تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

* ومنها: أن يأكل منها ويطعم ويدّخر، لقوله تعالى: {وأذّن في النّاس بالحجّ يأتوك رجالاً وعلى كلّ ضامرٍ يأتين من كلّ فجٍّ عميقٍ، ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم اللّه في أيّامٍ معلوماتٍ على ما رزقهم من بهيمة الأنعام، فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير}. وقوله عزّ وجلّ: {والبدن جعلناها لكم من شعائر اللّه، لكم فيها خيرٌ، فاذكروا اسم اللّه عليها صوافّ، فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا القانع والمعترّ}.

ولقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا ضحّى أحدكم فليأكل من أضحيّته».

* والأفضل أن يتصدّق بالثّلث، ويتّخذ الثّلث ضيافةً لأقاربه وأصدقائه، ويدّخر الثّلث، وله أن يهب الفقير والغنيّ، وقد صحّ عن ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما في صفة أضحيّة النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «ويطعم أهل بيته الثّلث، ويطعم فقراء جيرانه الثّلث، ويتصدّق على السّؤال بالثّلث». قال الحنفيّة: ولو تصدّق بالكلّ جاز، ولو حبس الكلّ لنفسه جاز، لأنّ القربة في إراقة الدّم، وله أن يزيد في الادّخار عن ثلاث ليالٍ، لأنّ نهي النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن ذلك كان من أجل الدّافّة، وهم جماعةٌ من الفقراء دفّت (أي نزلت) بالمدينة، فأراد النّبيّ صلى الله عليه وسلم أن يتصدّق أهل المدينة عليهم بما فضل عن أضاحيّهم، فنهى عن الادّخار فوق ثلاثة أيّامٍ. ففي حديث عائشة رضي الله عنها أنّها قالت: «قالوا يا رسول اللّه: إنّ النّاس يتّخذون الأسقية من ضحاياهم ويجعلون فيها الودك، قال: وما ذاك؟ قالوا: نهيت أن تؤكل لحوم الأضاحيّ بعد ثلاثٍ، فقال: إنّما نهيتكم من أجل الدّافّة الّتي دفّت، فكلوا، وادّخروا وتصدّقوا». وفي حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه أنّه قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: «من ضحّى منكم فلا يصبحنّ بعد ثالثةٍ وفي بيته منه شيءٌ، فلمّا كان العام المقبل. قالوا يا رسول اللّه نفعل كما فعلنا عام الماضي؟ قال: كلوا وأطعموا وادّخروا، فإنّ ذلك العام كان بالنّاس جهدٌ، فأردت أن تعينوا فيها». وإطعامها والتّصدّق بها أفضل من ادّخارها، إلاّ أن يكون المضحّي ذا عيالٍ وهو غير موسّع الحال، فإنّ الأفضل له حينئذٍ أن يدّخره لعياله توسعةً عليهم، لأنّ حاجته وحاجة عياله مقدّمةٌ على حاجة غيرهم، لقوله صلى الله عليه وسلم: «ابدأ بنفسك فتصدّق عليها، فإن فضل شيءٌ فلأهلك، فإن فضل شيءٌ عن أهلك فلذي قرابتك، فإن فضل عن ذي قرابتك شيءٌ فهكذا وهكذا». هذا مذهب الحنفيّة.

* وهاهنا تنبيهٌ مهمٌّ وهو أنّ أكل المضحّي من الأضحيّة وإطعام الأغنياء والادّخار لعياله تمتنع كلّها عند الحنفيّة في صورٍ.

منها: الأضحيّة المنذورة، وهو مذهب الشّافعيّة أيضاً. وذهب المالكيّة والحنابلة إلى أنّ المنذورة كغيرها في جواز الأكل.

ومنها: أن يمسك عن التّضحية بالشّاة الّتي عيّنها للتّضحية بالنّذر أو بالنّيّة عند الشّراء حتّى تغرب شمس اليوم الثّالث فيجب التّصدّق بها حيّةً.

ومنها: أن يضحّي عن الميّت بأمره فيجب التّصدّق بالأضحيّة كلّها على المختار.

ومنها: أن تلد الأضحيّة فيجب ذبح الولد على قولٍ، وإذا ذبح وجب التّصدّق به كلّه، لأنّه لم يبلغ السّنّ الّتي تجزئ التّضحية فيها، فلا تكون القربة بإراقة دمه، فتعيّن أن تكون القربة بالتّصدّق به، ولهذا قيل: إنّ المستحبّ في الولد التّصدّق به حيّاً.

ومنها: أن يشترك في البدنة سبعةٌ أو أقلّ، وينوي بعضهم بنصيبه القضاء عن أضحيّةٍ فاتته من عامٍ أو أعوامٍ مضت، فيجب على جميع الشّركاء التّصدّق بجميع حصصهم، لأنّ الّذي نوى القضاء لم تصحّ نيّته، فكان نصيبه تطوّعاً محضاً وهو لم ينو التّقرّب بإراقة الدّم، لأنّ من وجب عليه القضاء إنّما يقضي بالتّصدّق بالقيمة، ونصيب المضحّي الّذي نوى القضاء شائعٌ في البدنة كلّها، فلا سبيل للّذي نوى الأداء أن يأكل شيئاً منها، فلا بدّ من التّصدّق بجميعها. وقال المالكيّة: يندب للمضحّي الجمع بين الأكل من أضحيّته والتّصدّق والإهداء بلا حدٍّ في ذلك بثلثٍ ولا غيره ولم يفرّقوا بين منذورةٍ وغيرها. وقال الشّافعيّة: يجب بعد ذبح الأضحيّة الواجبة بالنّذر أو الجعل والمعيّنة عن المنذور في الذّمّة التّصدّق بها كلّها، وأمّا غير

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير