تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و (أيضا (فكون الشىء معلوما من الدين ضرورة أمر اضافي فحديث العهد بالاسلام ومن نشأ ببادية بعيدة قد لا يعلم هذا بالكلية فضلا عن كونه يعلمه بالضرورة وكثير من العلماء يعلم بالضرورة أن النبى سجد للسهو وقضي بالدية على العاقلة وقضى أن الولد للفراش وغير ذلك مما يعلمه الخاصة بالضرورة وأكثر الناس لا يعلمه البتة

(الجواب الثاني (أن يقال الفقه لا يكون فقها الا من المجتهد المستدل وهو قد علم أن هذا الدليل أرجح وهذا الظن أرجح فالفقه هو علمه برجحان هذا الدليل وهذا الظن ليس الفقه قطعه بوجوب العمل أي بما أدى اليه اجتهاده بل هذا القطع من أصول الفقه والأصولي يتكلم فى جنس الأدلة ويتكلم كلاما كليلا فيقول يجب اذا تعارض دليلان أن يحكم بارجحهما ويقول أيضا اذا تعارض العام والخاص فالخاص أرجح واذا تعارض المسند والمرسل فالمسند ارجح ويقول أيضا العام المجرد عن قرائن التخصيص شموله الأفراد أرجح من عدم شموله ويجب العمل بذلك

فأما الفقيه فيتكلم فى دليل معين فى حكم معين مثل أن يقول قوله وطعام الذين آوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم خاص فى أهل الكتاب ومتأخر عن قوله ولا تنكحوا المشركات وتلك الآية لا تتناول أهل الكتاب وان تناولتهم فهذا خاص متأخر فيكون ناسخا ومخصصا فهو يعلم أن دلالة هذا النص على الحل أرجح من دلالة ذلك النص على التحريم وهذا الرجحان معلوم عنده قطعا وهذا الفقه الذي يختص به الفقيه هو علم قطعي لا ظني ومن لم يعلم كان مقلدا للأئمة الأربعة والجمهور الذين جوزوا نكاح الكتابيات واعتقاد المقلد ليس بفقه

ولهذا قال المستدل على أعيانها والفقيه قد استدل على عين الحكم المطلوب والمسؤل عنه وحيث لا يعلم الرجحان فهو متوقف لا قول له وإذا قيل له فقد قال (ولا تمسكوا بعصم الكوافر) قال هذا نزل عام الحديبية والمراد به المشركات فان سبب النزول يدل على أنهن مرادات قطعا وسورة المائدة بعد ذلك فهي خاص متأخر وذاك عام متقدم والخاص المتأخر أرجح من العام المتقدم

ولهذا لما نزل قوله ولا تمسكوا بعصم الكوافر فارق عمر امرأة مشركة وكذلك غيره فدل على انهم كانوا ينكحون المشركات الى حين نزول هذه الآية ولو كانت آية البقرة قد نزلت قبل هذه لم يكن كذلك فدل على أن آية البقرة بعد آية الممتحنة وآية المائدة بعد آية البقرة فهذا النظر وأمثاله هو نظر الفقيه العالم برجحان دليل وظن على دليل وهذا علم لا ظن

فقد تبين أن الظن له أدلة تقتضيه وان العالم إنما يعلم بما يوجب العلم بالرجحان لا بنفس الظن إلا إذا علم رجحانه وأما الظن الذي لا يعلم رجحانه فلا يجوز اتباعه وذلك هو الذي ذم الله به من قال فيه (ان يتبعون الا الظن) فهم لا يتبعون الا الظن ليس عندهم علم ولو كانوا عالمين بأنه ظن راجح لكانوا قد اتبعوا علما لم يكونوا ممن يتبع الا الظن ... ).

و قال رحمه الله في موضع آخر (فالواجب على المجتهد أن يعمل بما يعلم أنه أرجح من غيره وهو العمل بأرجح الدليلين المتعارضين وحينئذ فما عمل الا بالعلم وهذا جواب الحسن البصرى وأبى وغيرهم والقرآن ذم من لا يتبع الا الظن فلم يستند ظنه الى علم بأن هذا أرجح من غيره كما قال (ما لهم به من علم ان يتبعون الا الظن (وقال (هل عندكم من علم فتخرجوه لنا ان تتبعون الا الظن (وهكذا فى سائر المواضع يذم الذين ان يتبعون الا الظن فعندهم ظن مجرد لا علم معه وهم يتبعونه والذي جاءت به الشريعة وعليه عقلاء الناس انهم لا يعلمون الا بعلم بان هذا أرجح من هذا فيعتقدون الرجحان اعتقادا عمليا لكن لا يلزم إذا كان أرجح أن لا يكون المرجوح هو الثابت فى نفس الأمر ... ).

و أنا أكثرت من النقل عن الشيخ رحمه في هذه المسألة لنفاسة كلامه و قوته فقل من تكلم في هذه المسائل بهذه القوة و الوضوح.

ـ[عبد الرحمن بن طلاع المخلف]ــــــــ[17 - 09 - 04, 05:43 م]ـ

قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله (وإذا كان الرجل متبعا لأبى حنيفة أو مالك أو الشافعى أو أحمد ورأى فى بعض المسائل أن مذهب غيره أقوى فإتبعه كان قد أحسن فى ذلك ولم يقدح ذلك فى دينه ولا عدالته بلا نزاع بل هذا أولى بالحق وأحب إلى الله ورسوله ممن يتعصب لواحد معين غير النبى كمن يتعصب لمالك أو الشافعى أو أحمد أو أبى حنيفة ويرى أن قول هذا المعين هو الصواب الذى ينبغى إتباعه دون قول الإمام الذى خالفه فمن فعل هذا كان جاهلا ضالا بل قد يكون كافرا فإنه متى إعتقد أنه يجب على الناس إتباع واحد بعينه من هؤلاء الأئمة دون الإمام الآخر فإنه يجب أن يستتاب فإن تاب وإلا قتل بل غاية ما يقال أنه يسوغ أو ينبغى أو يجب على العامى أن يقلد واحد لا بعينه من غير تعيين زيد ولا عمرو

وأما أن يقول قائل إنه يجب على العامة تقليد فلان أو فلان فهذا لا يقوله مسلم) المجموع (22 /

248 - 249).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير