تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كخاتم الفضة وحلية النساء وما أبيح من حلية السلاح وغيرها - فالعاقل لا يبيع هذه بوزنها من جنسها فإنه سفه وإضاعة للصنعة " [إعلام الموقعين 2/ 159]

ثانيا: أن علة الثمنية لا زالت قائمة في تلك الأواني، فإنه يشترى بها ويباع، وإذا كان كذلك فإنه يجري فيها الربا بنوعيه، بخلاف الحلي المصوغة فإنها خرجت عن الثمنية فصارت كالعروض.

4 - ما رواه مجاهد قال:" كنت مع ابن عمر فجاء صائغ فقال له يا أبا عبد الرحمن إني أصوغ الذهب ثم أبيع شيئا من ذلك بأكثر من وزنه على قدر عمل يدي، فنهاه ابن عمر عن ذلك، فجعل الصائغ يرد عليه المسألة وابن عمر ينهاه حتى انتهى إلى باب المسجد إلى دابة يركبها، فقال ابن عمر: الدينار بالدينار والدرهم بالدرهم لا فضل بينهما هذا عهد نبينا صلى الله عليه وسلم إلينا وعهدنا إليكم " [هق 5/ 279، 292، ك 1325، وفيه حميد بن قيس المكي: ليس به بأس، وقال في كتاب ما صح من آثار الصحابة في الفقه:" صحيح " 2/ 917]

وأجيب بأن ظاهر الأثر أنه كان يصوغه إلى دنانير، وهذه الصنعة غير مراعاة إجماعا للمصلحة العامة المقصودة منها، ولا يعقل أن يأمره بإهمال صنعته، فإن فيه إضاعة للصنعة، وهو سفه.

5 - أن الذهب المستعمل أو المصنع شبيه بالتمر الرديء، ومع ذلك فالتمر الرديء لا يجوز بيعه بالتمر الجيد إلا متماثلا.

وأجيب عنه بأن بينهما فرقا، فإن الرداءة في التمر صفة خلقية - أي من خلقته - وليست من صنع الآدمي، وأما هذه الصنعة فإنها صنعة آدمي، ويحتاج إلى أن يأخذ عليها أجرا، ثم إن العلة في تحريم ربا الفضل والنسيئة في الذهب والفضة كونهما أثمانا، والحلي المصنع ليس بثمني، فيشبه الجواهر ونحوها.

القول الثاني: وهو قول شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم أنه يجوز التفاضل والنسيئة بين المصوغ وغير المصوغ، واستدلوا بما يلي:

1 - أن الذهب والفضة قد خرجا عن الثمنية بالصنعة، فهما من جنس الثياب أو عروض التجارة، ولذلك لا يشترى بهما ولا يباع إلا مع أهله المختصين به الذين يعيدونه إلى أصله.

2 - أن تاجر الحلي لا يمكنه أن يبيعه بذهب غير مصنع مع التماثل، فإنه حينئذ يذهب أجرة صنعته، وحينئذ فيحتاج المشتري إلى أن يأتيه بدراهم وفي هذا مشقة، وربا الفضل يباح عند الحاجة كما أجازته الشريعة في العرايا، والحاجة هنا ظاهرة، قال ابن القيم:" يوضحه أن تحريم ربا الفضل إنما كان سدا للذريعة ... وما حرم سدا للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة، كما أبيحت العرايا من ربا الفضل، وكما أبيحت ذوات الأسباب من الصلاة بعد الفجر والعصر، وكما أبيح النظر للخاطب والشاهد والطبيب والمعامل من جملة النظر المحرم، وكذلك تحريم الذهب والحرير على الرجال حرم لسد ذريعة التشبيه بالنساء الملعون فاعله، وأبيح منه ما تدعو إليه الحاجة، وكذلك ينبغي أن يباح بيع الحلية المصوغة صياغة مباحة بأكثر من وزنها , لأن الحاجة تدعو إلى ذلك، وتحريم التفاضل إنما كان سدا للذريعة , فهذا محض القياس ومقتضى أصول الشرع، ولا تتم مصلحة الناس إلا به أو بالحيل، والحيل باطلة في الشرع " [إعلام الموقعين 2/ 161]

وهذا هو القول قال عنه في الإنصاف:" وعليه عمل الناس " [5/ 14]، لكن قيده شيخ الإسلام بقيد وهو ألا يكون شراء الحلي بقصد ثمنيتها، وهذا القيد ظاهر، ويدل عليه ما سبق في الجواب عن حديث فضالة بن عبيد، فإن اشترى رجل من آخر حليا من ذهب إلى سنة بألف درهم، وهو لا يريد الحلي للبس بل يريده للبيع فإن هذا لا يجوز، حتى على القول بجواز التورق، لأنه لما أراد بيعه كانت الثمنية مراعاة فيه، فحرم فيه الربا بنوعيه.

فإن قيل: إذا قلتم إن الحلي قد خرجت عن الثمنية وأصبحت مثل الملابس وغيرها، فهل تقولون حينئذ إنه لا زكاة فيها؟

فالجواب: لا، نقول إن في الحلي الزكاة على الراجح، والفرق أن وجوب على جريان الربا في الذهب والفضة هي الثمنية، بينما علة وجوب الزكاة في الذهب والفضة كونهما ذهبا وفضة، فظهر الفرق بين القسمين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير