تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

30 - لو اشترى رجلٌ شاةً بنيّة الأضحيّة فعجفت عنده عجفاً بيّناً لم تجزئه، إن كان عند الشّراء موسراً مقيماً، وكان شراؤه إيّاها في وقت الوجوب، لما سبق من أنّ شراءه للأضحيّة لا يوجبها، لأنّه تجب عليه أضحيّةٌ في ذمّته بأصل الشّرع، وإنّما أقام ما اشتراه مقام ما في الذّمّة، فإذا نقص لم يصلح لهذه الإقامة فيبقى ما في ذمّته بحاله. فإن كان عند الشّراء فقيراً، أو غنيّاً مسافراً، أو غنيّاً مقيماً، واشتراها قبل وقت النّحر، أجزأته في هذه الصّور كلّها، لأنّه لم تكن في ذمّته أضحيّةٌ واجبةٌ وقت الشّراء، فكان الشّراء بنيّة التّضحية إيجاباً لها بمنزلة نذر الأضحيّة المعيّنة، فكان نقصانها كهلاكها يسقط به إيجابها. ويعلم من هذا أنّ الفقير أو الغنيّ لو أوجب على نفسه بالنّذر أضحيّةً غير معيّنةٍ، ثمّ اشترى شاةً بنيّة التّضحية، فتعيّبت، لم تجزئ، لأنّ الشّراء في هذه الحالة ليس إيجاباً، وإنّما هو إقامةٌ لما يشتريه مقام الواجب. ومن شرط الإقامة السّلامة، فإذا لم تجزئ إقامتها مقام الواجب بقي الواجب في ذمّته كما كان. وكالشّاة الّتي عجفت بعد الشّراء، كلّ النّعم الّتي يحدث لها بعد الشّراء عيبٌ مخلٌّ، أو تموت، أو تسرق، ففيها التّفصيل السّابق.

31 - ولو قدّم المضحّي أضحيّةً ليذبحها، فاضطربت في المكان الّذي يذبحها فيه، فانكسرت رجلها، أو انقلبت فأصابتها الشّفرة في عينها فاعورّت أجزأته، لأنّ هذا ممّا لا يمكن الاحتراز عنه، لأنّ الشّاة تضطرب عادةً، فتلحقها العيوب من اضطرابها. هذا مذهب الحنفيّة. وذهب المالكيّة إلى أنّ الأضحيّة المعيّنة بالنّذر أو بغيره إذا حدث بها عيبٌ مخلٌّ لم تجزئ، وله التّصرّف فيها بالبيع وغيره، وعليه التّضحية بأخرى إن كانت منذورةً، ويسنّ له التّضحية بأخرى إن لم تكن منذورةً. هذا إن تعيّبت قبل الإضجاع للذّبح، أمّا لو تعيّبت بعد الإضجاع له فيجزئ ذبحها.

وقال الشّافعيّة: من أوجب أضحيّةً معيّنةً بالنّذر أو الجعل، ثمّ طرأ عليها - عيبٌ يمنع إجزاءها قبل دخول الوقت الّذي تجزئ فيه التّضحية، أو بعد دخوله وقبل تمكّنه من الذّبح، ولم يقع منه تفريطٌ ولا اعتداءٌ - لم يلزمه بدلها، لزوال ملكه عنها من حين الإيجاب، ويلزمه أن يذبحها في الوقت ويتصدّق بها كالأضحيّة، وإن لم تكن أضحيّةً. وإذا طرأ العيب باعتدائه أو تفريطه أو تأخّره عن الذّبح في أوّل الوقت بلا عذرٍ لزمه ذبحها في الوقت والتّصدّق بها، ولزمه أيضاً أن يضحّي بأخرى لتبرأ ذمّته. ولو اشترى شاةً وأوجبها بالنّذر أو الجعل، ثمّ وجد بها عيباً قديماً، فليس له أن يردّها على البائع، لأنّه زال ملكه عنها بمجرّد الإيجاب، فيتعيّن أن يبقيها، وله أن يأخذ أرش النّقص من البائع، ولا يجب عليه التّصدّق به، لأنّه ملكه، وعليه أن يذبحها في الوقت، ويتصدّق بها كلّها لشبهها بالأضحيّة، وإن لم تكن أضحيّةً، ويسقط عنه الوجوب بهذا الذّبح، ويسنّ له أن يردفها بسليمةٍ، لتحصل له سنّة التّضحية. ولو زال عيبها قبل الذّبح لم تصر أضحيّةً إذ السّلامة لم توجد إلاّ بعد زوال ملكه عنها. ومن عيّن شاةً ليضحّي بها من غير إيجابٍ بنذرٍ ولا جعلٍ، فطرأ عليها عيبٌ مخلٌّ بالإجزاء لم تجزئ التّضحية بها، ولا فرق في طروء العيب بين كونه عند الذّبح أو قبله، فلو أضجع شاةً ليضحّي بها وهي، سليمةٌ فاضطربت، وانكسرت رجلها، أو عرجت تحت السّكّين لم تجزئه على الأصحّ عند الشّافعيّة. ومذهب الحنابلة قريبٌ من مذهب الشّافعيّة، إلاّ أنّهم يقولون: إنّ الواجبة لا يجب التّصدّق بجميعها بل ببعضها، كما أنّهم يقولون بإجزاء التّضحية إذا عيّن شاةً صحيحةً للتّضحية، ثمّ حدث بها عيبٌ يمنع الإجزاء.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير