تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

مستعدات للعلوق الذي هو مبدأ الإنتاج. ومن هذا التقرير يُعلم أن اكتفاء الرجل

بامرأة واحدة تستلزم أن يكون في أيام طويلة مندفعًا بطبيعته إلى الإفضاء إليها،

وهي غير مستعدة لقبوله، أظهرها أيام الحيض والإثقال بالحمل والنفاس، وأقلها

ظهور أيام الرضاع لا سيما الأولى والأيام الأخيرة من أيام طُهْرها، وقد يُنَازَع في

هذه لغلبة العادة فيها على الطبيعة.

وأما اكتفاء المرأة برجل واحد، فلا مانع منه

في طبيعتها ولا لمصلحة النسل , بل هو الموافق لذلك؛ إذ لا تكون المرأة في حال

مستعدة فيها لملامسة الرجل، وهو غير مستعد ما داما في اعتدال مزاجهما، ولا

نذكر المرض؛ لأن الزوجين يستويان فيه، ومن حقوق الزوجية وآدابها أن يكون

لأحدهما شغل بتمريض الآخر في وقت مصابه عن السعي وراء لذَّته. وقد ذكر عن

بعض محققي الأوربيين أن تعدد الأزواج الذي وُجِدَ في بعض القبائل المتوحشة كان

سببه قلة البنات لوأد الرجال إياهنَّ في ذلك العصر - فهذه مقدمة خامسة.

بعد هذا كله أَجِلْ طرفك معي في تاريخ الأمة العربية قبل الإسلام؛ تجد أنها

كانت قد ارتقت إلى أن صار فيها الزواج الشرعي هو الأصل في تكوُّن البيوت،

وأن الرجل هو عمود البيت وأصل النسب , وأن تعدد الزوجات لم يكن محدودًا

بعدد، ولا مقيدًا بشرط، وأن اختلاف عدة رجال إلى امرأة واحدة يعدُّ من الزنا

المذموم، وأن الزنا على كثرته يكاد يكون خاصًّا بالإماء، وقلما يأتيه الحرائر إلا

أن يأذن الرجل لامرأته بأن تستبضع من رجل يعجبها ابتغاء نجابة الولد ? وأن

الزنا لم يكن مَعِيبًا ولا عارًّا صدوره من الرجل، وإنما يعاب من حرائر النساء.

وقد حظر الإسلام الزنا على الرجال والنساء جميعًا حتى الإماء , فكان من الصعب

جدًّا على الرجال قبول الإسلام والعمل به مع هذا الحجر بدون إباحة تعدد الزوجات،

ولولا ذلك لاستُبِيح الزنا في بلاد الإسلام، كما هو مباح في بلاد الإفرنج. فهذه مقدمة

سادسة.

ولا تنس مع العلم بهذه المسائل أن غاية الترقي في نظام الاجتماع وسعادة

البيوت (العائلات) أن يكون تكون البيت من زوجَيْن فقط، يعطي كل منها الآخر

ميثاقًا غليظًا على الحب والإخلاص والثقة والاختصاص , حتى إذا ما رزقا أولادًا

كانت عنايتهما مُتّفقة على حسن تربيتهم ليكونوا قرة عين لهما , ويكونا قدوة صالحة

لهم في الوفاق والوئام والحب والإخلاص - فهذه مقدمة سابعة.

فإذا أنعمت النظر في هذه المقدمات كلها، وعرفت أصلها؛ تنجلي لك هذه

النتيجة أو النتائج: هي أن الأصل في السعادة الزوجية، والحياة البيتية هو أن

يكون للرجل زوجة واحدة، وأن هذا غاية الارتقاء البشري في بابه والكمال الذي

ينبغي أن يربى الناس عليه ويقتنعوا به، وأنه قد يعرض له ما يحول دون أخذ

الناس كلهم به، وتمس الحاجة إلى كفالة الرجل الواحد أكثر من امرأة واحدة، وأن

ذلك قد يكون لمصلحة الأفراد من الرجال , كأن يتزوج الرجل بامرأة عاقر فيضطر

إلى غيرها لأجل النسل، ويكون من مصلحتها أو مصلحتهما معًا أن لا يطلقها

وترضى بأن يتزوج بغيرها لا سيما؛ إذا كان ملكًا أو أميرًا أو تدخل المرأة في سن

اليأس , ويرى الرجل أنه مستعد للإعقاب من غيرها، وهو قادر على القيام بأود

غير واحدة وكفاية أولاد كثيرين وتربيتهم، أو يرى أن المرأة الوحدة لا تكفي

لإحصانه؛ لأن مزاجه يدفعه إلى كثرة الإفضاء ومزاجها بالعكس , أو أن تكون فاركًا

منشاصًا (أي تكره الزوج) أو يكون زمن حيضها طويلاً ينتهي إلى خمسة عشر

يومًا في الشهر، ويرى نفسه مضطرًا لأحد الأمرين التزوج بثانية، أو الزنا الذي

يضيع الدين والمال والصحة، ويكون شرًّا على الزوجة من ضم واحدة إليها مع

العدل بينهما كما هو شرط الإباحة في الإسلام , ولذلك استبيح الزنا في البلاد التي

منع فيها التعدد بالمرة.

وقد يكون التعدد لمصلحة الأمة كأن تكثر فيها النساء كثرة فاحشة كما هو

الواقع في كل البلاد الإنكليزية , أو تقع حرب مجتاحة تذهب بالألوف الكثيرة من

الرجال فيزيد عدد النساء زيادة فاحشة تضطرهن إلى الكسب والسعي في حاج

الطبيعة، ولا بضاعة لأكثرهن في الكسب إلا أبضاعهن. وإذا هن بذلنها فلا يخفى

على الناظر ما وراءها من الشقاء على المرأة لا كافل لها إذا اضطرت إلى القيام

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير