تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فقد أخرج البخاري و مسلم من حديث عقبة بن عامر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال إن أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج) فاستدل اهل العلم بهذا الحديث و غيره أن الأصل في الفروج التحريم.

فدل على ظاهر لفظ الحديث يدل على تحريم الخمر و المعازف و الحر و الحرير.

ثم من تدبر حكم الخمر و الحر و الحرير علم حرمتهما بدلالة الكتاب و السنة و أن من استحلهما كفر فما الوجه إذا من قرن المعازف في مثل هذه المحرمات إلا تحريم هذه المعازف.

و لا يقال أن هذه من دلالة الإقتران و لا تدل على تحريم المعازف فدلالة الإقتران تبينها القرائن المحتفة فيها و مثل هذه الحديث فيه من القرائن التي من تدبرها علم يقينا حرمة المعازف من لفظ هذا الحديث فلفظ الإستحلال و قرن هذا الإسحلال بمحرمات منها ما هو مجمع على حرمته قطعا و تعليق العقوبة الكونية على هذه المحرمات كما في الحديث (ليشربن أناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها يعزف على رؤوسهم بالمعازف والمغنيات يخسف الله بهم الأرض ويجعل منهم القردة والخنازير) صحيح أخرجه ابن ماجة وأبو داود وابن حبان وأحمد وغيرهم ثم المتدبر في هذه العقوبات يجد أنها من أشد العقوبات التى حلت بأعتى الأمم كما ذكر الله تعالى في كتابه قال تعالى (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ) (البقرة: 65).

و قال تعالى (وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَن مَّنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ) (القصص: 82).

فهل يظن ظان أن الله تعالى يوقع بهؤلاء القوم مثل هذه العقوبات لمجرد أمر أقصى أحواله أن مكروه هذا لا يقوله طالب علم فضلا عن عالم فمن تدبر ألفاظ الأحاديث علم يقينا أن مثل هذا لا يكون أبدا إلا لمحرم و حتى لو قيل يأن العقوبة لمجموع هذه المحرمات و لكن يلزم من لفظ الحديث أن للمعازف أثر في هذه العقوبة و إلا لما كان لذكره فائدة و هذا مجرده يدل على تحريم المعازف فالله تعالى لا يعاقب على فعل المكروه كراهة تنزيه ولا يستحق فاعله العقوبة بإجماع الأصوليين.

قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله (الموضع الثالث قوله تعالى ان نكثوا ايمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا ائمة الكفر وهذه الاية تدل من وجوه

احدها ان مجرد نكث الايمان مقتض للمقاتلة وانما ذكر الطعن في الدين وافرده بالذكر تخصيصا له بالذكر وبيانا لانهم من اقوى الاسباب الموجبة للقتال ولهذا يغلظ على الطاعن في الدين من العقوبة ما لايغلظ على غيره من الناقضين كما سنذكره انشاء الله تعالى او يكون ذكره على سبيل التوضيح وبيان سبب القتال فان الطعن في الدين هو الذي يجب ان يكون داعيا الى قتالهم لتكون كلمة الله هي العليا واما مجرد نكث اليمين فقد يقاتل لاجله شجاعة وحمية ورياء ويكون ذكر الطعن الدين لانه اوجب القتال في هذه الاية بقوله تعالى فقاتلوا أئمة الكفر وبقوله تعالى ألا تقتلون قوما نكثوا أيمانهم وهموا بإخراج الرسول وهم بدءوكم أول مرة الى قوله قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم الاية فيفيد ذلك ان من لم يصدر منه الا مجرد نكث اليمين جاز ان يؤمن ويعاهد واما من طعن في الدين فانه يتعين قتاله وهذه كانت سنة رسول الله فانه كان يندر دماء من اذى الله ورسوله وطعن في الدين وان امسك عن غيره واذا كان نقض العهد وحده موجبا للقتال وان تجرد عن الطعن علم ان الطعن في الدين اما سبب اخر او سبب مستلزم لنقض العهد فانه لابد ان يكون له تاثير في وجوب المقاتله والا كان ذكره ضائعا.

فان قيل هذا يفيد ان من نكث عهده وطعن في الدين يجب قتاله اما من طعن في الدين فقط فلم تتعرض الاية له بل مفهومها انه وحده لا يوجب هذا الحكم لان الحكم المعلق بصفتين لا يجب وجوده عند وجود احدهما

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير