تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

،عدل في نفسه مأمون عليه، لقوله تعالى "وليكتب بينكم كاتب

بالعدل" [10].

وقد ذكر الغرناطي في وثائقه ان من ضوابط فقه الوثيقة هو ان

يكون من وثقها عالما بفقه الوثيقة ضالعا في أحكامها [11].

وزاد غيره ان يكون عالما بالترسيل، لأنها صناعة إنشاء ولانه

–كما جاء في شرح البناني في التوثيق-قد يرد عليه ما لم يسبق

بمثاله ولا حدا على مقاله [12].

وفي عصرنا الحاضر استجدت عقود وتصرفات مما يستلزم مسايرة

التطورات الجديدة على مستوى المعاملات المالية والاقتصادية

والتجارية ومواكبة ما يجد فيها من تغييرات على مستوى المضمون

والمحتوى مع مراعاة خصوصية الوثيقة في جانبها الشكلي والتعبيري.

ب-علما الفرائض والحساب:

سبقت الإشارة إلى ان علم الفرائض من العلوم التي تتوقف

عليها صياغة الوثيقة وكتابتها وتحريرها.

اما الحساب فانه لازم لعلم المواريث خصوصا في باب قسم

التركات وتصحيح الفرائض بعد حصر عدد ورثة الهالك وإحصاء ممتلكاته

واعطاء ذوي الفروض وأصحاب التعصيب ما يستحقونه من تركة مورثهم.

ومن باب الطرائف التي تنم عن جهل بعض المو ثقين بأحكام

الفرائض ومبادئه ما ذكره ابن كوثر ان " رجلا كان يوثق وثيقة

تتعلق بالاراثة فقال ": وأحاط بميراثه في علم البينة أبواه

وأخواه،فلم يعرف الحاجب من المحجوب "، ومن المعلوم في علم

الميراث ان الأب يحجب الاخوة، ولذا لا ينبغي ان يجتمع معهم في

وثيقة الاراثة.

وفي باب الحساب كتب آخر كتابة عقدها كاتب فلان عبده فلانا

بتسعين مثقالا نجمها على ستة انجم معتدلة يؤدي اليه عند اقتضاء

كل نجم ثلاثة عشر مثقالا غير ثلث، فليت شعري كيف يكون سدس

التسعين ثلاثة عشر غير ثلث .. ؟ [13]

وبالجملة فان صياغة الوثيقة العدلية تتوقف على علمي الفرائض

والحساب خصوصا في باب تصحيح الفريضة، وقسمة التركة وتوحيد

المقامات وإزالة الانكسار وتقويم الممتلكات وإحصائها …

ج-الاقضية والأحكام:

ارتبط علم التوثيق بعلم الفقه والاقضية أيما ارتباط،وتعلق

بهما أيما تعلق، وما الوثائق الاثمرة الفقه، ويلاحظ هذا في

تراجم فقهاء المذهب المالكي الذين نبغوا في هذا العلم،فهم فقهاء

اجلاء،وقضاة فضلاء، حملوا لواء هذا العلم وقادوا مسيرته،

وواصلوا حلقاته منذ ان ظهر في الأندلس في القرن الثالث الهجري

وربما قبله،ولعل تطور هذا الفن لدى المالكية في الأندلس والمغرب

في القرون اللاحقة نابع من التطورات السياسية والاجتماعية

والاقتصادية التي عرفتها هذه البلاد منذ وقت مبكر، مما اسهم في

إذكاء هذا الفن وبروزه إلى ميدان المعاملات بشكل جلي، وظهرت

أشكال جديدة من الوثائق والعقود والرسوم لم تكن معروفة لدى

الموثقين الأوائل، مما عزز الوثيقة العدلية وجعلها حجة يستنير

بها القاضي والحاكم في مجال التوثيق والإثبات، ولبعض الأدباء

مثنيا على علم التوثيق:

حمدت لكتاب الوثيقة صنعتي وليس بكتاب

الوثيقة ما يذم

لأقلامهم طول الزمان تصرف مع البيع والتزويج

والقرض والسلم

فلله كتاب الوثيقة انهم -- بأرزاقهم في كل

يوم جرى القلم [14]

ومما يؤكد ارتباط علم التوثيق بالفقه هو اختلاف الفقهاء حول

الأمر الوارد في كتابة وتوثيق عقود الاسرة وعقود المعاملات

والبيوعات في آية المداينة التي أشرنا إليها سابقا (يايها الذين

آمنوا اذا تداينتم بدين إلى اجل مسمى فاكتبوه) هل هو على الندب

والاستحباب ام هو على الفرض والوجوب؟:

فجمهور علماء الشريعة –ومنهم فقهاء المذهب المالكي – ذهبوا

إلى ان الأمر الوارد في الآية أمر ندب واستحباب،وليس أمر حتم

ووجوب.

وذهب فقهاء آخرون إلى ان قوله تعالى (فاكتبوه) أمر دال على

الفرض والوجوب مما يستتبع ضرورة ووجوب توثيق كل العقود

والمعاملات والمداينات، وممن قال بهذا الرأي: الامام الضحاك

وابن جريج والطبري واخرون [15].

وقد أخذت مدونة الاسرة برأي غير الجمهور ونصت على وجوب

توثيق عقد الزواج حفظا للحقوق من الجحود والضياع [16].

2. الأسس اللغوية:

يشترط الموثقون –لكي تكون الوثيقة صحيحة-ان تصاغ بلغة صحيحة

وواضحة،لكن ذلك يتوقف عندهم على سلامة العبارة التي تكتب بها

الوثيقة من اي إبهام أو غموض أو احتمال ولذلك يقول علماء الأصول

:الدليل اذا تطرق اليه الاحتمال القوي المعتبر بطل به الاستدلال

،اي اذا تردد الدليل بين الإمكان وعدمه،بطل به الاستدلال على

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير