الإمكان أو على الإبطال [17].
كما ان لفظ التشارك قد يثير الارتباك بالنسبة للمتعاقدين أو
أمام القضاء عندما يثور النزاع حول موضوع الوثيقة.
وهذا الاحتراز عند الموثقين يفسره كذلك اهتمامهم بشرح ألفاظ
الوثيقة وعباراتها وما يتخللها من ضمائر ومرجعها، ويشددون على
ضرورة الابتعاد عن العبارات العامة، وتفادي الإجمال والاحتمال
والاشتراك والاختلاف عند الفقها، وبهذا كله يتحقق الغرض المقصود
من الوثيقة من الاحتياط والتوثق [18].
وهذا الضبط اللغوي يستلزم من الموثق ان يكون عالما بفقه
الوثائق عالما بنصوصها، بارعا في الإنشاء، لانه يحتاج إلى ذلك
، وان يكون سالما من اللحن الذي يغير المعنى، لان صناعة الوثيقة
–كما قال ابن فرحون المالكي في تبصرته -"صناعة جليلة شريفة،
وبضاعة عالية منيفة، تحتوي ضبط أمور الناس على القوانين الشرعية
، وحفظ دماء المسلمين واموالهم، والاطلاع على أسرارهم وأحوالهم
، ومجالسة الملوك، والاطلاع على أمورهم وعيالهم، وبغير هذه
الصناعة لا ينال احد ذلك، ولا يسلك هذه المسالك " [19].
ونستنتج بعد هذا ان الجانب اللغوي من الجوانب الأساسية التي
يقوم عليها علم التوثيق، وقد ذكر ابن جزي- وهو من المالكية - في
(القوانين الفقهية) [20] ان معرفة اللغة العربية من الشروط
العشر الواجبة في مجال التوثيق.
ويعتبر الجهل باللغة العربية من الا خطاء التي يقع فيها كثير
من الموثقين، فهذا لسان الدين ابن الخطيب يحكي في المسالة مايلي
" ومواضع الغط لقلة المران فيه سبعة: خمسة من جهة اللسان واثنان
من جهة الفقه " [21].
وفي هذا السياق يقول:"فكثيرا ما يكون جبان القلم غير مطوع
العبارة، ولا مستحضرا ما تحتاج اليه الوثيقة من الفقه، وان كان
عالما به بالإجمال .. " [22].
3. الأسس القانونية:
ارتأينا ان نعرج على الأسس القانونية –ونحن نتحدث عن
التوثيق في المذهب المالكي -نظرا لعلاقة مدونة الاسرة بالمذهب
كما ان قانون الالتزامات والعقود المغربي المترجم من القانون
الفرنسي يعود في أصوله إلى مدونة سحنون الكبرى التي أملاها عليه
ابن القاسم تلميذ الامام مالك.
وهكذا يشترط في العدل ان لا يقتصر في معلوماته على المسائل
المرتبطة بالزواج والطلاق والمواريث بل انه مطالب بان يكون ملما
بأحكام قانون الالتزامات والعقود،وقانون التحفيظ العقاري ومدونة
التجارة وقانون الشركات ان هو أراد ان يدخل إلى المنافسة … [23]
ولذلك سنبدأ بأسس التوثيق في القانون المدني والعقاري، ثم
الأسس المتعلقة بالأحوال الشخصية أو الاسرة.
ا-قانون الالتزامات والعقود:
يشكل مجال الإثبات أهم مظهر من مظاهر ارتباط التوثيق
بالتشريع والقضاء والشهادات، وقد تكلم الفقهاء الأقدمون على
قبول الإثبات بالشهود غير العدول اذا كان عدد هم كثيرا يبلغ حد
التواتر بحيث يستحيل تواطؤهم على الكذب، ويحصل بخبرهم العلم
القطعي، ويخبرون عن محسوس لا عن معقول، وتكلموا على إثبات
اللوث في القسامة بلفيف الشهداء اثني عشر فاكثر بدون اشتراط
العدالة الا ستر الحال، وتكلموا على الإثبات بشهادة الصبيان
فيما يحصل بهم بشروط متعددة، وعلى الإثبات بشهادة النساء فيما
يقع بينهن من ضرب وجراح في الماثم والأعراس والحمام [24].
وعلى المستوى القانوني فان المشرع المغربي في قانون
الالتزامات والعقود لم يعرف الإثبات واكتفى بذكر أحكام عامة في
القسم السابع الخاص بإثبات الالتزامات واثبات البراءة منها.
ومن الأحكام العامة التي أوردها المشرع المغربي في الباب
المذكور ان (إثبات الالتزام على مدعيه) الفصل 399ق ل ع.
اما الفصل 400ق ل ع فقد نص على مايلي "اذ1 اثبت المدعي وجود
الالتزام كان على من يدعي انقضاء أو عدم نفاذه تجاهه ان يثبت
ادعاءه.
واعتبر المشرع الحجة الكتابية وشهادة الشهود ضمن وسائل
الإثبات التي يقررها القانون (الفصل 404 ق ل ع).
اما الوثيقة العدلية التي يحررها العدول –وهم ممن لهم صلاحية
التوثيق –فإنها لاتكون رسمية الا اذا خاطب عليها قضاة التوثيق في
المحاكم (راجع الفصل 417) من ق ل ع.
وقد احتفظ المشرع المغربي للوثيقة العدلية بقيمتها
واهميتهاواعتبر ان المحررات المتضمنة لالتزامات أشخاص أميين لا
تكون لها قيمة الا اذا تلقاها موثقون أو موظفون عموميون مأذون
لهم بذلك (الفصل 427).
¥