ذهب الجمهور إلى إنه لا يجوز الرَّمي قبل الزوال في أيام التشريق الثلاثة، ومن رمى قبل الزوال أعاده، وممن قال بذلك ابن عمر و الحسن ومالك المدونة: (2/ 183) وشرح ابن بطال: 4/ 415 والثوري و أبو يوسف ومحمد و الشافعي: الأم: (2/ 180) والبيان للعمراني: (4/ 352) و أحمد في المشهور من مذهبه المغني مع الشرح الكبير: (4/ 45) وشرح الزركشي: (3/ 278). و أبو ثور الاستذكار: 4/ 353.
وأجاز أبو حنيفة في المشهور من مذهبه و إسحاق بن راهويه الرمي قبل الزوال في يوم النفر الأخير وهو اليوم الثالث عشر. وذهب إسحاق و أحمد في رواية إلى جواز الرمي قبل الزوال في يوم النفر الأول وهو اليوم الثاني عشر و أجاز أبو حنيفة الرمي قبل الزوال في اليوم الأول و الثاني و قاله استحساناً.
و رمى عبد الله بن الزبير قبل الزوال أخرجه الفاكهي فقال حدثني ابن أبي عمر ثنا سفيان عن عمرو بن دينار، قال: ذهبت أرمي الجمار، فسألت هل رمى عبد الله بن عمر رضي الله عنه فقالوا: لا و لكن قد رمى أمير المؤمنين يعنون ابن الزبير قال عمرو فانتظرت ابن عمر رضي الله عنهما فلما زالت الشمس خرج فأتى الجمرة الأولى ... الخ تاريخ مكة للفاكهي: 2/ 286 و هذا سند صحيح على شرط الشيخين و الفاكهي يكثر من الرواية عن محمد ابن أبي عمر العدني و هو من شيوخه الذين يروي عنهم كثيرا في تاريخه و تاريخه نقل منه الأئمة و لم أجد من طعن فيه و إن كنا لم نجد للفاكهي توثيقا عن إمام من الحفاظ و يقويه رواية أخرى عند الفاكهي أيضا.
وفي الاستذكار لابن عبد البر: (وقد رخّص له أن يرمي في الثالث ضحى وينفر) وقال أيضاً: (ذكر عبد الرزاق قال أخبرنا ابن جريج عن ابن أبي مليكة قال رأيت ابن عباس يرمي مع الظهيرة أو قبلها ثم يصدرُ قال و أخبرنا معمر عن ابن طاووس عن أبيه: قال لا بأس بالرمي يوم النفر ضحى) اهـ.
وقال: عطاء و طاووس و عكرمة يجوز أن يرمي الأيام الثلاثة قبل الزوال كيوم النحر شرح ابن بطال: 4 / و415الحاوي للماوردي: (4/ 194) والبيان للعمراني: (4/ 350) و فتح الباري: (3/ 580) وروي عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر: أنه قال رمي الجمار من طلوع الشمس إلى غروبها. ذكر قول الباقر ابن عبد البر و ابن رشد الاستذكار: 353 و (بداية المجتهد: 1/ 258) و المحب الطبري. القرى لقاصد أم القرى: 524
قال ابن بطال: (وقال عطاء و طاووس يجوز في الأيام الثلاثة قبل الزوال) اهـ. وشرح ابن بطال: 4/ 415
وقال الماوردي: (ووقتُ الرمي في هذه الأيام الثلاثة بعد زوال الشمس فإن رمى قبله لم يجز، وقال طاوس و عكرمة يجوز أن يرمي قبل الزوال كيوم النحر): الحاوي للماوردي: (4/ 194) والبيان للعمراني: (4/ 350) و فتح الباري: (3/ 580)
تنبيه: في تحرير قول أبي جنيفة و إسحاق بن راهويه و ما جاء عن أحمد رحمهم الله:
فقد فَصَّل أبو حنيفة في رواية عنه و إسحاق فأجازوا الرمي قبل الزوال في يوم النفر الأخير ولم يجيزوه قبله، قال إسحاق بن منصور الكوسج في مسائله لأحمد و إسحاق: (قلت: متى ترمى الجمار قال: (يعني الإمام أحمد): في الأيام الثلاثة ترمى بعد الزوال قال إسحاق: كما قال: وان رمى قبل الزوال في اليوم الأول والثاني أعاد الرمي،وأما اليوم الثالث فإن رمى قبل الزوال أجزأه) اهـ. مسائل إسحاق الكوسج: 1/ 536
وقال إسحاق الكوسج أيضا في موضع آخر: (قلتُ: -يعني لأحمد – إذا رمى قبل الزوال يعيد الرمي؟ قال نعم، يعيد الرمي إلا يوم النحر، قال إسحاق كما قال) اهـ. مسائل الكوسج: 1/ 566
و هذه المسألة الأخيرة لم يفصّل فيها اسحاق بن رهويه مذهبه فهي مجملة يقدّم عليها قوله المبيّن، فإن السائل واحد في زمان يظهر أنه متقاربٌ و قد حكى الأئمة عن إسحاق كقول أبي حنيفة القول بجواز الرمي في اليوم الثالث قبل الزوال يعني يوم النفر الأخير.
و مثلها: قول إسحاق الكوسج أيضا: (قال سفيان:من رمى قبل الزوال قال يعيد الرمي. قال أحمد نعم قال إسحاق: كما قال) اهـ. رقم (1652 / صـ 592)
¥