تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الطريقة الأولى: تحديد حجم الصاع بالمللتر عن طريق قياس حجم وزنه بالجرام؛ وهو (2.035 جرام) من الحنطة الجيدة المتوسطة، وقد قام الباحث خالد السرهيد بوزن ذلك بإناء يقيس الحجم في إدارة المختبرات التابعة لهيئة المواصفات والمقاييس كانت النتيجة (2430) مللتر من البر الجيد المتوسط، أي لتران وأربعمائة وثلاثين مليلتر،

الطريقة الثانية: قياس حفنة الرجل المعتدل الخلقة:

فقد قام بعض الباحثين في الهيئة العربية السعودية للمواصفات والمقاييس بقياس حفنة أربعين رجلاً معتدل الخلقة، فكان المتوسط هو 628 مليلتراً ([30])، وهو ما يعادل مدَّاً فيكون الصاع 628 × 4 = 2512، فيكون الفارق بين هذا الطريق والذي قبله 82 مليلتراً، وهو فارق ليس كبيراً، لا سيما مع صعوبة التحديد الدقيق لوزن الصاع وحجمه.

الطريقة الثالثة: قياس حجم الصاع بالوقوف على أصواع أو أمداد بنوية أثرية من عصور متقدمة، فلمّا لم يكن ذلك، تيسرت لي إجازة مد نبوي، حيث عدلت حجم مدي بمد شيخي ([31])، وعدل هو مده بمد شيخه، وهكذا عدل كل واحد في الإسناد مُده بمد شيخه حتى عُدِل المد بمد زيد بن ثابت، الذي كان يؤدي به الفطر للرسول صلى الله عليه وسلم، وبمعايرة المد الموجود لديَّ بالماء في إدارة مختبرات هيئة المواصفات والمقاييس تبين أن سعته هي 786 مللتراً، فيكون حجم الصاع 786 × 4 = 3144 مليلتراً، ويكون الفرق بينه وبين الطريق الذي قبله 632 مليلتراً، كما أن بينه وبين الطريق الأول 714 مليلتر، وهو فارق ليس يسيراً، ويكون النصاب بناءً على النتيجة الأولى 943.200 لتراً، وقد وجدت أمداد أخرى مسندة إلا أن الفارق بينها وبين المد المذكور ليس كبيراً ([32]).

فيشكل على هذا الطريق التفاوت الكبير بينه وبين الطرق الأخرى، لاسيما مع تطرق الخطأ في صناعة الأمداد ومعادلتها، حيث يتكرر ذلك أكثر من عشرين مرة تقريباً، مما ينتج عنه زيادة أو نقص في الأمداد بلا شك، لا سيما مع عدم توفر المقاييس في العصور السابقة.

ولذا فإن الأخذ بنتيجة هذا الطريق يكون متى غلب على الظن سلامة الأمداد من التفاوت الكبير، كما لو وجد أحد الأمداد أو الأصواع يرجع إلى زمن قديم، وتأكد لنا من إسناده ودقة رجاله، أمَّا والأمر كذلك فالذي يظهر لي الأخذ بالطريقين الأوليين، وأدقُّهما هو الطريق الأول، وبه يتحقق اليقين لكونه الأقل، مع أن الأمر على التقريب لا على التحديد، ذلك أنه لا يمكن ضبط الصاع النبوي على التحديد لعدم وجوده بعينه، أما وزنه ثم نقله فإنه لا يسلم من التفاوت مهما دق الموزن وتماثل ([33]).

كما أن الحسابات مهما بلغت فلا بد فيها من الخلل نتيجة اختلاف المآخذ والأقيسة وهذا هو الموافق لمقاصد الشريعة القائمة على التيسير والذي يتأكد مراعاته هنا لا سيما مع قوله صلى الله عليه وسلم: " إنَّا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب" ([34]).

فما كان من جنس تلك المسائل، وشق ضبطه على التحديد فيكون الأمر فيه على التقريب، ولا يعني ذلك التفريط بل يجب الاجتهاد في الوصول للحق مع عدم اطراح التقادير الأخرى، لاسيما المقاربة والقائمة على أساس معتبر ([35]).

وبهذا تم ما أردت جمعه وتحديده، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.


([1]) المد: هو مكيال ويجمع على أمداد، ومِدَده، ومِداد، قال في القاموس المحيط: المُدْ بالضَّم مكيال وهو رطلان، أو رطل وثلث، أو ملء كفي الإنسان المعتدل إذا ملأهما ومد يديه بهما وبه سمي مداً، وقد جربت ذلك فوجدته صحيحاً (407)، انظر النهاية في غريب الحديث (861).
([2]) المغني 4/ 168، وقال البهوتي: والوسق والصاع والمد مكاييل نقلت إلى الموزن أي قدرت بالوزن؛ لتحفظ فلا يزاد ولا ينقص منها، وتنقل من الحجاز إلى غيره وليست صنجاً «كشاف القناع» 2/ 412، والصنج مأخوذ من صنجة الميزان وهي ما يوزن بها. هـ مختار الصحاح (370).

([3]) الرَّطل – والرِّطل: الذي يوزن به ويكال، والأشهر أنه أداة تستخدم للوزن، وربما استخدم للكيل، ويساوي ثنتا عشرة أوقية؛ بأواقي العرب، والأوقية تساوي أربعين درهماً، انظر القاموس (1300)، ومعجم مقاييس اللغة (2/ 403).
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير