1.

2 – أما الاعتراض الثاني، فيقلب عليهم، بأن يقال: إذا كان هذا الفعل مشروعاً في مدَّةٍ معينةٍ، مع أن فيه منكراً آخر – على حدِّ زعمهم – وهو رفع الصوت في المسجد، والتشويش على المصلين، دلَّ على أنَّ ما فيه مصلحةٌ راجحةٌ – مما هو مشروع – يجوز فيه رفع الصوت، وهذا هو الراجح.

الراجح: التفريق بين ماله مصلحةٌ راجحة، وبين ما مفسدته راجحة، فالجواز في الأول، وتتوجه الكراهة في الثاني، إن لم يصل إلى التحريم، وبهذا تجتمع الأدلة، والله أعلم2.

قال ابن حجر في الفتح (1/ 668): [أشار بالترجمة 3 إلى الخلاف في ذلك ... وساق البخاري في الباب حديث عمر الدال على المنع، وحديث كعب الدال على عدمه، إشارةً منه إلى أن المنع فيما لا منفعة فيه، وعدمه فيما تلجئ الضرورة إليه].

قال ابن عَلَّان في الفتوحات (2/ 59): [نقل ابن العماد عن المصنفلمصنف4 أنه أفتى في قوم يجهرون بالقراءة، وعندهم قومٌ يصلون، ويتشوشون بذلك. بأن المستمعين إذا كانوا أكثر من المصلين لم يحرم، أو بالعكس حرم؛ نظراً لكثرة المصلحة، وقِلَّتها.

ثم نَظَّرَ 1فيه، وبحث المنع من الجهر بحضرة المصلي مطلقاً، قال: لأن المسجد وقفٌ على المصلين، أي أصالةً، لا على الوعّاظ، والقراء. ا هـ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير